عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ:
"كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ
شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ " .
رواه البخاري في صحيحه(1920).
يقول الامام ابن حجر العسقلاني في فتح الباري شرح صحيح البخاري:
( إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ ) أَيِ : الْأَخِيرُ ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَالْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْهُ .
( شَدَّ مِئْزَرَهُ ) أَيِ : اعْتَزَلَ النِّسَاءَ.
( وَأَحْيَا لَيْلَهُ ) أَيْ : سَهِرَهُ فَأَحْيَاهُ بِالطَّاعَةِ وَأَحْيَا نَفْسَهُ بِسَهَرِهِ فِيهِ ؛ لِأَنَّ النَّوْمَ أَخُو الْمَوْتِ ، وَأَضَافَهُ إِلَى اللَّيْلِ اتِّسَاعًا ؛ لِأَنَّ الْقَائِمَ إِذَا حَيِيَ بِالْيَقِظَةِ أَحْيَا لَيْلَهُ بِحَيَاتِهِ ، وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِهِ : " لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا " أَيْ : لَا تَنَامُوا فَتَكُونُوا كَالْأَمْوَاتِ فَتَكُونَ بُيُوتُكُمْ كَالْقُبُورِ .
( وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ ) أَيْ : لِلصَّلَاةِ ، وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ مِنْ حَدِيثِ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ : لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا بَقِيَ مِنْ رَمَضَانَ عَشْرَةُ أَيَّامٍ يَدَعُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِهِ يُطِيقُ الْقِيَامَ إِلَّا أَقَامَهُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ : ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ اعْتِزَالَهُ النِّسَاءَ كَانَ بِالِاعْتِكَافِ ، وَفِيهِ نَظَرٌ ؛ لِقَوْلِهِ فِيهِ : " وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ " فَإِنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ كَانَ مَعَهُمْ فِي الْبَيْتِ ، فَلَوْ كَانَ مُعْتَكِفًا لَكَانَ فِي الْمَسْجِدِ ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدٌ ، وَفِيهِ نَظَرٌ ، فَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ : اعْتَكَفَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ " ، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ لَمْ يَعْتَكِفْ أَحَدٌ مِنْهُنَّ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُوقِظَهُنَّ مِنْ مَوْضِعِهِ وَأَنْ يُوقِظَهُنَّ عِنْدَمَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ لِحَاجَتِهِ .