جرَّبتُ لك,, فكَّرتُ لك
مع الاسترخاء العميق
محمد عبدالله الوابل
مقدمة:
ألح عليَّ بعض الأصدقاء في الكتابة عن تجاربي في بعض الأمور الطريفة، وقد ماطلت وترددت ولكن في النهاية استجبت بدافع قوي يشعر به كل من مر بتجربة شيقة وأحب أن يشاركه الناس فيها.
وعن موضوعنا أقول ان الاسترخاء العميق معروف منذ القدم عند محترفي التأمل في الصين واليابان والهند، وقد راجت ممارسة هذه الرياضة الذهنية في الغرب في السنوات الأخيرة لمواجهة ضغوط الحياة وايقاعها السريع اللذين جلبهما التقدم العلمي والحضاري.
* مفهوم المواجهة أو الهرب .
لعله من المفيد أن نعرف أولاً الحالة المضادة للاسترخاء العميق، فهذه الحالة تتميز بتوتر شديد في الجسم وتعرف بحالة المواجهة أو الهرب .
فعندما يستفز الإنسان يستثار العصب السمبتاوي الذي يقوم، بقدرة المولى عز وجل، بافراز هرمونات معينة تعطي الجسم طاقة هائلة لاستخدامها في المواجهة أو الهرب, وأهم هذه المواد مادتا الادرنالين والنورادرنالين من الغدد الكظرية، وهي محفزات قوية تحدث تغيرات في الجسم تشمل زيادة في دقات القلب وضغط الدم والاستقلاب أو حرق الطاقة وزيادة ملحوظة في تدفق الدم لعضلات الذراعين والساقين, وهذا يرفع من قدرة الجسم على الأداء والاستجابة, وهو بمثابة اعلان لحالة الطوارئ في الجسم لا ارادة للمخلوق فيه، لكن في حالة عدم ترجمة هذه التحولات إلى حركة كالقتال أو الفرار وتكرر حدوثها لفترات طويلة فانها تحدث دماراً في الجسم يشمل ضغط الدم وأمراض القلب والسكتات الدماغية وتعطل وظائف الكلى ومضاعفات أخرى.
وحين كانت الحياة بسيطة كان الإنسان حين يشعر بالخطر أو يغضب يستعمل هذه الطاقة للمواجهة أو الهرب ويزول تأثيرها ومفعولها بزوال الخطر أو المسبب.
والإنسان البسيط كان في حركة دائبة فحتى لو لم يستعمل طاقته في المواجهة أو الهرب فإنه يستهلكها في قضاء حاجاته التي لا تنتهي كالحرث والمشي وحمل الأثقال, أما الآن حينما تعقدت الأمور فإن الانسان يتعرض للعديد من المواقف في اليوم الواحد التي تثير غضبه وتجعل جسمه يعلن حالة الاستنفار استعداداً للمواجهة أو الهرب, والجسم لا يفرق فهو يعلن نفس حالة التأهب هذه كلما غضب أو شعر بالتهديد أو الخطر سواء كان هذا الخطر حقيقياً أو معنوياً وسواء تطلب كراً وفراً أو لم يتطلب, والإنسان في هذا العصر لا يستطيع في الغالبية العظمى من الأحيان ان يواجه ولا أن يهرب وإلا ترتب على ذلك عواقب ضارة, فالمرء لا يستطيع في الغالبية العظمى من الاحيان أن يثور في وجه رئيسه ولا أن يصارع كل سائق يضايقه في الطريق ولا أن ينفعل اذا اصطدم بروتين أهوج تتحطم عليه الأحلام, وليس أمامه في أحوال كهذه سوى كبت مشاعره والغليان بنار الطاقة التي تولدت واحتبست في جسمه وخاصة انه يمضي جل أوقات صحوه جالساً, بل ان الجسم في بعض الأحيان يعلن حالة الطوارئ هذه عندما يتذكر الانسان تجربة مريرة او موقفاً مؤلماً أو لتحد بسيط تحت ضغط عامل الزمن، ناهيك عن الأخبار وما تحمله من أحداث مؤلمة في أحيان كثيرة, ولذلك فإني أنصح من يحس ان جسمه قد استنفر أن يحرق هذه الطاقة بالرياضة أو المشي واذا لم يتوفر لديه ميدان فليجر في مكانه وذلك برفع قدميه وتحريك يديه كأنه يجري.
