أثناء تصفحي لبعض المواقع علي شبكة الانترنت قدر الله لي ان أجد بعض الكتابات أظن انها مفيدة لاحياء الامة الاسلامية النائمة و التي أصبحت في ذيل القافلة البشرية بعدما كانت قائدة عظيمة للبشرية. الله اسال ان تنال رضي الله و يستفيد منها القراء و للعلم فالكلام ليس موجه لجماعة بعينها و لا حزب معين و لكن موجه لكل مسلم
و نبدأ بمقال من مجلة البيان و هي مجلة اسلامية تصدر في لندن و لها موقع علي الانترنت و الكاتب هو الشيخ المشهور محمد محمد بدري صاحب كتاب لماذا نرفض العلمانية و كتاب الامة الاسلامية من التبعية للريادة و هما موجودان في موقع صيد الفؤائد و موقع مشكاة
نرجو مناقشة بناءة
رسالة إلى أخي المسلمبقلم : محمد محمد بدري
أخي العزيز ، أيها المسلم الحامل لرسالة الإسلام في كل مكان ، يا من يقلب وجهه في السماء ويعمل فكره في الكون باحثاً عن الطريق الصحيح لعودة أمة الإسلام.. إني أشاركك حيرتك وهمومك وتطلعاتك.. لقد عانيت ما تعاني ، فتعال نبـحـث معاً في هدوء دون أن أضيق بك أو تضيق بي.. نعم لن أضيق بـك يـا أخـي الـعـزيـز فإني أستبشر خيرًا باهتمامك وتطلعك وتفكرك من أجل عودة أمة الإسلام ، وإني أرى نفسي فيك ، فقد مشيت معك هذا الدرب ومررت على ثغراته ومَنَّ الله علي بمعرفة كثير من مسالكه ومنعطفاته ، لن أطلب منك أن تكون أسير فهمي أو فهم غيري ، لن أزعم لك أني أحتكر الـفـهـم الصحيح وحدي.. لكني أدعوك دعوة هادئة إلى كتاب الله عز وجل الذي أنزل ليمنحنا الـحـيـاة ((يَـا أَيُّـهَا الَذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ ولِلرَّسُولِ إذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ)) - إنك - يا أخي العزيز - تتفق معي أن هدفنا في الحياة قد حدده الله عز وجل بقوله : ((ومَا خَلَقْتُ الجِنَّ والإنسَ إلاَّ لِيَـعْـبُـدُونِ)) عـبـادة الله وحده لا شريك له.. وأن الناس إذا انحرفوا عن هذا الهدف كان على المسلمين أن يعيدوهم إلى دائرة الالتزام به.. وعليه فمهمتنا هي تحقيق عبودية الإنسان كل الإنسان في الأرض كل الأرض لله رب العالمين.
واعلم -يا أخي العزيز- أنك تـحــزن وأنا أحـزن مـعك من هذه الغربة الثانية للإسلام »بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فـطـوبــى للغرباء «.. (يصلحون ما أفسد الناس» وتسعى وأسعى معك من أجل أن نصلح ما أفسد الناس ونغير هــذا الـواقــع ونعـيد أمة الإسلام إلى الـخـيــريـة التي أرسلت من أجلها ((كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بـِالْـمَـعْـرُوفِ وتَنْهَوْنَ عَــنِ المُنكَرِ وتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)) وهكذا يا أخي تجمعني معك أخوة الإسلام والرغبة في عودة أمة الإسلام إلى المقدمة في قيادة الأمم.. ويجمعني معك شعور كلانا بالغربة ، غربة الإسلام بين أهله..
واتفاقك واجتـمـاعك معي في هذه المقدمات هو ما دعاني اليوم أن أحدثك بكل بساطة وكما يتحدث الأخ إلى أخيه في موضوع تدفعنا إليه تلك الصحوة الإسلامية المباركة التي تسير في طريق عودة الأمة إلى الله لكي تصبح أمة مسلمة تستحق نصر الله ورضوانه.
