الكلاب تنهش جثة رضيعة فلسطينية .. وغزة تعاني أزمة قبور مع تزايد أعداد الضحايا
(صورة لرضيعة أخرى قتلها سابقا الطغيان الصهيوني)
اعداد احمد الليثي - مع مرور المزيد من ايام العدوان الاسرائيلي الوحشي على غزة يكتشف العالم صورا مروعة للاهوال والمذابح التي يتعرض لها - ولا يزال - أهل هذا القطاع على ايدي جنود الاحتلال الصهاينة.
ومن المشاهد التي توضح حجم المعاناة الحقيقية التي يعيشها اهالي القطاع ما تعرضت له عائلة العطار التي استهدفتهم قذيفة مدفعية إسرائيلية بعد تجميعهم في فناء منزلهم الواقع شمال بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، التي تخضع لسيطرة عسكرية إسرائيلية.
ويقول سائق الاسعاف كايد أبو عوكل لصحيفة الشرق الأوسط: "لم أرى منظراً أفظع من ذلك، منظرٌ يفوق المشاهد التي رأيتها من أشلاء للشهداء والأطفال منذ بدء العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة".
ويضيف: "شاهدت الطفلة البريئة شهد سعد الله أبو حليمة (عام ونصف العام)، وشقيقيها مطر (17 عاماً)، وآخر مجهول الإسم، وابن عمها محمد حكمت أبو حليمة( 17 عاماً)، التي تغذت على جثثهم الكلاب الضالة على مدار خمسة أيام.
ويتابع أبو عوكل الذي يعمل في مستشفى كمال عدوان الحكومي شمال قطاع غزة: "كثيرة هي المشاهد التي رأيتها على مدار سنوات خدمتي في وزارة الصحة، خصوصاً مشاهد الشهداء الذين يسقطون بقذائف الاحتلال الاسرائيلي على مدار السنوات الماضية، لكنَّ المشهد الذي لا يمكن أن يزول من ذاكرتي هو مشهد تلك الطفلة البريئة من عائلة العطار التي نهشت الكلاب الضالة أطرافها ولم يبق سوى جذعها".
من جهته أكد الصحفي محمد عرب الذي شاهد المنظر أيضاً على أنه لم يشاهد أفظع من هذا المنظر، وقال بأن مظهر الطفلة أذهل جميع من شاهده، من طواقم طبية وصحافيين ومواطنين.
وأضاف أن جثث الطفلة شهد وأهلها بقيت في مكانها في حديقة منزلها لأربعة أيام قبل ان تسمح قوات الاحتلال لطواقم الاسعاف بالوصول للمكان لانتشالها.
وأكد شهود العيان أن باقي أفراد عائلتها اعتقلتهم قوات الاحتلال الاسرائيلي مع العديد من المواطنين في تلك المنطقة.
ويتهدد خطر الموت بقذائف الاحتلال مناطق شمال القطاع الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية منذ بدء عمليتها العسكرية البرية، حيث لا إمدادات غذائية تصلهم ولا كهرباء بينما القذائف والصواريخ الاسرائيلية تتساقط عليهم على مدار الساعة.
أزمة قبور في غزة
ومنذ بدء العدوان وما خلفه من اعداد كبير من القتلى، ظهرت هناك أزمة جديدة، انها أزمة "القبور".
وسبب هذه الازمة ضخامة اعداد الضحايا اضافة الى نقص المواد اللازمة لاعداد القبور، حيث يواجه اهالي غزة منذ اكثر من 21 شهرا، نقصا في كل شيء بدءا في مواد البناء مرورا بالمواد الغذائية والطبية والأدوية والوقود.
ولم يشفع لهؤلاء الضحايا تقطيع أجسادهم إلى أشلاء ممزقة وفي أحيان أخرى محروقة لا معالم لها، من شدة القصف المدفعي والصاروخي الذي تعرضوا له، في أن يجدوا قبرا يُكرموا به.
وامام هذه المشكلة الخطيرة اضطر أهالي بعض القتلى الى دفن موتاهم في قبور اقارب لهم.
وما فاقم الأزمة وجود مقابر قريبة من الحدود مع اسرائيل ولا يستطيع أحد الوصول إليها خشية من استهدافهم من قبل المدفعية والطيران الحربي الاسرائيليين، مما اضطر بعض ألاهالي لدفن موتاهم في قبور أقارب لهم، حيث فتحوا القبور ووضعوا العظام جانباً ليدفنوا الى جانبها جثة جديدة.
