احذروا ( ستار أكاديمي ) وأخواتها...
2006-01-04
الشيخ محمد الهدار ـ صحيفة أخبار بنغازي / الشبكة
عزيزي القارئ إن من المجمع عليه والمعلوم من الدين بالضرورة ، ومن الثوابت التي لم يختلف عليها اثنان، أن الزنا محرم تحريماً قطعياً ، إلى يوم القيامة ، بل كل ما من شأنه أن يؤدي إلى الوقوع في هذه الجريمة المدمرة للإنسانية هو الآخر محرم ، قال الله تعالى : ( ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشةً وساء سبيلا ( ، قال ابن كثير رحمه الله : ( يقول تعالى ناهيا عباده عن الزنا وعن مقاربته ، ومخالطة أسبابه ودواعيه ( ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشةً ) أي ذنباً عظيماً ) وساء سبيلا ) ، أي وبئس طريقاً ومسلكاً . وجاء في التحرير والتنوير لابن عاشور : ( والقرب المنهي عنه هو أقل الملابسة . وهو كناية عن شدة النهي عن ملابسة الزنا ) .
وقال السعدي في تفسيره : ( والنهي عن قربانه – أي الزنا – أبلغ من النهي عن مجرد فعله ، لأن ذلك يشمل النهي عن جميع مقدماته ودواعيه ، فإن ( من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه ) خصوصاً هذا الأمر الذي في كثير من النفوس أقوى داعٍ إليه ) ، قلت ومما يؤكد ما سبق من التفسير ما جاء في الصحيحين ومسند الإمام أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إن الله تعالى كتب على ابن آدم حظه من الزنا ، أدرك ذلك لا محالة ، فزنا العينين النظر ، وزنا اللسان النطق ، والنفس تمني وتشتهي ، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه ) ، وقال الصحابي الجليل ابن مسعود رضي الله عنه، ومسروق والشعبي رحمهما الله قالوا : ( زنا العينين النظر، وزنا الشفتين التقبيل، وزنا اليدين البطش، وزنا الرجلين المشي ، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه ، فإن تقدم بفرجه كان زانيا ، وإلا فهو اللمم ) ، ومعنى إن تقدم بفرجه كان زانياً المقصود به الزنا الذي يوجب الحد الشرعي ، ويجب منه الغسل ، ومعنى وإلا فهو اللمم ، أي الذنب الذي لا يوجب حداً شرعياً في الدنيا ، وتكفره التوبة وبعض العبادات ، وقد يوجب الغسل الشرعي إن ترتب على فعله خروج المني .
عزيزي القارئ : الفساد في الأرض إجرام ، نهى عنه ربنا جل وعلا ، وتتابعت رسل الله وأنبياؤه ينهون عن الفساد في الأرض ، والقرآن الكريم توجد به الكثير من الآيات التي تنهى عن الفساد في الأرض ، منها على سبيل المثال ، قوله تعالى : ( وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين ) ، والزنا من أشد أنواع الفساد ، وهو خلق يدل على الخسة واللؤم ، وصاحبه من الممقوتين عند الله سبحانه ، والفساد بصفة عامة من أخلاق أعداء الله اليهود الذين قال الله عنهم ( ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين ) ، وإن من أخطر معاول المفسدين في هذه الأزمنة الإعلام عموماً ، وأخص من هذا العموم الإعلام المرئي المتمثل في القنوات الفضائية، و ( الإنترنت ) ، حيث توجد العديد من القنوات والمواقع الإباحية وشبهها ، كقناة (ستار أكاديمي ) ، وأخواتها ، هذه القنوات الملعونة التي تصرف عليها ملايين الدولارات أسست من أجل تعليم أولادنا وبناتنا كيفية ممارسة الدعارة والمجون ، ومحاولة إمالتهم للباطل عن طريق تزيينه وإظهاره في ثوب الحرية الشخصية ، وفي ثوب الفن ، نعم يريدون أن يميل أولادنا إلى باطلهم ميلاً عظيماً ، كما قال سبحانه : ( والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً ) ، ميلاً عظيماً عبر برامج تسحق الفضيلة ، وتزين الرذيلة ، وتنسف الأخلاق والقيم ، وإن قناة (ستار أكاديمي ) برامجها كلها تساهم وتساعد على نزع الحياء لدى البنات والأولاد ، إذ أنها تقوم بإغراء الجميع على فعل الفاحشة ، عن طريق استدراجهم وتعويدهم على الاختلاط المريب ، الذي لا حياء فيه ، وعن طريق إغرائهم بالأغاني الماجنة مع الرقص على أنغام الموسيقى ، وكذلك دعوتهم إلى تبادل الأحاديث الغرامية ، في جلسات إغرائية تعرض فيها مفاتن أجسامهم عن طريق اللباس المغلظ للعورات ، وغير الساتر لها ، وكذلك تعويدهم على التفكير في الجنس وما يتعلق به ، من خلال تعليمهم كيفية التفكير في ذلك أثناء وجودهم على أسرة النوم في الغرف المراقبة بالكاميرات ، وهلم جرا من ألوان وأنواع الفساد الذي يهدم الأخلاق من أساسها ، ويجرئ على فعل الفاحشة بسهولة ويسر ، ولا يشك عاقل أن وراء هذه القنوات ، أعداء الإسلام ، من يهود ونصارى ومستشرقين وعلمانيين منبهرين بحاضرتهم ، انبهارا جعلهم يقبلونها بغثها وسمينها ، وصالحها وطالحها ، وهذا انسلاخ ومسخ خطير ، لأنه بعبارة أوضح قضاء على الأمة وإنهاء لها ، وليتهم عندما انبهروا ميزوا ، فأخذوا السمين الصالح ، وتركوا الغث الطالح ، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال كما جاء في الصحيحين ( لتتبعن سنن من كان قبلكم ، حذوا القذة بالقذة ، شبراً بشر وذراعاً بذراع ، حتى ولو دخلوا جحر ضب لدخلتموه ).
