الألباني في عيون ابن عثيمين
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد و
على آله و صحبه أجمعين ,,,
أما بعد ,,,
فهذه مقالة أحببت أن أسلط فيها الضوء على بعض المواقف التي لنا فيها قدوة و أسوة من عالمين جليلين من علماء الأمة في هذا العصر و هما العلامتين الجليلين الشيخ محمد ناصر الدين الألباني و الشيخ محمد صالح العثيمين رحمنا الله و إياهم رحمة واسعة و ذلك من خلال أربعة جوانب يجدها القارئ في هذه المقالة
فأسأل الله عز و جل أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم و أن يوفق القارئ لما يحبه و يرضاه
بيان ابن عثيمين لفضل و مكانة علم و تحقيق الألباني :
قال العلامة ابن عثيمين :
الرجل طويل الباع , واسع الاطلاع , قوي الإقناع , وكل واحد يؤخذ من قوله ويترك سوى قول الله ورسوله ، ونسأل الله تعالى أن يكثر من أمثاله في الأمة الإسلامية .[ حياة الألباني 2 / 543 ]
و قال ابن عثيمين :
فضيلة محدث الشام الشيخ الفاضل : محمد بن ناصر الدين الألباني , فالذي عرفته عن الشيخ من خلال اجتماعي به - وهو قليل - أنه حريص جدا على العمل بالسنة , ومحاربة البدعة سواء كانت في العقيدة أم في العمل . أما من خلال قراءتي لمؤلفاته فقد عرفت عنه ذلك , وأنه ذو علم جم في الحديث رواية ودراية , وأن الله تعالى قد نفع فيما كتبه كثيرا من الناس من حيث العلم ومن حيث المنهاج والاتجاه إلى علم الحديث , وهو ثمرة كبيرة للمسلمين , ولله الحمد .
[ حياة الألباني 2 / 543 ]
و قال في موضع آخر :
(( الألباني رجل من أهل السنة -رحمه الله- مدافع عنها ، إمام في الحديث ، لا نعلم أن أحدا يباريه في عصرنا )) شريط " مكالمات هاتفية مع مشايخ الدعوة السلفية " رقم : 4- إصدار : مجالس الهدى للإنتاج والتوزيع - الجزائر ، وكان ذلك بتاريخ : 12/ 6/ 2000م
دعيَ الشيخ ابن عثيمين لافتتاح " تسجيلات إسلامية " ضخمة ، وبينما هو يتجول في أنحائها إذ يلاحظ أنه قد جعل لكل صاحب أشرطة من المشايخ لوحة كبيرة فيها اسمه ، وبمروره على " زاوية " الشيخ الألباني رحمه الله رأى أن لوحة اسمه صغيرة ! فأنكر عليهم الشيخ رحمه الله غاية الإنكار ! وأمرهم بتكبير لوحة الشيخ أو تصغير لوحات المشايخ الآخرين .
وكان ذلك ، ففي اليوم التالي جاء الناس إلى " التسجيلات " وقد جعلوا لوحة الشيخ مثل أخواتها !
[ وقفات في حياة الشيخ محمد العثيمين لإحسان العتيبي ]
قال إحسان العتيبي عن ابن عثيمين :
لما بشَّره بعض الشباب برؤيا رآها بعض المجاهدين في الشيخ الألباني فرح بها الشيخ
رحمه الله وطلب من ناقلها له أن يتصل بالشيخ الألباني من بيته ليبشره بها ، لكن قدَّر الله أن لا يكون الشيخ حينذاك في بيته .
وقدَّر الله تعالى أن أخبِّر – أنا - الشيخَ الألباني بالرؤيا فلما سردتها له بكى الشيخ رحمه الله كثيراً .
وملخص الرؤيا : أن الرائي قد رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فسأله إذاأشكل عليَّ شيءٌ في الحديث فمَن أسأل ؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : سل الشيخ محمد ناصر الدين الألباني !!
ذكر صاحب كتاب الدر الثمين في ترجمة فقيه الأمة العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى، من مواقف تواضع الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى واحترامه لأهل العلم:
أن الشيخ ألقى محاضرة في جامع الرّاجحي بالرياض بالربوة في (أحداث الشيشان) في يوم الأربعاء 16/8/1420هـ، وبعد أن انتهى كان من ضمن الأسئلة التي وجّهت إليه:
ماذا تقولون في الشيخ محمد ناصر الدين الألباني؟ وكان قد توفّي منذ فترة.
فأجاب الشيخ قائلاً : ( مثلي لا يتكلّم عنه؛ لأنه أعلم منّي وأنفع مني للأمة ، ونشهد الله على حبِّه ، وهو أول من فتح الباب للبحث في علم الحديث ، ونفع الله به الأمة ؟!! ) رحمه الله وغفر له .