ومنعت اسرائيل دخول الاسمنت خلال فترة التهدئة بين حركة حماس وإسرائيل التي انتهت في 19 ديسمبر الماضي بحجة ان فصائل المقاومة تستخدمه في انشاء الأنفاق.
احتلال منازل الفلسطينيين
ودرج الجنود الاسرائيليون عند اقتحام أي بلدة فلسطينية، على السيطرة على أعلى بناية فيها وتحويلها الى نقطة رقابة وقاعدة يتمركز عليها القناصة الذين يقومون باستهداف الاهالي الذين يجرؤون على التحرك في هذه المنطقة.
ولمدة خمسة أيام كاملة، وأسفل مصطبة سلم الدرج الذي يصل الطابق الأرضي بالطابق الأول، وفي مساحة لا تتجاوز 10 أمتار مربعة، تجمع 33 من أفراد عائلة الوحيدي في قرية المغراقة، جنوب مدينة غزة، من دون طعام ولا شراب، بعد أن سيطر الجنود الاسرائيليون على منزلهم وحولوه الى نقطة مراقبة.
ويقول رب الأسرة سالم الوحيدي ان الجنود اقتحموا منزله قبل خمسة أيام، وأجبروا أفراد عائلته ومعظمهم من النساء والأطفال على التجمع أسفل سلم الدرج، وأغلقوا عليهم الباب، ثم صعدوا للطابق العلوي، حيث حولوه الى نقطة مراقبة.
ويضيف الوحيدي أنه في الوقت الذي يتم تزويد الجنود بوجبات الغذاء والفاكهة بشكل منتظم، فأن هؤلاء الجنود يرفضون السماح له بأن يصعد للطابق العلوي لأخذ ما يلزم من الطعام والشراب والعودة به لأفراد عائلته الذين باتوا يتضورون جوعاً.
وقال محمد السليل، من قرية القرارة، شمال خان يونس، جنوب غزة، إن جنود الاحتلال سيطروا على منزله، وحجزوه لثلاثة أيام في إحدى غرف منزله.
وأضاف أنه صار يطرق الباب بعد يوم من الاحتجاز في الغرفة على أمل ان يحضر أي من الجنود ويسمح له بإحضار طعام وشراب من البيت، ودواء لزوجته، لكن لا حياة لمن تنادي في بداية الامر، وبعد ذلك فتحوا له الباب وطلبوا منه الخروج، لينهالوا عليه بالضرب الشديد أمام زوجته وأطفاله الخمسة ووالديه.
وأشار السليل الى أنه بعد أن غادر الجنود المنزل، صعد للطابق العلوي ليجد أنهم قد أحدثوا فتحة كبيرة في أحد الجدران، ثبت فيها القناصة رشاشاتهم ليقنصوا من يتحرك أمامهم من الأهالي.
وأضاف أنه وجد الجنود قد قاموا بإتلاف الأثاث وحطموا جهازي الحاسوب والتلفاز، واقتلعوا أرضية الغرف، فضلاً عن قيامهم ببعض الأعمال المقززة، مثل التبول على الآرائك والفراش.
وأكد بعض العائلات التي استولى الجنود على منازلها، أنها فوجئت بقيامهم بسرقة المجوهرات والنقود قبل مغادرتهم المكان.
كما ان تعمد إحداث دمار وخراب في المنازل التي يسيطرون عليها، هي إحدى آليات عمل الجنود الاسرائيليين.
وعندما يغادر الجنود المنزل الذي يسيطرون عليه، للانتقال الى منزل آخر، فأنهم لا يخرجون من الباب الرئيس، بل ثغرة كبيرة يفتحونها في جدار المنزل، بزعم الخشية من احتمال أن يكون الباب مفخخا بالمتفجرات.
والسيطرة على منازل الفلسطينيين وتحويلها الى نقاط مراقبة وقواعد للقناصة، هي احد الأساليب التي تتبعها القوات الاسرائيلية عندما تتوغل في عمق الأراضي الفلسطينية منذ اندلاع الانتفاضة الأولى أواخر عام 1987.
لكن عندما يتأكد المقاومون الفلسطينيون أن المنازل التي يسيطر عليها الجنود تخلوا من أصحابها، فانها تصبح هدفاً لهم، كما حدث صباح الخميس الماضي، عندما قامت وحدة مختارة في الجيش الإسرائيلي بالسيطرة على منزل يقع شرق مدينة دير البلح، فما كان من عناصر كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس إلا أن هاجموا، وقتلوا قائد الوحدة وجرحوا عددا آخر من أفرادها.
الإسلام للجميع