أخي العزيز.. تتفق معي أن نزول هذه الأمة من عليائها كان وفق سنن ربانية مفادها أن الله عز وجل لا يمـكـن للـنـاس حتـى يستقيموا على عهده ((وعَدَ اللَّهُ الَذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ولَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَذِي ارْتَضَى لَهُمْ ولَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنْ بَعْدِ خـَـوْفِـهِـمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً)) تتفق معي في ذلك؟! فهل تؤمن معي أن عودة هذه الأمــة تخـضـع لـسـنن معينة أيضاً؟! إذا كنت تؤمن بذلك ، فأنت رجل يؤمن بإمكانية التغيير.. وهذا يدعوني إلـى أن أقـرر أمــراً هنا أراك لا تخالفني فيه وهو أن التغيير يخضع لعلاقة بين الهدف والوسيلة.. فإذا كنا نـريــد عــودة الأمـة الـمسلمة فهذا هدف له وسائل توصل إليه.. وإنه من الخطأ كل الخطأ أن نتصور أن نجاحنا في تحقيق هدفنا يمكن أن يحدث بطريقة سحرية غامضة الأسباب؟! قد تقول -يا أخي الـعـزيـز - إن مـا نمـلـكــه من وسائل لا يكفي لنصل إلى هدفنا ، وإننا في حاجة إلى إمكانيات أكبر ، وهذه الإمكانيات غير متوفرة لدينا الآن؟.. وأنا أوافقك على ذلك،.. ولكن إذا كنا لا نملك الآن ما يمكننا من الوصول إلى هدفنا هل نتوقف عن العمل حتى تـتـدخــل القــوة الخـارقـة الغامضة الأسباب لتوصلنا إلى هدفنا؟!.. أم أن المطلوب منا هو العمل قدر الوسع والطاقة واستخـدام الـوسـائــل الـتـي نملكها .. ومــا وراء ذلك من أمور أرادها الله بمشيئته المطلقة وحكمته البالغة فالله أعلم متى يهب النصر ويمكَّن لمن يستحق من عباده.
أخي العزيز : إن علينا أن نعلم أن الحركة الإسلامية تخضع لسنن الله العامة التي تشمل البشر جميعاً مؤمنهم وكافرهم ، والإيمان والالتزام بعقائد أهل السنة والجماعة دون الأخذ بالأسباب المادية للنصر لا يضمن النصر والظهور والتمكين في الأرض.
والآن - أخي العزيز - هل اتضح عندك ما أردت الوصول إليه.. إنه بكل بساطة ووضوح وتحديد إقرار لفكرة " المنهجية في العمل الإسلامي " فبين الحركة وبين هدفها منهاج عمل يلعب دوراً كبيراً في تحقيق ذلك الهدف ، والمنتصر في أمور الدنيا هو من يملك في تحركه منهاجاً واضحاً سواء كانت أهدافه سليمة أم لا.. فالدنيا لـيـسـت للمؤمنين فقط ((كُلاًّ نُّمِدُّ هَؤُلاءِ وهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ)) وللدنيا قوانينها وأسبابها ، ومـن قـوانـيـن الدنيا أن الذي يمتلك منهاجاً واضحًا في العمل هو الذي ينجح في الوصول إلى الهدف ،.. والـمنهاج الذي نريده لحركتنا منهاج يأخذ بالإمكانات المتوفرة حالياً للحركة ليصل إلى أهداف مـعـيـنة ، بينما هو يسعى للحصول على إمكانات أخرى توصل إلى الهدف الأكبر. أو بعبارة محــددة وبسيطة منهاج قوامه " الاستفادة من الإمكانات حسب الظروف للوصول إلى الأهداف مــع حساب الاحتمالات ومحاولة إيجاد الحل لكل احتمال ".. (وتفصيل ذلك له مقام آخر).
ولـكـنـي أريد أن أقول لك - يا أخي العزيز - إن الله تعالى قال : ((قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا ومَنِ اتَّبَعَنِي)) فالتحرك الإسلامي يجب أن يكون واعياً صادراً عن خطط مدروسة ، وإعداد محكم ، واستراتيجية كاملة واضحة تغطي كافة مراحل التحرك وتدرس الواقـع من جميع جوانبه.. فإذا كانت كذلك فإن التحرك يكون صحيحاً.. ويكون مؤثراً .. ويـكـون مُبْلِغًا الهدف بإذن الله.. ويكون لحركتنا شرف أذان الفجر في ليل الشتاء الطويل الذي نعيشه وتعيشه أمتنا.. وسيجيء هناك الحق ويزهق الباطل .