غير المسلمين بـ"سوات" يفضلون عدالة الشريعة
أقليات سوات ترى أن تطبيق الشريعة يحقق لهم العدالة السريعة
سوات (باكستان)- أكدت أقليات دينية بوادي سوات المضطرب عدم اعتراضها على تطبيق الشريعة الإسلامية في إطار اتفاق السلام الأخير بين الحكومة الباكستانية وحركة طالبان باكستان، والذي يعاني تعثرا شديدا منذ بدء العمليات العسكرية الحكومية ضد الحركة.
وفي هذا السياق قال كولديب سينج (40 عاما) -وهو سيخي ويدير توكيلا للتليفون المحمول بمدينة مينجورا عاصمة وادي سوات- لـ"إسلام أون لاين.نت": "كما هو حال العديد من الأقليات لم أسمع بحادثة واحدة تم فيها استهداف الأقليات الدينية".
ونفى سينج بشكل حاسم أن يكون رأيه هذا خوفا من بطش طالبان قائلا: "لست مجبرا لقول هذا على الإطلاق، لست خائفا أو هناك من يرهبني كما يزعم الإعلام الغربي بالنسبة للأوضاع هنا".
طالع أيضا:
باكستان.. محكمة استئناف شرعية استجابة لطالبان
باكستان تستأنف محادثات "الشريعة" مع طالبان
أبناء سوات بين تأييد طالبان والتمرد عليها
وأردف موضحا: "وسائل الإعلام الغربية مليئة بالمفاهيم الخاطئة عن الأقليات الدينية بباكستان خاصة في سوات، وليس لديهم أدنى فكرة عن طبيعة الحياة هنا، وكل ما لديهم هي صورة نمطية عن الأقليات في مالاكاند"، وهو إقليم يضم ثمان مناطق منها سوات وبونر ودير.
وتابع سينج: "نحن مواطنون مستقلون، والعدالة ليست قاصرة على دين معين، ولا أدل على ذلك من أن الجوردا (مكان عبادة السيخ) رغم وقوعه في قلب المنطقة المتأثرة بالهجمات لم يتعرض لأي هجوم".
ويوجد في سوات ستة آلاف سيخي، وهم ثاني أكبر أقلية بعد المسيحيين، وينتمي غالبيتهم إلى فئة متوسطي الدخل؛ حيث يعملون في الأعمال الحرة مثل صناعة الحلويات، وتجارة الأدوات المستعملة، ويعيش معظمهم في مينجورا (البلدة الرئيسية في سوات) التي يقطنها 1.8 مليون نسمة.
العدالة السريعة
سينج الأب لاثنين من الأبناء أكد أن تطبيق الشريعة الإسلامية في النظام القضائي بوادي سوات لا يمثل له أي مشكلة، مستطردا: "فجدي نزح من بيشاور إلى سوات منذ 70 عاما؛ لأن مبادئ الشريعة كانت تطبق هنا آنذاك.. وهذا أمر ليس بجديد علينا".
وكانت سوات ولاية مستقلة تحكم بالشريعة الإسلامية حتى عام 1970 عندما ألغى الحاكم العسكري يحيى خان استقلالها، وأصبحت جزءا من باكستان، ويقول السكان المحليون إنهم اعتادوا حل مشاكلهم في إطار الشريعة الإسلامية بعيدا عن القانون الوضعي البريطاني الذي "يعقد الأمور".
وأوضح: "ببساطة نحن كأقليات ندعم تطبيق الشريعة؛ لأننا نشعر أن النظام فشل في حماية الأقليات من اعتداءات عتاة المجرمين النافذين بالمنطقة، في حين تنجح الشريعة في ذلك".
ولفت سينج إلى أن "تطبيق الشريعة في القضاء لا يرتبط بدين معين، وإنما يضمن العدالة السريعة للجميع"، مضيفا أن "الأقليات بوجه عام ليست ثرية في باكستان؛ إذ لا نستطيع تحمل النفقات الباهظة للمحاكم العادية، ونحن جميعا نشعر بالسعادة لأن لدينا قضاء سريعا ومجانيا".