[ ملاحظة : هذه مستفادة من الأخ أبي القاسم المحمادي ]
في لقاء الباب المفتوح ( لقاء رقم 130 )
سئل الشيخ ابن عثيمين السؤال التالي :
سيد قطب : رجل ظهر على العالم الإسلامي بفكر، واختلف فيه الناس بين ممجد وقادح قدحاً شديداً جداً، فنود أن يبين شيخنا لنا بياناً وافياً عن هذا الموضوع، وكيف يكون موقف المسلم نحو الرجل؛ لأن سيداً له أثر في العالم الإسلامي، وله آثار من كتب ومؤلفات فنريد بياناً من فضيلتكم؟
الجواب :
(( بارك الله فيكم! لا أرى أن يكون النزاع والخصومة بين الشباب المسلم في رجل معين، لا سيد قطب ولا غير سيد قطب ، بل النزاع يكون في الحكم الشرعي، فمثلاً: نعرض قولاً من الأقوال لـ قطب أو لغير قطب ، ونقول: هل هذا القول حق أو باطل؟ ثم نمحصه إن كان حقاً قبلناه وإن كان باطلاً رددناه، أما أن تكون الخصومة والنزاع بين الشباب، والأخذ والرد في رجل معين فهذا غلط وخطأ عظيم.
فـسيد قطب ليس معصوماً، ومَن فوقه من العلماء ليسوا معصومين، ومَن دونه من العلماء ليسوا معصومين، وكل شخص يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فيجب قبول قوله على كل حال.
فلذلك أنا أنهى الشباب أن يكون مدار نزاعهم وخصوماتهم على شخص معين أياً كان؛ لأنه إذا كانت الخصومات على هذا النحو فربما يُبْطل الخصم حقاً قاله هذا الشخص، وربما يَنْصُر باطلاً قاله هذا الشخص، وهذا خطر عظيم؛ لأنه إذا تعصب الإنسان للشخص وتعصب آخر ضده، فالذي يتعصب ضده سوف يقول عنه ما لم يقله، أو يؤول كلامه، أو ما أشبه ذلك، والثاني ربما يُنْكِر عنه ما قاله، أو يوجه ما قاله من الباطل.
فأنا أقول: لا نتكلم في الأشخاص، ولا نتعصب لأشخاص، و سيد قطب انتقل من دار العمل إلى دار الجزاء، والله تعالى حسيبه، وكذلك غيره من أهل العلم.
أما الحق فيجب قبوله سواء جاء من سيد قطب أو من غيره، والباطل يجب رده سواء كان من سيد قطب أو من غيره، ويجب التحذير من أي باطل كُتِب أو سُمِع سواء من هذا أو من هذا، من أي إنسان.
هذه نصيحتي لإخواننا، ولا ينبغي أن يكون الحديث والمخاصمة والأخذ والرد في شخص بعينه.
أما سيد قطب فرأيي في آثاره أنه مثل غيره، فيه حق وباطل، ليس أحد معصوماً، (( ولكن ليست آثاره مثلاً كآثار الشيخ محمد ناصر الدين الألباني فبينهما كما بين السماء والأرض، فآثار الرجل الأول هي عبارة عن أشياء أدبية وثقافية عامة، وليس عنده كما عند الشيخ الألباني في التحقيق والعلم.))
ولذلك أنا أرى أن الحق يؤخذ من كل إنسان، والباطل يُرَد من كل إنسان، وأنه لا ينبغي لنا بل ولا يجوز لنا أن نجعل مدار الخصومة والنزاع والتفرق والائتلاف هو أسماء الرجال. انتهى كلامه رحمه الله )) انتهى كلامه رحمه الله .
قلت :
رحمة الله على العلامة ابن عثيمين و إن هذا الموقف ليذكرني بموقف رأيته من شيخنا عثمان الخميس حفظه الله تعالى و ذلك بين المغرب و العشاء الجمعة بتاريخ 3 / 4 / 2009 حيث كنا جالسين معه في مسجد الحميدة بمنطقة مشرف فسأل أحد الإخوة من خلال ورقة مكتوبة عن رأيه بأحد الأشخاص ، فكان مما أجاب شيخنا حفظه الله :
(( رجاءا أرجوا من الإخوة عدم توجيه أسئلة عن فلان أو غير فلان لا نريد أن نحول مجلسنا بالتكلم عن الأشخاص ، و إنما نتكلم عن حكم فعل معين و ليس عن أشخاص )) .
ملاحظة : ثناء ابن عثيمين على الألباني رحمه الله مع أنه لا يوافقه في كل مسألة من مسائل الفقه و الحديث يبين لنا حال أهل العلم الذين تختلف آرائهم في بعض المسائل و مع ذلك يبقى بينهم الود و تبقى بينهم المحبة و الأخوة الإيمانية .
