أرى للحديث في ثورات الشعوب المتوالية -في فترة لم تتجاوز الخمسون يوما بعد- دغدة جميلة، من تونس إلى مصر وحتى ليبيا ومن يدري بأي حبلٍ يتشبث الجرار..!
يقينٌ ذاك بأنها مراحل التغيير الأولى، حيث تغلب إرادات الشعوب واقعا مُذلا ما فرض غير دونٍ وهوان.
إذا ما قمنا بمحاكاة هذه الثورات بفرصة عنترة بن شداد لإنهاء عبوديته في كلمة والده ومستعبده " كر وأنت حر" لا نجد الفارق مهولا!
فتسليم الشعوب للاستبداد بأمرها لفاسدٍ مستغل، حقت فيه آية الله "فَا سْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ"
شبيه باستخفاف الجاهلية بكرامة النفس البشرية واستعبادها حين أسلمت بقيادها للريح تلعب بها ذات اليمين وذات الشمال، وكما تفتك بعوضةٌ بجيشٍ ذي لجب..
ترى أبلهًا يحكم بأمر الملايين ويقضي..! أما الآن فعلى شفا حفرةٍ من (تنحي) يبات مرتعشا...!
يخرج وكأنه عنقاءٌ أغمتها كبرياؤها عن تصديق الواقع أو قبوله،، "ثورةٌ ضد النظام" هي كذلك يا أخا العروبة! صدّق أو لا تصدق.. هي تلك ببساطة
جميلٌ في الأمر أن نرى كيف تحولت الأعراب من (ظاهرة صوتية) إلى (ظاهرة ثورية) ائتلف بها القول والفعل سويا كما لم نألفهما مراتٍ كثيرة من قبل...
والحق أحق بالقول من سواه.. فقد اجتاز القوم المراحل الأولى بنجاح وجدارة،، والمصير لا يزال مبهمًا بعد، فأيُّ خَلَفٍ سيخلف وأيُّ أمرٍ سيُقضى...!
أتراها ستشارك أصابعٌ خارجية لتعزف في انتصار الثورة، وتترك شعبا يصفق بيدان فارغتان تنطح إحداهما الأخرة حسرة!!
لتموت الثورة وتضيع الفرصة، فلا هو كرّ ولا هو حر، وبات عنترةٌ من جديد ذاك العبد الأسير؟!
أم سينجح المتسلقون على الثورات في اعتلاء جادات القيادة .؟!
أم ترانا سنكون رهناء "المراحل الإنتقالية" كالتي استمرت خمسٌ وثلاثون عاما في مصر؟؟!
أم ستتأمل الشعوب خيرا بـ "الإخاء الغربي" المنقطع النظير والمساعدات السخية المروضة للثورات؟! لكأن الشعوب تطلب ماءً أو غذاء، وكفى بهما لعيشٍ كريم..!
أم سيكون الشعب ثانيا وثالثا وأخيرا سيد الموقف وحَكَمُه؟؟
أحظى بكل ثائر ألا يترك للوقت خياراته لتلعب بالساحات، ولتسبق الشعوب بجيادها لمطالبها فذاك حقُّ العيش وذاك منتهاه