السلام عليكم ورحمة الله
كتبه عبدالله بن حمد العذبة
تشرق مصر علينا هذه المرة بأول دستور ديمقراطي تشهده بعد عقود من الاستبداد، وبعد فراغ دستوري تسببت فيه أطراف أخرى، ولكن تم حسمه بحكمة من قبل أول رئيس
منتخب من الشعب وبنزاهة، بعيداً عن سيناريو موافقة بنسبة %99.999.
من المهم أن نعرف أن الدستور المصري الديمقراطي سيكون نافذاً فور إعلان النتيجة رسمياً، ومرد نفاذه الفوري هو أن المادة 225 في الدستور تنص على «يعمل بالدستور
من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه في الاستفتاء، وذلك بأغلبية عدد الأصوات الصحيحة للمشاركين في الاستفتاء»، وبهذا ينتهي الجدل السياسي الذي ثار بسبب الإعلانات
الدستورية التي اتخذها د. محمد مرسي رئيس الشقيقة الغالية مصر بقصد حماية الثورة، إذ إنها تفقد القوة القانونية بعد أن حسم الشعب المصري خياره، وأقر دستوره بنسبة
قاربت «الثلثين».
يتميز الدستور المصري الجديد بأنه لا يسمح للرئيس بأن يرأسها أكثر من فترتين، بعيداً عن خطبة الرئيس المخلوع «الكفن ملوش جيوب».
يرى محللون أن مصر اليوم تحتاج إلى طي الخلافات السياسية بين الفرقاء أكثر من أي وقت مضى، لا سيما أن الدور المنوط بالقاهرة -والتي عرفت عبر التاريخ باسم جوهرة
الشرق- أكبر من أية خلافات مردها مصالح آنية زائلة، أو مدفوعة من الخارج ظهرت في الإعلام الفاسد الذي يلي أعناق الحقيقة ويزورها، ومن المهم أن يتذكر المصريون أن
الرئيس المصري محمد مرسي رئيسٌ لجميع المصريين، سواء كانوا ممن صوتوا على الدستور بـ «نعم» أو بـ «لا»، وآمل أن يكون هذا الأمر واضحاً لدينا في دول مجلس
التعاون للخليج العربي قبل غيرنا من الدول العربية وقنواتها الإعلامية العربية أو غير «العربية».
يخطئ البعض إن كان يعتقد أنه يستطيع استحداث نظام في دولة أخرى ليخدم مصالحه، ولا يمكن أن نوهم أنفسنا بأننا نستطيع تفصيل الشعوب الأخرى وإراداتها على مقاساتنا،
وإن أي عبث لمحاولة تحقيق هذا الأمر قد يؤدي إلى تكرار حالة العراق المتمثلة بحكومة نوري المالكي التي يتهمها الكثيرون بتنفيذ أجندات خارجية وعلى أساس طائفي.
مصر لا تحتمل العبث بها، لا سيما أنها إحدى قوى الوطن العربي التي نحتاج جميعاً إلى عودتها لتؤدي الدور المناط بها، في ظل اختلال موازين القوى في المنطقة.
إنني أعتقد أن جمهورية مصر العربية تحتاج إلى قطر العروبة من الناحية الاقتصادية وغيرها، وأرى أن المصريين أولى من غيرهم باستثمارات قطر التي لا يخفى على
منصف موقفها العروبي لدعم الشعوب، إن الأموال القطرية قادرة على دفع عجلة التنمية في كل بقعة مصرية لتحقيق أهداف ثورة 25 يناير، كما أنني أؤمن بأن مصر تحتاج
إلى الشقيقة الكبرى السعودية وبقية دول الخليج العربي، تماماً مثل حاجتنا نحن إلى جمهورية مصر العربية الكبيرة بدورها التاريخي والمستقبلي وطاقتها البشرية الأكبر في
الوطن العربي، ونحتاج إلى المقاربة ليعم الاستقرار في المنطقة، وهذا سيؤدي إلى تقدم شعوب الأمة العربية والإسلامية مرة أخرى.
أخيراً وليس آخراً: ألا يحق للمواطن المصري الذي صوت بـ «لا» وصوت بـ «نعم» أن يعيش بهدوء بعد أن تم حسم أمر الدستور؟ أما آن للمصريين الهدوء لجني ثمار
ثورتهم المباركة؟