قال أحد الباحثين ( إن هذه الحرب الإعلامية غير الأخلاقية التي تشنها الفضائيات العربية على المشاهد العربي المسلم ، في عمقه الفكري والأخلاقي بدأت تأخذ منحى نوعياً لم يكن أشد المحذرين منها ومن خطورتها يتوقعه ، يتصل هذا التحول بالخلفيات والأسس التي تنطلق منها هذه الحرب الضروس ، خاصة في جانبها الأخلاقي ، فلم تعد مظاهر الغواية والعري والفحش والغناء الماجن والاختلاءات الآثمة والمشاهد الفضائحية إلى آخر العبث الأخلاقي ، لم تعد تعرض في سياق الاعتراف بمخالفتها الرعية الأخلاقية والتربوية ، وإنما باتت تعرض في سياق عكسي تماماً ، وهو سياق التسويغ والتبرير ) .
قلت : وهذا التسويغ والتبرير وإن كان بأسلوب جديد في أدواته وصورته ، إلا أنه من حيث الحقيقة فتنة خطيرة لكل مؤمن ومؤمنة وخصوصاً الشباب المراهق ، وكل مشارك في هذه الفتنة عليه أن يتوب إلى الله قبل أن يقع في عذاب جهنم وعذاب الحريق ، قال عز من قائل ( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق ) .
أيها القارئ الكريم : إن دور هذه القنوات يعتبر كدور الوسيط أو الوسيطة بين الزاني والزانية ، و لاأظنكم تجهلون اسمه ، فكان الأحرى أن تسمى هذه القنوات بالاسم الذي يتكون من الحروف الآتية : ( ألف ولام وقاف مفتوحة ثم واو مشددة ومفتوحة وألف بعدها ثم دال مفتوحة وتاء مربوطة ) ، سامحوني أن طرقت أسماعكم بهذه الكلمة لكنها الحقيقة التي يجب إيضاحها .
فاحرصوا على مراقبة أولادكم وبناتكم من مثل هذه القنوات ، بل قوموا بإلغائها من أجهزتكم المرئية ، واعلموا أن البيت الذي توجد فيه هذه القنوات لا بركة فيه ، فعلموا من هم تحت ولايتكم خطورة هذه القنوات ، وحرضوهم على خوف الله وتقواه ، ورغبوهم في الصلاة وذكر الله وتلاوة القرآن الكريم ، بل وجهوهم ذكوراً وإناثاً إلى مراكز تحفيظ القرآن ، وهي بحمد الله منتشرة في هذه البلاد ، وموجودة في كل مسجد تقريباً ، وعليكم أن تثقفوا أولادكم بالثقافة الإسلامية عامة ، بينوا لهم مخططات أعداء الإسلام ، وبينوا لهم خطورة الغزو الثقافي ، ولا تتركوهم هملاً من دون رقابة ولا مناصحة ، ورغبوهم في الزواج وأعينوهم عليه ، واعلموا أن رسولكم صلى الله عليه وسلم قال ( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ) ، ولا تغالوا في المهور ، وإياكم والإسراف والتبذير في الزواج، فيسروا هذه الأمور ولا تعسروها، ومن لا يستطيع الزواج فرغبوه بترغيب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم ، فإنه له وجاء ) ، أي وقاية.
وينبغي أن تتكاتف الجهود لمواجهة أخطار هذه القنوات، فعلى المحاضرين في الجامعات أن يقوموا بدورهم، وعلى المدرسين والمدرسات في المدارس الثانوية والمعاهد أن يقوموا بدورهم، وعلى الخطباء والوعاظ في المساجد أن يقوموا بدورهم ، وعلى الإعلاميين في وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب أن يقوموا بدورهم ، وعلى الآباء والأمهات في البيوت أن يقوموا بدورهم ، لأن أبناءنا وبناتنا هم عماد الوطن والأمة ، وهم أولاً وآخراً أمانة في أعناقنا ، وإننا لمسؤولون عنها يوم القيامة أمام الله ، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .