الوقفة الثانية
الموضوع: الوقفة الثانية
الكلمات الدلالية (Tags):
لا يوجد
-
أبوالزبير تقول:
09 Mar 2005 07:52 PM
الوقفة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد
رحلة الحياة ولا بد تعقبها رحلة الممات .. وبينهما لحظة فاصلة تنكشف فيها حقائق الأعمال إنها :
سكـــــــــــــــــــرة الـــــمــــــــــــــــــــــــــوت !
فعلى فراش الموت .. تظهر حقارة الدنيا .. وحقارة العصيان والطغيان ! وعليه أيضاً تنجلي طهارة الطاعة .. ونورها وفضلها .. وقيمة الإقبال على الآخرة .. وتلك كلها دروس وعظات وإليكم منها قبسات ونسمات !
اللحظــــــــــــــــــــــــــــــــــــة الفــــــــــــــــــــــــــــــــاصلة !
هي أصعب لحظة تمر على الإنسان في حياته .. تضيق لسمعها الأنفاس .. ويرتجف لها الإحساس .. فهي فصل بين رحلتين .. رحلة الحياة .. ورحلة الموت !
أخي الكريم .. أختي الكريمة :
وفي تلك اللحظة الفاصلة تظهر لك حقائق الدنيا برمتها .. وتدرك يقيناً أنها – بكل تلك الحقائق .. لا تساوي عند الله جناح بعوضه .. وأنها ظل زائل .. لا قيمة لها ولا وزن لها في لحظات الاحتضار العسيرة !
تتيقن وقتها أن لا شيء من الدنيا ينفع .. ولا قدر من مالها وجاهها يشفع .. وتستحضر قول الله جل وعلا وكأنك تسمعه لأول مرة : (وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِفَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِراً ){ الكهف:45}
ولا خير في الدنيا لمن لم يكن له
من الله في دار المقام نصيب
فإن تعجب الدنيا رجالاً فإنه
متاع قليل والزوال قريب
قالت امرأة حبيب بن محمد : كان يقول : إن مت اليوم فأرسلي إلى فلان يغسلني ، وافعلي كذا ، واصنعي كذا ، فقيل لامرأته : أرأى رؤيا ؟ قالت : هذا قوله كل يوم !
انفض يديك من الدنيا وساكنها
فالأرض قد أقفرت والناس قد ماتوا
أخواني وأخواتي : هكذا كان السلف رحمهم الله يدركون بعيون عقولهم مجيء اللحظة الفاصلة يرونها ويدركون ما تأتي بها من شدائد وأهوال .. فكانوا لذلك أفقه الناس بالحياة .. وأعلم الناس بسبل النجاة !
وكيف تغيب عنك تلك اللحظة والله جل وعلا يقررها ويحذر من مجيئها في آيات كثيرة ، قال تعالى : ( قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمبِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) ( الجمعة : 8 ) ، وقال تعالى : ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ) ( العنكبوت : 57 ) وقال تعالى كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ{26}وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ) ( الرحمن : 26 ، 27 )
فإن لم توقظك هذه النصوص العظيمة .. فمتى تستيقظ ؟ ؟ ؟ ! وإن لم تكن لك واعظٌ فمتى تتعظ ؟! قال الحسن البصري رحمه الله : " إن الموت فضح الدنيا فلم يترك لذي لب فرحاً "
وقال يزيد بن تميم : " من لم يردعه الموت والقرآن ثم تناطحت عنده الجبال لم يرتدع "
ولما أحتضر عبد الملك بن مروان قال : " والله لوددت أني عبد رجل من تهامة أرعى غنيمات في جبالها ، وأني لم أل " أي : لم أكن ولياً على أمور المسلمين ...
وإلى لقاء في الوقفة الثالثة بإذن الله تعالى ........!
وصلى الله على سيدنا محمد .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .