أخطر الفضائح التي باعت فيها سلطة عباس-فياض دماء الشهداء
التفاصيل الكاملة لفضيحة جنيف حول تقرير جولدستون
كان مجلس حقوق الإنسان الدولي الذي انعقد في جنيف اليوم الجمعة 2-10-2009 على موعد مع مفاجأة مدوية ومن العيار الثقيل، حيث بدت علامات الوجوم والاستغراب واضحة على أعضاء المجلس عندما تقدم مراقب فلسطين إبراهيم خريشة بطلب سحب التصويت على تقرير ريتشارد جولدستون، الدهشة أصابت الحاضرين فنتائج التقرير كانت واضحة للعيان، وكل المؤشرات أفادت أن التصويت إن تم كان سيحصل على الأغلبية اللازمة للبدء في إجراءات الملاحقة والمتابعة القانونية لجرائم الحرب على غزة، وبالتالي إحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية.
التساؤلات حول قرار السلطة الفلسطينية المفاجئ سادت المداولات بين الأعضاء.
لماذا سحبت السلطة تبنيها لتوصيات التقرير حول العدوان؟ ، هل جاء قرار السلطة بعد ضغوطات إسرائيلية وأمريكية؟، التساؤلات أُثيرت من قبل الصحفيين حول ماهية هذه الضغوطات؟ وما هي أوراق الضغط والمساومة التي تعرضت لها السلطة؟ ولماذا استجابت لها بهذه الطريقة الفجة؟ ولماذا نفى صائب عريقات رئيس دائرة المفاوضات في السلطة اعتزامها سحب هذا القرار؟
هذه التساؤلات وغيرها نجيب عليها بالأدلة الدامغة، ونحاول أن نضع النقاط على الحروف، ونسلط الضوء على تفاصيل واحدة من أخطر الفضائح التي باعت فيها سلطة عباس-فياض دماء الشهداء بثمن بخس، هذه الفضيحة التي لم يشهد مجلس حقوق الإنسان الدولي مثيلا لها من قبل، فلأول مرة يعمل ممثلوا الضحايا على تقديم طوق النجاة وصك البراءة للاحتلال المجرم، ليس ذلك فحسب بل والتعاون معه على دفن نتائج التقرير، وطي هذه الصفحة بخروج دولة الكيان بالحصانة المعهودة التي كادت أن تفقدها في اللحظات الأخيرة.
أكذوبة دفع عملية السلام
اعتبر مندوب الاحتلال لدى المؤسسات الأممية في جنيف أهارون ليشنويار "أن الخطوة الفلسطينية تسهم في دفع عملية السلام إلى الإمام، وأن إحالة التقرير إلى محكمة العدل الدولية كان سيشكل ضربة قاصمة لهذه العملية، الموقف الإسرائيلي على حد قوله جاء متناغماً مع الموقف الأمريكي الحريص على استئناف المفاوضات السلمية والتوصل إلى تسوية للقضية الفلسطينية، وبالتالي فإن قرار أبو مازن بالإيعاز إلى البعثة الفلسطينية في جنيف بسحب القرار الفلسطيني، جاء لتجنب المس بجهود الرئيس الأمريكي براك أوباما بهذا الصدد، وليثبت فيه الرئيس الفلسطيني أنه يصلح أن يكون شريكا في عملية السلام.
ليشنويار اختتم تصريحاته بالقول أن الخطوة الفلسطينية تدل على نجاح تعامل (إسرائيل) مع تقرير غولدستون".
الوطنية موبايل مقابل سحب القضية من المحكمة الدولية
مشروع المشغل الثاني لشبكة الاتصالات الخلوية في فلسطين، والذي فازت فيه شركة الوطنية موبايل، يعد واحدا من أهم المشاريع التي يدعمها سلام فياض رئيس وزراء رام الله، والذي يعتبر تشغيل الشركة رافدا اقتصادياً مهما في دعم مشروعه في الضفة الغربية، وكما هو معلوم فإن محمود عباس طرح بنفسه حل العقبات التي تعترض تنفيذ هذا المشروع في لقاءاته المتعددة التي كان يعقدها مع إيهود أولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، حيث سربت وسائل الإعلام الإسرائيلية هذا الخبر وأشارت إلى استثمارات نجل عباس طارق في هذا المشروع الضخم.
لوحت "إسرائيل" بورقة الوطنية موبايل، وأبلغت السلطة أنها لن تقوم بإعطاء موافقتها على عمل الشركة ومنحها الترددات اللازمة، إلا اذا قامت السلطة بسحب الطلب الذي تقدمت به الى المحكمة الدولية والتي تطالب به التحقيق في جرائم حرب غزة.
