الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
وبعد:
فقد حث الله سبحانه المسلمين على الجهاد بأموالهم في سبيل الله، فقال تعالى: (وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله)، وقال تعالى: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة).
وروى أحمد وأبو داود عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (جاهدوا المشركين بأموالكم وأيديكم وألسنتكم).
وما ذلك إلا للأثر العظيم للمال على الجهاد.
وكما أن بذل المال للمجاهدين جهاد فإن منعه عن الكفار إذا تقوّوا به في حربهم على المسلمين جهاد أيضاً، بل هو آكد من الأول لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
وهذا النوع من الجهاد عمل به النبي صلى الله عليه وسلم كما في حصره لبني النضير وقطعه وتحريقه لنخيلهم، وفعَله الصحابة رضي الله عنهم أيضاً بتقرير النبي صلى الله عليه وسلم كمنع ثمامة بن أثال رضي الله عنه الميرة عن كفار مكة.
والأمثلة كثيرة على هذا النوع من الجهاد.
وقد علم المسلمون في هذا الوقت مدى عداوة أمريكا وبريطانيا وغيرهما للإسلام وأهله، وأنها أعلنت الحرب الصليبية علينا، فقتلت قسماً كبيراً من المسلمين، وظاهرت على قتل آخرين، وشردت أقواماً، وحاصرت آخرين، مصداقاً لقوله تعالى: (ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا).
فإن احتج محتج بأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقاطع اليهود الذين كانوا في المدينة.
فالجواب أن يقال:
إن النبي عليه الصلاة والسلام لم يقاطع اليهود في أول الأمر حين كانوا مسالمين لأنهم لم تظهر لهم نوايا ضد الإسلام والمسلمين، فلما ظهرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم نواياهم وخاف من شرهم وضررهم وقد نقضوا عهودهم قاطعهم وحاصر قراهم، فقد حاصر بني النضير وقاطعهم وقطّع أشجارهم ونخيلهم، فكانت المحاصرة وإتلاف مزارعهم ونخيلهم التي هي عصب قوة اقتصادهم من أعظم وسائل الضغط عليهم وهزيمتهم وإجلائهم من المدينة.
وكذلك فعل صلى الله عليه وسلم مع بني قريظة لما علم خيانتهم مع الأحزاب، حاصرهم حصارا محكما حتى نزلوا على حكم الله، فقتل مقاتلتهم وسبا نساءهم وذراريهم.
ثم إن قياس حالة الأمريكان واليهود والنصارى وشركاتهم في وقتنا الحاضر على يهود المدينة الذين هم قلة بالنسبة للمسلمين، مع أنهم لم يعلنوا الحرب قياس فاسد، لأن الأمريكان واليهود والنصارى وشركاتهم لا يفتأون يشنون الحروب على الشعوب المسلمة، ويدعمون أعداء الإسلام في حروبهم ضد المجاهدين.
ومن المعلوم لدى الجميع أن قوام قوات أمريكا الصليبية وغيرها من دول الكفر يعتمد على اقتصادها، ومتى ضعف اقتصادها ضعفت قوتها.
لذلك نحث جميع المسلمين على المقاطعة الشاملة لجميع المنتجات الأمريكية والبريطانية وغيرهما من دول الكفر المحاربة للمسلمين، والبدائل عنها بحمد الله موجودة، وفي هذا إسهام من المسلمين في جهاد أعداء الله وإضعاف لهذه الحملة الصليبية ومناصرة لإخوانهم المجاهدين.
بل هو متأكد في حق جميع المسلمين لإضعاف العدو الأول الذي سام المسلمين في كل مكان سوء العذاب، فعلى المسلمين أن يبادروا في تجديد هذه الدعوة، والتطبيق للمقاطعة الشاملة التي هزت الاقتصاد الأمريكي خلال العام الماضي بفضل الله ثم بفضل مقاطعة شريحة كبيرة من المسلمين لمنتجاتها.
ونكرر دعوتنا للمسلمين جميعاً بكل طبقاتهم وجنسياتهم أن يعملوا على مقاطعة هذا العدو الذي يتربص بالمسلمين الدوائر.
نسأل الله تعالى أن ينصر المجاهدين، وأن يعلي راية الدين، وأن يخزي الكفار أجمعين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين