عام علي محرقة غزة .. أين العرب ؟ واين الأعمار ؟
جمال عرفة | 6/1/1431 هـ
عام كامل مضي علي المحرقة الصهيونية لأهلنا في غزة التي جرت في 27 ديسمبر الماضي 2008 واستمرت 23 يوما وراح ضحيته أكثـر من 1450 شهيد و 5500 جريح وتدمير 5000 منزل و45 مسجد بالكامل ، وبدلا من السعي لرفع هذا الحصار الظالم ، تمتد الجدر العازلة لتطال أهلنا من أخوتهم في العروبة والاسلام !.
لن ننسي ما ارتكبته يد الغدر الصهيونية .. سنظل نتذكر دوما, ونذكر أبناؤنا أيضاً , ونعلق لهم صور أشلاء أطفال وأمهات غزة علي الجدران كي لا ينسوا .. سنخبرهم عن الثكالى والأرامل والمعاقين الذين ينتظرون من ينصرهم.. وسنخبرهم عن جثث الشهداء التي سرق المجرمون الصهاينة أعضاءهم وعيونهم .. فكل طفل عربي سينتقم لنا يوما ما عندما يكبر من الصهاينة وأعوانهم .
محرقة ديسمبر الماضي لم تكن الأولي وإنما الثانية في غضون عام واحد.. فقبلها كانت المحرقة الأولى ( كما وصفها نائب وزير الدفاع الصهيوني حاييم رامون) في 28 فبراير 2008 والتي قتل فيها 132 فلسطينيا من بينهم 26 طفلا .. وها هي المحرقة الثالثة يمهد ويهدد بها جنرالات الحرب الصهاينة كل يوم .. والعرب والعالم يرفعون شعار (لا أري .. لا أسمع .. لا أتكلم)!.
حتى الصهيونية تسيبي ليفني التي هربت من لندن لتتفادى قرار باعتقالها عن جرائمها في هذه الحرب هددت بعدوان جديد وقالت (إنها لو اضطرت مجددا إلى اتخاذ قرار بهذا العدوان لأتخذت نفس القرار) .. لماذا لا ؟ طالما أنه لا أحد يحاسب الصهاينة علي جرائمهم وأمريكا ترعاهم وتحميهم !.
ومع هذا .. فقد صمدت المقاومة وحدها في وقت تخاذل فيه العديد من العرب .. بل وتأمروا علي المقاومة وراهنوا علي سقوط حكم حماس كي يدخل غزة أنصار عباس علي أبراج الدبابات الصهيونية وأشلاء إخوانهم !.
أبناء غزة لا يجدون في برد الشتاء ، لوح زجاج يحمون به أطفالهم وشيوخهم من البرد القارس لأن الزجاج من السلع التي يحظر الاحتلال دخولها .. ولا يجدون شيكارة أسمنت يعيدون بها بناء منازلهم المنهارة (20 ألف منزل مدمر ) أو مساجدهم التي هدمها الاحتلال فوق رؤوس المصلين (45 مسجد تدمير كلي و55 تدمير جزئي) ..
كل وعود العرب والعالم بأعمار غزة ذهبت أدراج الريح .. ولازالت الأسر الفلسطينية التي تفترش الأرض وتلتحف بالسماء تنتظر تحقيق حلم الأعمار التي نسجته بعض الدول العربية لأهل غزة !؟.بدلا من الوعود العربية بالأعمار وقرارات الجامعة العربية بخرق الحصار .. يأتي بناء مصر – للأسف- للجدار المثير للجدل علي الحدود مع غزة ليزيد الحصار سوءا .. ويثير تساؤلات حول الضغوط الأمريكية لتنفيذ هذا الجدار (المستورد من أمريكا بحسب ما أكد محمد إبراهيم رئيس تحرير الجمهورية)
16 جماعة حقوقية أجنبية أصدرت تقريرا يوم الثلاثاء الماضي تؤكد فيه إن المجتمع الدولي كله خذل سكان قطاع غزة بفشله في إنهاء حصار إسرائيل المفروض على القطاع منذ أكثر من 3 سنوات وقالت أن "جميع الدول ملزمة بموجب القانون الدولي بالتدخل لوضع حد للحصار القاسي، لكن حتى الآن أخفق الزعماء في الوفاء بهذا الإجراء الأساسي الذي يعتبر من مظاهر إنسانيتهم ذاتها"!؟ .. نعم فأي إنسانية هذه التي يتغنون بها وهم يرتضون أن يقوم نفر من المفسدين الصهاينة في الأرض بقتل وتعذيب وتجويع وحرق أهلنا هناك في غزة وكل فلسطين ولا احد يقول لهم كفي خوفا من الارهاب الصهيوني والحماية الأمريكية له ؟!.
بعد المحرقة الصهيونية في غزة تساءل كثيرون وهم يعضون علي أصابعهم غضبا : متي يحاكم هؤلاء المجرمين الصهاينة سواء كانوا السياسيين الذين أصدروا قرارات العدوان أو الطيارين الذين ألقوا القذائف المحرمة دوليا علي النساء والأطفال ؟!.
وعندما سنحت فرص لمحاكمة هؤلاء - عبر تقرير جولدستون الشهير أو عبر المحكمة الجنائية الدولية أو عبر المحاكم الأوروبية مثل القبض علي ليفني في لندن - ظهرت العدالة "أم وشين" في العالم وظهرت ازدواجية الغرب ونفاقهم وكرههم لنا وحمايتهم للصهاينة !