ليبرمان يكشف المستور:
( كبار السلطة توسلوا لإسرائيل لاستمرار الحرب على غزة لإسقاط حماس)
عبرت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية عن غضبها أكثر من مرة ، إثر توجه جهات في السلطة إلى محكمة الجنايات الدولية لرفع دعاوى قضائية ضد إسرائيل عقب تقرير جولدستون الذي يتهمها بارتكاب جرائم حرب في غزة، واتهم العديد من قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بينهم جابي أشكنازي قادة السلطة وعلى رأسهم عباس وفياض بممارسة الكذب والتضليل، حيث أكدوا توسل كبار قادة السلطة الفلسطينية لإسرائيل أثناء الحرب على غزة باستمرار الحرب وذلك بهدف إسقاط حماس.
أفيجدور ليبرمان وزير الخارجية الإسرائيلي، كان قد عبر عن استيائه من السلطة، وأشار بشكل واضح أنها في الوقت الذي تتبنى فيه الآن تقرير جولدستون، فإنها تتنناسى طلباتها المتكررة من إسرائيل بشن الحرب والقضاء على حكم حماس في غزة، وإلحاحها على عدم وقف الحرب
الحقيقة الكاملة (إسرائيل: اسحبوا الطلب وإلا..)
أفادت مصادر مطلعة في العاصمة الأمريكية واشنطن، أن اجتماعاً ضم ممثلين عن السلطة و"إسرائيل" عقب لقاء عباس نتانياهو، وأن الهدف من هذا الاجتماع كان إقناع السلطة بسحب مشروع قرار تقرير جولدستون من مجلس حقوق الإنسان الدولي، وذكرت هذه المصادر أن السلطة اعترضت في البداية ورفضت تقديم أي تنازل، فقام العقيد إيلي أفرهام من الوفد بعرض ملف فيديو على جهاز الكومبيوتر المحمول، يظهر فيه لقاء وحوار يدور بين رئيس السلطة محمود عباس ووزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك بحضور تسيبي لفيني، وقد ظهر في التسجيل المصور محمود عباس يحاول إقناع براك بضرورة استمرار الحرب على غزة، فيما بدا باراك متردداً أمام حماسة محمود عباس وتأييد ليفيني لاستمرار الحرب.
كما عرض أفرهام على وفد السلطة تسجيلاً لمكالمة هاتفية بين مدير مكتب رئاسة الأركان الإسرائيلية دوف فايسغلاس والطيب عبد الرحيم، الذي قال إن الظروف مواتية ومهيأة لدخول الجيش الإسرائيلي مخيم جباليا ومخيم الشاطئ مؤكدا أن سقوط المخيمين سينهي حكم حماس في غزة وسيدفعها لرفع الراية البيضاء، وعندما قال له فايسغلاس أن هذا سيتسبب في سقوط آلاف المدنيين، رد عليه عبد الرحيم بالقول أن جميعهم انتخبوا حماس وهم الذين اختاروا مصيرهم وليس نحن.
الوفد الإسرائيلي هدد بعرض المواد المسجلة أمام الأمم المتحدة وعلى وسائل الإعلام، فسارع وفد السلطة الفلسطينية بالموافقة على سحب التقرير ووعد بالقيام بذلك، إلا أن الوفد الإسرائيلي طالبه بكتابة تعهد خطي يقر فيه الوفد الفلسطيني بعدم إعطاء تصريحات لأي دولة لاعتماد تقرير غولدستون.
من الجدير بالذكر أن ريتشارد غولدستون "اليهودي الأصل" تعرض لضغوط هائلة قبل أن يقدم التقرير وأثناء كتابته، وقد مورست ضغوط على ابنته التي تعيش في "إسرائيل" منذ تسعة أعوام، ولكن التقرير خرج بإدانة دولة الاحتلال متهما إياها بارتكاب جرائم حرب في غزة تصل إلى درجة جرائم ضد الإنسانية.
تخبط السلطة
بدى التخبط واضحاً على قيادات السلطة، ففي الوقت الذي نفى فيه صائب عريقات قرار السلطة بعدم تبني التقرير وطلب سحبه من المجلس، أكد ابراهيم خريشة طلب السحب والتأجيل، وراح يقدم مبررات واهية.
الدكتور مصطفى البرغوثي أمين عام المبادرة الوطنية صرح بأنن هناك غالبية مضمونة في مجلس حقوق الانسان لإدانة إسرائيل وعبر عن استهجانه لقرار السلطة بالسحب والتأجيل، من جانبه
دعا أمين عام حزب الشعب الفلسطيني بسام الصالحي اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير لاجتماع طارئ للتباحث في خطوة السلطة حيث أفاد أن الأمر خطير وهام للغاية
الحكومة الفلسطينية بغزة اعتبرت أن هذه الخطوة جريمة خطيرة بحق شعبنا وخيانة لدماء الشهداء وتواطؤ مع الاحتلال الصهيوني، بل ومشاركة له في الحرب والعدوان على قطاع غزة بشكل يؤكد ما قاله ليبرمان من أن قادة السلطة ألحوا وشددوا على عدم وقف العدوان على غزة إبان الحرب.