كيف يُمكن أنْ أتدبَّر القُرآن؟لفضيلة الشيخ العلامة :عبدالكريم الخضير
لا شكَّ أنَّ قراءة القرآن على الوجه المأمور به هي القراءة التي تُورث القلب من العلم والإيمان والطمأنينة والهدى ,كما قال ابن القيم:
فتدبَّر القرآن إنْ رُمت الهدى ****** فالعلم تحت تدبر القرآنِ
وجاء الأمرُ بالتَّدبر في آيات، في سورة النِّساء ، وفي المؤمنين، وفي ص، وفي محمد، في أربع آيات جاء الأمر بالتدبر، وجاء الأمرُ بالتَّرتيل، فقراءة القرآن مع التدبر و الترتيل هذا هو الوجه المأمُور به.
ويقول ابن القيم -رحمه الله تعالى-: ((إنَّ أهل القرآن هُم المُعتنون به قراءةً وإقراءً وفهماً وعملاً،وإنْ لم يحفظُوه)).
وكثير من النَّاس يشكُو أنَّهُ قد يقرأ القُرآن ولا يستحضر شيء، ويحصل معنا ومع غيرنا وإلى الله المُشتكى أنَّ الإنسان يستفتح سورة يونس فما يُفيق إلا وهو في يوسف مُتجاوزاً سُورة هًود ما كأنَّهُ قرأ منها حرف.
وجاء في الحديث أنَّ النبي -عليه الصلاة والسلام- لما قال لهُ أبو بكر:أراكَ شِبْتَ يا رسُول الله، قال: ((شيَّبتني هُود وأخواتها)).
والكلام ليس من فراغ، هذا الكلام له واقع، يدخل الإنسان في الصَّلاة ويخرج وما كأنَّهُ صلَّى، ويفتح المُصحف ولا يدري هُو في الصَّفحة اليُمنى أو في اليُسرى، هذا لا شكَّ أنَّهُ خلل يحتاج إلى علاج، يحتاج إلى عناية، هذا كلام الله، نقرأ بقلُوبٍ مُنصرفة، ونحنُ لو جاءنا تعميم من المسؤول الأرفع إلى المُدير؛ لابدَّ أنْ يُجمع لهُ الوُكلاء، ويُجمع لهُ رُؤساء الأقسام وينظرُون في منطُوقِهِ، ومفهُومِهِ، وماذا يُستنبط منه؟ وماذا يُستفاد منه؟ يجتمعُون عليه اللَّيالي والأيَّام، لو صدر نظام جديد يفعلون به هكذا،وهذا كلامُ ربِّنا يقرأه الإنسان وكأنَّهُ يقرأ جريدة، ولا شكَّ أنَّ القُلُوب مُنصرِفَة، تجد الإنسان في صلاتِهِ لا يُدْرِك منها شيء، في تلاوتِهِ لا يُدرك شيء، وذِكرِهِ يكون باللِّسان فقط.
والحسن البصري -رحمه الله- يقول: ((تفقَّد قلبك في ثلاثة مواطنْ؛ فإنْ وجدته و إلاَّ فاعلم أنَّ الباب مُغلق:في الصَّلاة، في قراءة القرآن،في الذِكر))
كثير من طُلاَّب العلم لو قُلتَ لهُ:{فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ}في أي سُورة؟ وهو حافِظ للقُرآن، أخذ يستذكِر ويسترجع وكم آية بعدها وقبلها، فضلاً عنها هل تُؤثِّر فيه أو لا تُؤثِّر؟ أحياناً لا تُحرِّك فيه شعرة،وزُرارة بن أوفى سمعها من الإمام في صلاة الصُّبح ومات، وبعض النَّاس يُشكِّك في مثل هذهِ القصص؛ لأنَّهُ ما أدْرك حقيقة الأمر، و لا يعرف معناها، وهذا كُلُّهُ سبَبُهُ البُعد والإعراض عنْ النَّظر فيما يُعينُ على فهم كلام الله -جل وعلا-.أهـ.
منقول من موقع الشيخ عبدالكريم الخضير:
http://www.khudheir.com