ابن عثيمين ينصح بكتاب للإمام الألباني
سئل ابن عثيمين رحمه الله عن الأذكار و ذلك في فتاوى نور على الدرب فكان مما أجاب به رحمه الله :
(( ننصح الأخ أن يرجع إلى الكلم الطيب لشيخ الإسلام ابن تيمية وتصحيحه للشيخ ناصر الدين الألباني ))
رد ابن عثيمين على مروجي الأكاذيب و الإشاعات
قال العلامة ابن عثيمين في اللقاء الشهري أثناء إجابة سؤال رقم 290 :
(( إننا نسمع ما ينسب إلينا وما ينسب إلى شيخنا عبد العزيز بن باز وما ينسب إلى الشيخ ناصر الدين الألباني أشياء إذا محصناها وجدنا أنها كذب، قد تكون متعمدة وقد يكون الذي نقلها أخطأ في الفهم، أو أخطأ في صيغة السؤال الذي بني عليه الجواب، أو ما أشبه ذلك.
اتصلت بالشيخ الألباني أسأل عن صحته فقال: إنه بخير، وقال: إن رجلاً من الناس قال لي إن معه كتاباً منك إليَّ، وإني قد قلت له: صلِّ معي يوم الجمعة الماضية فقال: لا أستطيع، ولكن آتيك به يوم السبت، يقول الشيخ: فهل كتبت إليَّ شيئاً؟ قلت له : ما كتبت لك شيئاً، وإذا جاءك هذا الكتاب فليس مني، فأنا لا أدري ما في هذا الكتاب! وقد يكون فيه طامات كثيرة لا تقوى على حملها السيارات ولا السفن ولا الطائرات
فقال : لكن هو قال لي هذا.
فقلت له: يا شيخ! الناس يكذبون علي ويكذبون على غيري، وأنا قد كذبوا علي! وقالوا: إن الشيخ الألباني مات!! فقلت له: لعلهم يريدون وفاة النوم؛ أن الله توفاك بالليل وأيقظك بالنهار.
ثم قال ابن عثيمين :
فالمهم أن الناس يتقولون على العلماء؛ لكن أوصيكم بكل شيء تسمعونه عني وأنتم تستنكرونه أن تتصلوا بي حتى تتحققوا هل هو صحيح، أو غير صحيح فقد يكون كذباً، وقد يكون حقاً صدقاً ولكن لي وجهة نظر لا يعرفها، وإذا سمعتم أيضاً ما تستنكرونه عن العلماء الآخرين أن تتصلوا بهم، وألا تشيعوا كل ما يقال، فنسأل الله السلامة، قال بعض العلماء في قوله صلى الله عليه وسلم دعاء القنوت: ( وعافني فيمن عافيت ) ، قال: لا أجد عافية أكمل من أن يعافيك الله من الناس ويعافي الناس منك. ))
ابن عثيمين و الدفاع عن الألباني رحمه الله :
# في لقاء إدارة الدعوة بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في دولة قطر مع فضيلته ، بتاريخ :7/5/2000م سئل ابن عثيمين
يقول البعض : عن الشيخ الألباني -رحمه الله- أن قوله في مسائل الإيمان قول المرجئة ، فما قول فضيلتكم في هذا؟!
فكان جواب فضيلة الشيخ ابن عثيمين ما نصه :
(( أقول كما قال الأول :
أقلوا عليهم لا أبا لأبيكم .:. من اللوم أوسدوا المكان الذي سدوا
و الألباني -رحمه الله- عالم ، محدث ، فقيه - وإن كان محدثا أقوى منه فقيها ، ولا أعلم له كلاما يدل على الإرجاء - أبدا - لكن الذين يريدون أن يكفروا الناس يقولون عنه ، وعن أمثاله : إنهم مرجئة ! فهو من باب التلقيب بألقاب السوء ، وأنا أشهد للشيخ الألباني -رحمه الله- بالاستقامة ، وسلامة المعتقد ، وحسن المقصد،ولكن مع ذلك ؛ لا نقول : إنه لا يخطئ ؛ لأنه لا أحد معصوم إلا الرسول - عليه الصلاة والسلام . ))
و قال في موضع آخر :
" من رمى الشيخ الألباني بالإرجاء فقد أخطأ ، إما أنه لا يعرف الألباني ؛ وإما أنه لا يعرف الإرجاء ، الألباني رجل من أهل السنة -رحمه الله- مدافع عنها ، إمام في الحديث ، لانعلم أن أحدا يباريه في عصرنا لكن بعض الناس -نسأل الله العافية- يكون في قلبه حقد ؛ إذا رأى قبول الشخص ذهب يلمزه بشيء ؛ كفعل المنافقين الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات ، والذين لا يجدون إلا جهدهم؛ يلمزون المتصدق المكثر من الصدقة ، والمتصدق الفقير!
الرجل -رحمه الله- نعرفه من كتبه ، وأعرفه -بمجالسته -أحيانا- : سلفي العقيدة ، سليم المنهج؛ لكن بعض الناس يريد أن يكفر عباد الله بما لم يكفرهم الله به ، ثم يدعي أن من خالفه في هذا التكفير فهو مرجئ -كذبا وزورا وبهتانا- ؛ لذلك لاتسمعوا لهذا القول من أي إنسان صدر ". شريط " مكالمات هاتفية مع مشايخ الدعوة السلفية " رقم : 4- إصدار : مجالس الهدى للإنتاج والتوزيع - الجزائر ، وكان ذلك بتاريخ : 12/ 6/ 2000م