أنا أتحجب.. وأنت تتأدب
[IMG]http://www.nazme.net/p***os/3523585274_5083101d86.jpg[/IMG]
أ.د. نظمي خليل أبوالعطا موسى
عرضت قناة المحور حلقة عن مجموعة من النساء قمن بإنشاء جمعية شعارها: "أنا لن أتحجب وأنت ستتأدب" ، يقصدن تأدب الشباب مع البنات وعدم التحرش بهن في الشوارع والأسواق والمواصلات، وهذا الشعار لا يحقق الهدف من رفعه، وهو يحمل في طياته عوامل فشله وتحلله الذاتي، فهن يطالبن الشباب بالتأدب معهن ولا يطالبن أنفسهن بالالتزام بالحشمة واللباس الشرعي للمرأة المسلمة . إنهن يردن من الشباب أن يتغير ويطيع أوامرهن ويحترم رغباتهن وحقوقهن في الوقت الذي لا يلزمن فيه أنفسهن بأداء واجباتهن!.. هن يردن من الشباب أن يطيعهن، وهن في الوقت نفسه لا يطعْن الله ورسوله، بل يستحللن السفور ويتشبثن به!.. فعليهن أولاً أن يلتزمن الحشمة واللباس الشرعي ثم يطالبن الآخرين بالتأدب معهن.. ونحن نذكرهن بقول الله تعالى: "وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ " (النور 31)، وقال الله تعالى: "َيا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً{59} " (الأحزاب 59)، ونذكرهن بقول الله تعالى: " فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً{32}" (الأحزاب 32)، فبذلك يعرفن أنهن مسلمات مؤمنات طيبات عفيفات لا يقبلن المعاكسة أو المخادنة أو إغضاب الله ولا يطمع فيهن مريض القلب سيئ الخلق والتربية.
وفي الوقت نفسه نطالب الرجال - والشباب منهم بالذات - بغضّ البصر، لقول الله تعالى: "قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ{30} " (النور 30)،ونطالبهم بالهدي النبوي: "اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن" رواه الترمذي. "حيثما كنت": في البيت، والشارع، والسيارة، والمدرسة والجامعة، والسوق، والعمل، وعلى الانترنت، ومنفردا أو مع جماعة.
نحن نطالب النساء والبنات بأن يراعين الله سبحانه وتعالى حتى ولو كن غير سافرات - أي محجبات - في اللباس الشرعي الذي يجب ألا يشف ولا يكشف ولا يجسّد ولا يلفت الأنظار ولا يحرك النفوس بتعطره ومنظره، فقبل أن نطالب الناس بحقوقنا علينا أن نقوم أولا بواجباتنا.
الكلمة الطيبة، والسلوك القويم، والنية الخالصة، من سمات المسلمين كل المسلمين الذكور والإناث، وما لا ترضاه لأمك أو لأختك أو لعمتك أو لخالتك أو لجدتك أو لابنة أخيك أو لابنة أختك لا ترضاه لبنات الناس.
من الخير لنا في الدنيا والآخرة أن نراقب الله الذي منّ علينا بالجسم الجميل والعقل السليم، ومن شكْر هذه النعم استعمالها فيما يرضي خالقها، وعلينا أن نتذكر أن الكفر بالنعم واستعمالها فيغير ما خلقت له يزيل النعم، والإنسان في لحظات يفقد حياته ويفقد صحته ويفقد عقله، فحادث مروري واحد قد يزيل النعم، وفيروس ضعيف قد يحطم حياة الإنسان.
علينا أن نتمتع بالحياة وبنعمها، فالأصل في الأشياء الحِلّ والحلال، فكل الأشياء حلال ما لميأت نص من الله أو رسوله قطعي الدلالة (لا يحتمل التأويل) قطعي الثبوت يحرمها، وهذا معناه أن الحلال مطلق وغير مقيد، وهو واسع المجال، والحرام مقيد بالنصوص القطعية الدلالة القطعية الثبوت، وهو ضيق المجال، وهذا من نعم الله علينا.
يا شباب نحن جميعا ندفع ثمن التسيب في حياتنا، وندفع ثمن عدم الالتزام , وثمن الشذوذ والإفساد في الأرض، والله تعالى يقول: "وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ{77}" (القصص 77)، وهو القائل: "وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْك" (القصص 77). فإذا أحسن الله إليك بالصحة فاستخدمها فيما ينفعك وينفع الناس ويرض الله سبحانه وتعالى، وإذا أحسن الله إليك بالوجه الحسن والجلد الحسن فأحسن بطاعة الله بوجهك وجلدك، وإذا أحسن الله إليك بنعمة المال فاستخدمها في الحلال، وإذا أنعم عليك بنعمة البصر فاستخدمها في النظر الحلال وأبعدها عن الحرام.
على كل منا أن يلزم نفسه بالقيام بواجباته في الحياة بما يرضي الله، ثم يطالب الآخرين بواجباتهم تجاهه، وعلينا قبل أن نطالب بحقوقنا أن نلتزم بحقوق الآخرين، وهناك فوارق بين الحرية والفوضى، فالحرية تنتهي عندما تنتهك حقوق الآخرين وحريتهم، أما الفوضى فلا تعترف بالنظام أو الحقوق أو الواجبات.
نحن أمة أخرجها الله سبحانه وتعالى للناس لنأمر بالمعروف وننهى عن المنكر , ولنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد. نحن أمة أخرجها الله لإخراج العباد من فوضى الشهوات والمحرمات إلى القضاء الشرعي للشهوات والبعد عن المحرمات.
آمل أن يتغير اسم الجمعية من قولهن "أنا لن أتحجبو أنت ستتأدب" إلى المقولة الجميلة العادلة: "أنا أتحجب.. وأنت تتأدب"، وبذلك يلزم كل منا واجباته وتلبى طلباته الشرعية والقانونية والاجتماعية والتربوية والخلقية."أبو أحمد"