نقلا عن : محمد بن ناصر الحزمي امام وخطيب جامع الرحمن -صنعاء
قصتي مع الدكتور كولن (كل الغربيين في ذمتكم)
جاءني ذات يوم قبل ما يقارب عشر سنوات من الآن حارس المنزل المجاور للمسجد الذي أخطب فيه – جامع الرحمن -، قال الحارس: "الدكتور كولن شفرد يريدك (مدير شركة سن ول) أمريكي الجنسية".
قلت: "وأنا أريده"، -كنت أعلم ماذا يريد مني؛ فهو يشتكي من سماعات المسجد التي على المنارة فهي تزعجه؛ حيث قد سبق وأن جاءني صاحب المنزل قبله-، تواعدنا لليوم التالي ذهبت إليه استقبلني في فناء المنزل – الفلة- بادرته بعد أن فكرت مليا فقلت لنفسي: "لماذا لا اقتحم؟، ولن اخسر شيء، بل العكس أبلغه رسالة الإسلام وأكون قد أقمت الحجة عليه فإن شاء آمن وإن شاء ظل على كفره".
قائلاً: "اسمع إلي قبل أن أسمع إليك".
قال: "ماذا تريد؟".
قلت: يقول الله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنا مُسْلِمُونَ} [سورة آل عمران: 64].
استغرب قائلاً: "تدعوني إلى الإسلام؟!".
قلت: "نعم".
قال: "إن دينكم لم ينتشر إلا بالإرهاب، انظر إلى ما يحدث في الجزائر و...".
قلت له وقد أخذت نباتا من الأرض: "ما هذا؟".
قال: "نبات".
قلت: "لو قلت لك هذا ثعبان هل تصدق؟".
قال: "لا".
قلت: "لو أعطيتك 5000$ هل ستقول ثعبان؟!".
فضحك قائلا: "هات".
قلت: "وهل ستعتقد في قلبك أنه ثعبان؟!".
قال: "لا".
قلت: "ولو فرضت عليك أن تقول ثعبان وإلا طعنتك بالخنجر – الجنبية-".
قال: "سأقول".
قلت: "ولكن هل سيستقر في قلبك بالإغراء أو التهديد ان هذا النبات ثعبانا؟!".
قال: "لا".
قلت: "كذلك الإسلام، لا يمكن أن يستقر في القلب لا بالإغراء المادي ولا بالإرهاب النفسي، ولو كان هذا هو مقياسكم لنشر الإسلام لخرج اليوم كثير من المسلمين من هذا الدين بسبب ما يلاقوه من عنت وظلم وتخلف، وعلى العكس من ذلك نجد برغم التشهير والتشويه سواء من أبنائه أو من أعدئه إلا أنه ينتشر في أصقاع المعمورة".
فلبث مليا ثم قال: "أريد أن أعرف عن الإسلام أكثر".
تواعدنا إلى اليوم التالي ثم أحضرت له نشرات عن الإسلام باللغة الإنجليزية فقرأها، ثم أرسل إلي بعد أسبوع حارسه...
فقال لي: "الدكتور كولن يريدك"، وكان هذا في نهار رمضان، فذهبت إليه...
قلت: "له ماذا تريد؟".
قال: "أريد أن أسلم"...
ما أجملها من كلمة تختلج في صدر الداعية وهو يقطف ثمرة جهد يسير كان بدايته الإقدام بهمة عالية. شعرت بسعادة تغمرني، سارعت إلى التوضيح له ماذا يعني انتمائه للإسلام؛ فقد كان هذا الرجل يقيم حفلات صاخبة في بيته، مزعجة لنا، كونه بجوار المسجد، ووالله إن بعض الشباب المتحمس كان يريد أن يتصرف تصرفات طائشة، فكنت اقول لهم صبرا سيجعل الله مخرجا. وفعلا هذا الذي حدث فأردت أن أختبره هل أسلم عن اقتناع أم أنها نزوة ظرفية أو لحظة عاطفية...
فقلت له: "ولكن الاسلام يحرم الخمر وأنت معتاد على شربه".
قال: "نحن قد بلغنا قمة الحضارة المادية، وأعطينا أنفسنا ما تريد، ولكنا لم نستطع إسعادها فنهرب من النكد الذي نعيشه اإلى شرب الخمر، ولكن بعد ما عرفت هذا الدين أقول كل الغربيين في ذمتكم يا مسلمين".
قلت له: "لماذا؟".
قال: "لأنكم لم تبلغوا لهم هذا النور، ولا يعرفون عن الإسلام إلا من وسائل الإعلام بأنه قتل وإرهاب، أو من سواح الجنس العرب عندما يأتون إلى الغرب، بأنه دين تخلف وشهوات، شعرت أنه دخل الإسلام بعد أن شعر بحلاوته مقارنا ذلك بمرارة الكفر الذي كان يتجرعها، ودخل بعد أن شرح الله صدره للإسلام لأن من علامة الانشراح للإسلام أن يكره ضده، فإذا انشرحت نفسك للطاعة فبالمقابل تكره المعصية، وإذا رغبت لسماع القرآن والمواعظ كرهت ما يناقضها، لا يمكن أن يجتمع في قلب مؤمن حب الله وحب ما يبغضه الله...
المهم، أخذته إلى المسجد قبل أن يؤذن لصلاة المغرب وقد اجتمع الناس في باحة المسجد استعدادا للإفطار، ثم وقف أمامهم بشموخ واعتزاز وأعلن "لا إله إلا الله، محمد رسول الله"، رحب به المصلون وبكى بعض الحاضرين وكان مشهدا إيمانيا مؤثرا...
قلت له: "عندما دعوتني ماذا كنت تريد؟".
فقال مازحا: "أريدك أن تدخل سماعة المسجد إلى البيت".
حسن إسلامه، كان محافظا على الصلاة في المسجد حتى تم نقله إلى الجزائر في نفس الشركة.
طريق الإسلام