<div align="center">السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
البارحة بعد أن أويت إلى فراشي ،، وقرأت ملخصا لموضوعٍ تخصصي ،، ثم ذهبت في رحلتي المعتادة مع كتاب من الكتب العامة المنتقاة ،، وكان نصيب البارحة لكتاب : ( مع الناس ) ، للشيخ علي الطنطاوي رحمه الله ، والذي سقط على وجهي في ليلتين سابقتين - قبل أن أقرأ دعاء النوم - ,والحمد لله أنه كتاب ليس بالكبير ، وبعد معاندتي لنفسي بالمضي في إنهاء بعض رسائله الشيقة الماتعة النافعة ،، التي تتصارع حلاوتها مع لذة النوم بعد التعب .. ولكن سنة الله ماضية
<font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font>وجعلنا نومكم سباتا<font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font>
على كل حال .. عوداً إلى قصتنا ،،
أقول وأنا غارق في توصيفات الطنطاوي - رحمه الله - بين صعود سفح قاسيون والاستواء في الأمويين ،، في هذه التخيلات المحلقة ،، ومع ناشئة الليل ،، وفي سكون لا يحركه غير الصمت المطبق ،، رن جرس الهاتف المحمول ،، فأرعبني الاتصال ..
،، كلا ،، لم يرعبني ،،
ولكن أرعبني رقم المتصل ؟
أهو هو يا ترى ؟!
سمعت صوتا .. متقطعاً ،،
ثم سمعت ..
سمعت كلاما لا أفقهه !!
ثم تسمعت صوتا أكثر خفاء !!
يا الله !!
ما هذا ؟
من هذا ؟
أهو هو ؟!
لماذا ؟
ثم .. إذا صوت نشيج يتصاعد .. أعلى ،، فأعلى ،،،
ثم خرجت صرخة مندفعة ملء الحنجرة ..
ماذا ؟
أنا فلان ..
فلان ؟!
وأسرها عبيد في نفسه ولم يبدها له: أعوذ بالله !
ثم تماسكت : مالك يا فلان ..
عاد الصوت نشيجا ..
تكلم بارك الله فيك !
وإذا صرخة أخرى أقل صوتا .. : أبشرك .. ثم ينقطع الصوت ..
.. أخذت أفكر .. مبشر يبكي ..
نسيت النوم وكان مني قاب ذراع تمتد نحو زر مضاءة السرير لتخفي ضوءها ..
قلت في نفسي : .. يا هذا لا تحرق أعصابي ..
تماسك فلان المتصل ،، وخطف جملة متسارعة مع خلفية من النشيج : أبشرك أني استقمت .
ثم ..
ثم انفجر باكياً ..
صدقوني لأول مرَّة أسمعه يبكي .. فلو رأيتموه قبل لما تخيلتم أن عينه تقبل ذرف الدمع .. قسوة .. عناد ..
نعم انفجر فلان الذي أزعج الناس عربا وعجما - إي والله - بظلمه وجوره وتلاعبه ومخادعته ..
إنه فلان الذي لم يخطر ببالي أنه هو الذي سيبشرني برد الله قلبه الذي خطفه أصحاب السوء ،، وخونة الأخوة ،، وأعداء السعادة ،، فلان الذي أزعج أباه حتى نفر من صحبته في أقل المسارات وأكبر المناسبات ،، فلان الذي اعتصر له قلب أمه .. فلان الذي ..
نعم .. انفجر باكيا ،،
ولم أعد أفهم منه كلمة بعد هذا الانفجار ،،
حاولت إغلاق الجهاز ( الهاتف - المسرة ) ،، وإذا صوته يذهب ويجيء نشيجا ونحيبا وبكاء ..
لا إله إلا الله ..
صدقوني لو أخبرني الثقات عن استقامته وتوبته لما صدقته حتى أرى بعيني .. فكيف بغيرهم ..
استمعت .. فلا صوت ،،
تسمعت .. فأدركت أن المكالمة مستمرة .. وهذا ما أكدته الشاشة بعد أن لمحتها ..
تماسكت أنا وفاتحته بعد الصمت : مهلا يا رجل .. لك أن تسر وتحمد الله ..
هونت عليه أمر ماضيه بما بعد التوبة ،، لكنه بقي على تألمه وتوجعه وندمه يبكي .. وجهت له نصائح عجلى .. وطلبت منه أن يسأل ربه الثبات على الهدى ..
ثم استأذنته وبادرته بالسلام ليرد فأنام ..
ولكنه استجمع نفسه وقواه فصارحني أنه يريد مقابلتي .. قلت له : متى أردت فلا مانع إن شاء الله ! ففهمني وقال : الآن الوقت غير مناسب ولكن غداً إن شاء الله .. وقد دار بيني وبينه حديث مساء هذا اليوم ،، فالحمد لله على منة الهداية ..
فيا أخوتاه .. يا إخوتاه :
أرجوكم وأطلب منكم طلبا أرجو نفعه : ادعوا له بالهداية التامة والثبات الدائم . . أرجوكم ،، فهذا الرجل له أصحاب يعجب من خبثهم ومكرهم العجب .. ادعوا له لعل الله أن يتقبل دعوة منكم ،، فإني لأرجو أن لا يخيب الله دعاءنا جميعا ..
بارك الله فيكم وجزاكم عنا خيرا ..
أخوكم ومحبكم في الله /
عبيد المبين
عفى الله عنه</div>