كل عام تحتفل منظمة الأمم المتحدة بذكرى ما يسمي «تحرير» اليهود من معسكرات الاعتقال النازية ، ويتخذ الاحتفال شكل اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة في أواخر يناير من كل عام، والهدف هو لفت انتباه البشرية إلى مخاطر القتل الجماعي لليهود علي يد النازيين واستعادة ذكرى معسكر «أوشفيتز» للقتل الجماعي في عهد ألمانيا النازية .. ومع هذا فلم يحرك أحد ساكنا أمام المحارق الصهيونية المتوالية للشعب الفلسطيني واللبناني مثل قانا وصبرا وشاتيلا وغزة وأخواتها .. ولا أحد فكر في يوم سنوي للتذكير بهذه المحارق الصهيونية .. فمحارق النازية حرام أما محارق الصهاينة فهي حلال وتجوز شرعا في عرف العالم المتحضر الذي تسيطر عليه أمريكا واللوبي الصهيوني !
لماذا لا تحتفل الأمم المتحدة بذكرى مذبحة دير ياسين مثلاً، القرية الفلسطينية التي جرى ذبح معظم أهلها بدم بارد على أيدي عصابة يهودية تحت قيادة مناحيم بيجين الذي أصبح فيما بعد رئيس وزراء الدولة الإسرائيلية، أو مذبحة "شكيد" للأسرى المصريين في حرب 67 التي تباهي بها وزراء صهاينة حاليون ؟
كانت المحرقة الصهيونية تأكل اهلنا في غزة .. ونحن يأكل قلوبنا الغضب .. نصارع الزمن لنقل حقيقة الوجه الصهيوني القبيح لعل العالم يتحرك .. ولكن هيهات ! يكبلنا القهر مما نشاهده من مجازر يندي لها جبين البشرية وصراخ وعويل الأطفال والنساء وهم يحترقون جراء الفسفور الأبيض والقنابل والقذائف المحرمة الذي ينهال عليهم .
لن نتحدث عما رواه مؤرخون أوروبيون وأميركيون عن التشكيك في محارق النازية وما جرى في معسكر «أوشفيتز» لأن الترويج اليهودي لها جعل هذا أمرا لا يجوز الطعن به، ولكن : أليست محارق الصهاينة للفلسطينيين والعرب أمرا واقعا وموثقا بالصورة ؟ ألا يرى العالم الغربي تحت أصابع قدميه كل هذا ، أم أن كراهيتهم الدينية العنصرية – كما الصهاينة – للمسلمين والرغبة في قتلهم وذبحهم أمر مشروع ؟!
الحرب الصهيونية الأخيرة أحرقت الأخضر واليابس ورائحة الحريق الناجم عن قنابل الفسفور لا تزال تزكم أنواف الاسر الفلسطينية التي تسكن الشوارع .. عشرات آلاف المنازل سويت بالأرض، أكثر من 1450 شهيد ارتقوا الي السماء يشكون ظلم العباد، بخلاف المصابين والمحروقين والمقطعة اوصالهم .. المئات من السكان المشردين يعيشون في خيام قماشية على أنقاض منازلهم المدمرة ولا يجدون ما يبنوه به منازلهم إلا الطين .. عادوا الي العصور الوسطي ليبنوا بيوتهم بالطين الذي تجرفه الأمطار والسيول وتنخر في ترابه !
تبرعات ومسابقات ترفيهية عربية بالملايين والمليارات تذهب للغرب أو للشرق ، وأنفاق ببزخ علي مظاهر احتفالات أهل غزة في أشد الحاجة لأموالها .. ومئات الفضائيات العربية تتنافس في مسابقات أجمل رجل في العالم (!) وأمنياتك في عيد الميلاد ومسابقات مليونية تلهي عقول الأجيال الجديدة ، وليس هناك فضائية واحدة ذهبت لتصوير الفاجعة التي يعيشها سكان غزة ولا حتي عرضت صور جرائم الاحتلال .
المجاهدون والمقاومون لا يراهنون ولم يراهنوا يوما علي أحد ، فقط يحتسبون امرهم عند الله ويطلبون منه الثواب والأجر ولا يؤرجون في اي نظام أو حكومة في العالم أن يقف بجانبهم بالقوة وحدها وما اعدوه من قوة ورباط الخيل هو ما يرهب عدوهم الصهيوني ولولها لسبح الصهاينة في دماء أهل غزة !.
الجهات المانحة مثل الـ"UNDP" و"الأونروا" وعدت الفلسطينيين منذ عام مضي بتحسين أوضاعهم، لكنها لم تتحرك حتى الآن, ولا أحد تحرك لإعمار ما خربته يد الغدر الصهيونية ، والعقاب الجماعي مستمر ولتذهب قوانين وقرارات الشرعية الدولية للجحيم !.
ومع دخول العام الثاني للحرب الصهيونية الشعواء التي طالت الأخضر واليابس بات لسان حال الآلاف من الأطفال وعائلتهم المشردة يقول: "إلى متى سيبقى حالنا هكذا بعد حصار 3 سنوات ؟
توصيات الجامعة العربية بخرق الحصار علي غزة خرجت ولم تعد وعلي العكس زاد العرب أهل غزة حصارا !؟ وكل محاولات ملاحقة المجرمين الصهاينة بائت بالفشل بسبب التواطوء الأوروبي والأمريكي مع الصهاينة وإفشال اي محاولة لمحاكمتهم سواء عبر تقرير جولدستون أو المحكمة الجنائية أو حتي محكمة لندن .
ليست غزة فقط المحاصرة وانما كل القدس والأقصي حيث يجري حصار مشابه وهدم مباني وطرد القيادات الدينية والسياسية الفلسطينية خارج القدس (أخرهم الشيخ رائد صلاح المبعد 3 أسابيع ستمتد الي 6 اشهرر)
لن ننسي مجازر ومحارق غزة ابدا .. حتي ننتقم من هؤلاء المجرمين النازيين الصهاينة .