وتوسط رئيس حركة تطبيق الشريعة صوفي محمد في فبراير الماضي في مفاوضات بين الحكومة الباكستانية وطالبان أفضت إلى اتفاق وقف إطلاق نار بين الجانبين، مقابل موافقة الحكومة على تطبيق الشريعة في وادي سوات.
وقد وافق مؤخرا الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري على الاتفاق، بعد أن صادق البرلمان الباكستاني عليه.
وفى ظل النظام الجديد توجد محاكم (كازى) في كل من سوات ودير وتشيترال وكوهستان ومناطق أخرى تابعة لحكومة الإقليم الحدودي الشمالي الغربي.
وتبت هذه المحاكم في قضايا الأحوال الشخصية في غضون ستة أشهر، وفي القضايا الإجرامية في خلال أربعة أشهر.
طالبان
الشاب المسيحي ساكلاين مسيح الذي يعمل عامل نظافة بأحد الفنادق المحلية، أكد أنه لا يشعر بالتهديد من قبل طالبان قائلا لـ"إسلام أون لاين.نت": "أنا أعمل في كامبار( تبعد 10 كيلو مترات من مينجورا، وهي أحد معاقل طالبان)، وهم يعلمون جيدا أنني مسيحي، ولكنهم لم يؤذوني أبدا".
وأضاف: "أنا شخصيا لا أشعر بأي تهديد من قبل طالبان؛ فكل شخص هنا يحمل السلاح، وبعضهم يستعرضون به، والبعض الآخر لا.. فما الفرق بالنسبة لي؟!".
وأشار "مسيح" إلى أنه يرى بارقة أمل في فرض الشريعة الإسلامية، قائلا بحماس: "إذا تم فرض نظام العدل حقيقة فسأكون أول مرحب بذلك".
وتابع: "لقد كنا تحت رحمة عتاة الإجرام الذين كانوا يستغلوننا، ونحن أناس فقراء لا نستطيع تكبد كلفة مقاضاتهم بالمحاكم العادية".
ويعد المسيحيون أكبر أقلية في سوات، وفي تلك الدولة الآسيوية المسلمة (باكستان) بشكل عام؛ حيث يمثلون 2% من 17 مليون نسمة هم إجمالي عدد السكان، ويعيش حوالي 10 آلاف من المسيحيين في سوات بعد ما هاجروا من مناطق مختلفة بإقليم البنجاب منذ عدة عقود، ومعظمهم يعمل في مجال النظافة، بينما يعمل قلة منهم كمعلمين.
ووجه الشاب المسيحي كلاما لاذعا للنواب المنتخبين عن الأقليات بوادي سوات قائلا: "مهما كانت المبالغ التي ترصدها الحكومة المركزية، أو حكومات المقاطعات لتنميتنا وتحسين أوضاعنا فهم يقتسمونها (النواب) بينهم أو على المفضلين لديهم، ولا نستطيع فعل شيء حيال ذلك".
وأردف: "لكن الآن استقرت المحاكم الشرعية، وأصبح بإمكاننا اللجوء إليها لمقاضاتهم".
وأيده والده إقبال مسيح قائلا: "لا نتعاطف إطلاقا مع أولئك المجرمين والفاسدين العتاة، ولئن كانت طالبان تعاملهم بقسوة فقد عاملونا هم بالمثل من قبل"، مؤكدا: "نحن نريد العدالة والمساواة، ولا يعنينا من يأتينا بها".
إسلام أون لاين.نت
اللهم انصر اخواننا المجاهدين في افغانستان وباكستان وفي كل مكان
اللهم لا عيش الا عيش الاخرة
اللهم انصر الطالبان والقاعدة