اكتب أيها التاريخ
بقلم أحمد الفايدي
إن أمة الإسلام اليوم في كرب عظيم وضائقة عظيمة.. وشدة كبيرة تمرّ بأصعب مراحلها وأشقّ أيامها تكالبت عليها الأمم.. وتآمر عليها الأعداء، وتزرع لأبناء المسلمين الشهوات والشبهات، أجمعوا أمرهم وكيدهم عليها، فإن الكرب في ازدياد والخطر في اشتعال وليس لها من دون الله كاشفة.
والله إن العين لتدمع وهي ترى هذا المصاب الأليم الذي نراه من هؤلاء المعتدين المحتلين الظالمين على إخواننا في أرض فلسطين، وخاصة غزة، وعدد من بقاع المسلمين.
يقتلون الأطفال والأبرياء والنساء والشيوخ ويهدمون البيوت عليهم بذريعة ندافع عن أنفسنا، ونحمي أنفسنا من الفلسطينيين الإرهابيين!! أي إرهاب تتحدثون عنه؟!.
والله إن الموت في سبيل الله غاية كل مسلم؛ لأن قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار، هل يعلمون أن غاية كل مسلم الريحانة التي تهتز والقصر المشيد، والحوراء الجميلة، والنهر الجاري، وهم يتشبثون في الدنيا التي سوف تكون عليهم نار ووبال.
أي إرهاب وهم يستخدمون العدة والعتاد الهائل في مقاومة شعب أعزل؟!.
أمريكا: لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها.
إيران أين طنطنتها وغوغائيتها: سوف نمسح إسرائيل، وسوف ندمر أمريكا..
أين حزب الشيطان برئاسة حسن نصر الله - وهو بعيد عن اسمه - يتحمس ويبكي ويثور ويهيج ثم ما إن لبث فيبرد.
وإن رأيت قلة الحياء في إعلامنا العربي، ترى الرقص والحب والمسخرة تنشر، والصحف تشكك في حال إخواننا ونصرتهم.
أرجو أن يكون لديهم نزعة حياء ولو أمام الناس مجاملة، فهل نريد النصر بهذه الصورة الوقحة البشعة؛ ذرية بعضها من بعض.
أين العرب؟! أين المسلمين؟! أين البشر؟! أي جريمة أبشع من هذه الجريمة؟! وأي حرية يريدونها؟!.
أهي الحرية التي نراها هذه الأيام في فلسطين وأرض غزة وغيرها من بقاع المسلمين، فأي حالة وصلنا إليها؟! فحتى متى نُستباح؟! وإلى متى نُجتاح؟!.
فهل نحن الآن في قرن البكاء؟! أم في زمن الرثاء؟! أما نخشى الله؟! وهذه حالة إخواننا المسلمين، ونحن نتلهى بالأباطيل، ونحن أقرب للتخذيل.
ومن يقول محادثات مع أناس الله عز وجل قد أخبرنا أنهم يحسدوننا، وأنهم أشد الناس عداوة لنا إلى يوم الدين، فأي محادثات واتفاقات مع اليهود وأعوانهم، فمن يرى ذلك فقد غطّى الخوف عينيه، وأمسكت الذلّة يديه، وأغرقه الهوان والخَوَر من أذنيه إلى كعبيه.
فلكم الله يا شعب فلسطين.. بدماء بنيك الطاهرة بإذن الله التي ستكتب في جبين التاريخ كيف تركك المسلمون وتركوا غيرك؟!.
فاكتب أيها التاريخ..
نعم أحبتي.. إن التاريخ كاتب: اكتب أيها التاريخ.. اكتب على صدر جريح لكل جيل قادم تاريخ شعب لم يذل لغاصب أو غاشم.
واروي الحقيقة للصغار عن اليهود والصليب المجرم.
وعن اللذين تآمروا وبخسّة باعوا دمي، اكتب لأبناء غزة فوق كل بيادري.. أن الخيانة والعمالة للعدو الغادر هي أصل كل مصيبة وأساس كل تَنَحُّلِ.
اكتب عن الأقصى الذي أسري إليه محمد، كيف اليهود أتوا إليه ودنسوه وأفسدوا، وجيوشنا أخلوا لهم ساحاتها ليعربدوا، ولقد رأوهم يعتدون على النساء فأحجموا.
اكتب لأبناء العروبة إن أردت رسالتي، فجميعهم يروي لهم هم صانعون مصيبتي، وهم الذين يتاجرون على حساب قضيتي، ولقد دعوت فما استجابوا, واستغثت لنصرتي، وكأنهم لم يسمعوا أو يعرفوا ما علّتي.
نحن لا نملك إلا الدعاء السلاح العظيم، والدعاء ملك الجميع، لا أحد يمنعك منه.. فوصيتي:
الله الله إخواني..الجأوا إلى ربكم.. وابذلوا السلاح العظيم الذي لا يكلفكم شيئاً، وانصروهم بالدعاء، ادعوا أيها الأحبة دعاء المضطر لإخوانكم.
عليكم بالدعاء، وتوبوا إلى الله، وارجعوا إليه وادعوه مخلصين، فو الله ليس لنا شيء أعظم من الدعاء والثقة بموعود الله ونصره.
(( الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ ))[آل عمران:172](( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ))[آل عمران:173] (( فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ))[آل عمران:174].
إن أمة الإسلام اليوم في حالة من الاضطرار، ولا يجيب المضطر إلا الله جل جلاله.
ترى اللقطات على الشاشات والصور.. وغيرها من المناظر التي لم نرها لإخواننا المسلمين وأخواتنا المسلمات التي تفطر القلوب والأكباد من هول المنظر.
ويؤلمني ويؤلم كل حر سؤال الدهر: أين المسلمون. فإنا لله وإنا إليه راجعون.
أيها الأحبة: إن الدعاء سبب للثبات والنصر.. قال تعالى عن طالوت وجنوده لما برزوا لجالوت وجنوده ((قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ))[البقرة:250] فماذا كان الجواب؟ وماذا كانت النتيجة؟ (( فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ ))[البقرة:251].
ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو الله ويقنت في النوازل، ونراه يتضرع ويبتهل عليه الصلاة والسلام ليلة معركة بدر ويرفع يديه حتى يظهر بياض إبطيه، وحتى يثبته أبو بكر رضي الله عنه.
فالدعاء الدعاء أيها الأحبة، وعيشوا همّ إخوانكم المسلمين، ادعوا لهم بصدق وتضرّع وانكسار.
ولا شك أن من أمضى الأسلحة وأحدّ السيوف وأقوى أسباب الدفاع عما نحن فيه هو الدعاء.
ليس لنا ملجأ منه إلا إليه سبحانه وتعالى مع البعد عن موانع البعد، ولنعلم (( إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ))[النحل:128].
وإذا كان الله معنا فلو اجتمعت أمم الأرض بأمضى أسلحتها وأحدث آلاتها فلن يستطيعوا؛ لأن الله تعالى مولانا ولا مولى لهم، ولأن النصر حليفنا، والتوفيق نصيبنا.
(( إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ))[آل عمران:160].
فالدعاء سلاح عظيم، لا أحد يمنع من الدعاء، فعليكم بالدعاء.
ياله من دين