السلام عليكم
من شأن الشر أن يولد شراً، فلمَ إذاً نندهش لرؤية فراخ الشر وثماره! أهو جهلنا، أم عجزنا، أم هو كسلنا المزمن الذي يمنعنا حتى من تخيل حدوث الأشياء قبل حدوثها.
علامَ تعترض، وبأي وجه حق تطالب بعدم حدوث ما حدث:
" تعابيني بذنبٍ أنت فاعلهُ
وأنت الذي ألفت بين الشاةِ والذيبِ
الشاةُ تعرف أن الذيبَ يأكلها
والذيب يعرفُ ما في الشاةِ من طيبِ "
لكل ما يحدث أسبابه المنطقية، فلمَ أيها الـ تقفُ بنظرك على النتيجة وتترك أسبابها! لمَ تعترض على وجود الذباب، وأنت تعرف أن ثمة مزبلة كبرى جوارك، جلبت لك كل هذا الذباب، فإلامَ تظل تنظر للذباب، وتعجز عن رؤية من خلّفه وكان سبباً في مجيئه.
الآن تقول أنك التفت لأكوام الزبالة حول بيتك، الآن تقول أنك لا توجه حقدك للذباب مباشرة، تقول لي الآن إنك تعرف أن لا ذنب مباشراً للذباب، الذباب كائن حقيقي لا بد أن يحيا ما دامت هناك مزابل. قل إذاً: أنا أقرُّ بأحقية وجود الذباب ما دامت هناك مزبلة ترعاه وتغذيه وتؤويه وتتكفل بحياته. الآن ترى المزبلة سبباً. لا بأس ما زلت في أول الطريق، ما زلت قصير النظر بلومك للمزبلة، لا ذنب للمزبلة، لكن هل ستنحو بلومتك على من رمى زبالته حول بيتك، أرجو ألاّ تفعل ذلك لأنني قد حذرتك قبلاً من أن تظن أن ما يحدث لا يجب أن يحدث، أم أنك تريد أن تقول أن من حقك أن تعترض على خطأ من رمى أوساخه قربك. لا يا صاحبي ليس من شأنك أن تعترض بكلامك ولومك على من تسبب بالزبالة ثم بالذباب الذي يغوغي حول أفواه أطفالك. فلكي تتخلص من شر الذباب لا يكفي أن تحاربه برش مبيداتك، لأنها لن تجدي نفعاً ما دام مصدر الذباب مستعداً لأن ينتج الملايين منها. لكي تقضي على الذباب عليك أن تقضي على مصدره، على الزبالة، ولكي تقضي على الزبالة عليك أن تقضي على مصدرها، لكن من مصدرها، لم لا تكون أنت المصدر، أنت أيها الجبان بجبنك وتخاذلك الذي دفع الأولاد ليتطاولوا عليك، وليرموا أوساخهم حول بيتك، لم لا تكون أنت السبب، لأنك بسبب بخلك أو بسبب جشعك، لم تشتر حاوية الأزبال التي تدفع بالآخرين لوضع أزبالهم فيها. أنت السبب الأساس في الزبالة، لأنك لم تشمر عن ساعديك لتنظف بيتك، أولتعلم أبناءك كيف يرهفون ذوقهم فيتحسسون روح الجمال التي ترفض الروائح الكريهة المنبعثة من الجوار. قل لي بربك كم ليلة غفوت على فوح رائحة زبالتك، تنعم بكوابيسها ليلاً، وبزكامها نهاراً!
لا تلم إلا نفسك، مهما واجهت ما لا تحب في حياتك، فلا تلم إلاّ نفسك، أنت المقتول والقاتل وأنت المفعول والفاعل.
أقتبست لكم هذا المقطع من مقالة طويلة في احدى المواقع , هي فلسفة لكن روعة وفي الصميم :thumbs_up