مقاصد البلاء
والآن لنتعرف على بعض مقاصد البلاء والغاية منه، وهو الجانب الأهم من الموضوع؛ لأنه يُعين المرء على فهم البلاء الذي نزل بساحته، ولماذا نزل به أو بغيره، وما الحكمة منه.
· لتمحيص النفوس ولرفع مقامات ودرجات العبد عند ربه
قال تعالى:) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ( محمد:31.
عن سعد بن أبي وقاص، قال: قلت يا رسول الله أي الناس أشد بلاء؟ قال:" الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يُبتلى العبد على حسب دينه؛ فإن كان في دينهصلباً اشتد بلاؤه وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه ..
· ليُطهِّرَ العبدَ ويُكفِّرَ عنه ذنوبه وخطاياه
قال تعالى:)وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (الشورى:30.
قال r:" ما يُصيبُ المؤمنَ من نصَبٍ ـ تعب ـ، ولا وصَبٍ ـ مرض ـ ولا همٍّ ولا حزَنٍ، ولا أذىً ولا غمٍّ، حتى الشوكَة يُشاكها؛ إلا كفَّرَ اللهُ بها من خطاياه ".
· ليُعيد العبد إلى خالقه
)وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ( الأنعام:42
عن النبي r أنه قال:" ألا تسألوني مما ضحكت؟ قلنا يا رسول الله مما ضحكت؟ قال: رأيت ناساً من أمتي يُساقون إلى الجنة في السلاسل ما أكرهها إليهم! قلنا من هم؟ قال: قوم من العجم يسبيهم المهاجرون فيدخلون في الإسلام "
· لتعرف نعمة وفضل الله عليك
قال تعالى:) فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ( النمل:40
عن النبي r أنه قال:" من رأى مبتلىً، فقال: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاه به، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً، لم يصبه ذلك الأذى ".
· لدفع بلاءٍ أشد
قال تعالى:)وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ( المؤمنون:75
قال r:" إذا أراد الله بعبده الخيرَ عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد بعبده الشر أمسكَ عنه بذنبه حتى يوافى به يوم القيامة ".
· ومنه ما ينزل عقوبة وانتقاماً
قال تعالى:) وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً (الإسراء:16.
قال r:" يا معشر المهاجرين خمسٌ إذا ابتليتم بهنَّ وأعوذ بالله أن تُدركوهنَّ: لم تظهر الفاحشةُ في قومٍ قط، حتى يُعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاعُ التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضَوا. ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أُخذوا بالسنين ـ أي بالقحط ـ وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم. ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطرَ من السماء، ولولا البهائم لم يُمطروا. ولم ينقضوا عهدَ الله وعهدَ رسوله إلا سلط الله عليهم عدواً من غيرهم، فأخذوا بعض ما في أيديهم. وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله، ويتخيرون مما أنزل الله، إلا جعل الله بأسَهم بينهم "