الاسترخاء السطحي.
إن التدليك والحمام الساخن متبوعاً بالبارد والتمدد والتنفس العميق وشد العضلات وارخائها واعطاء الأوامر لاعضاء الجسم بالاسترخاء عادة ما تجلب الاسترخاء للبدن وتريحه من عناء التعب والتوتر وهي بلا شك مفيدة جداً, ولكن هذا النوع من الاسترخاء هو استرخاء سطحي مدته محدودة ولا تأثير له على المخ الذي يبقى مشوشاً ومتعباً وخاصة إذا أقلق الإنسان أمر من أمور الحياة, كما أن هذا النوع من الاسترخاء لا يعادل مفعول التوتر الناجم عن اثارة الجسم استجابة لما يعرف بمفهوم المواجهة أو الهرب ، هذا بالاضافة إلى أنه يستغرق وقتاً ويستهلك مالاً قد لا يطيق كلفتهما كل الناس.
الاسترخاء العميق.
ولكن الخالق سبحانه وتعالى قد أودع في جسم الإنسان وظيفة مضادة تحد من إثارة العصب السمبتاوي وتحيد مفعول الإثارة الناتج عن المواجهة أو الهرب ، ويستطيع المرء استدعاءها عن طريق الاسترخاء العميق.
فإذا تمكن الإنسان من استحضار هذه الحالة وبلغ ذروتها فسوف تغشاه موجات من الاسترخاء العميق المتميز بهدوء الأعصاب وصفاء الذهن والسكينة والراحة النفسية والبدنية مع شعور بنعيم ومتعة لذيذة تدب في جسمه وتجعله لا يمل جلسته أو يتعب منها بسهولة, ويدوم تأثيرها معه لساعات يستطيع تجديدها كلما بدأ مفعولها يتلاشى, ولكن هذه الحالة لا تأتي عفوا مثلما تأتي حالة المواجهة أو الهرب بل لابد من بذل مجهود لاستدعائها.
وتتميز هذه الحالة بتدني استهلاك الأوكسجين وانخفاض دقات القلب والتنفس واحراق الطاقة وانخفاض في ملح الحامض اللبني وهو وضع مضاد لوضع المواجهة أو الهرب حيث ترتفع هذه الوظائف أثناءه, كذلك موجات الفا في الدماغ وموجات المخ البطيئة, والاسترخاء العميق قد يشترك مع النوم في عدة أمور ولكنه يختلف عنه اختلافاً جذرياً، كما أنه يختلف عن البيات الشتوي, ومن أراد التوسع فعليه الرجوع إلى كتاب: Herbert Benson: The Relaxation Response
كيف تستدعي الاسترخاء العميق:
إذا استطاع الإنسان أن يبقى مستيقظاً في جلسة مريحة وهادئة وألا يفكر في شيء لمدة من الزمن فإنه سيصل إلى الاسترخاء العميق, هذه ببساطة الشروط التي اذا توفرت تحقق الهدف, وهي بسيطة من الناحية النظرية إلا أن تحقيقها صعب, وللمساعدة على ذلك هناك عدة وسائل وهذه إحداها: تتطلب هذه الطريقة ان يجلس الإنسان مستريحاً على كرسي في مكان هادئ وخافت أو عديم الاضاءة ويغلق عينيه ولا يفكر في شيء ولكن يظل مستيقظاً ومسترخياً بقدر الإمكان, واذا عود الإنسان نفسه على الجلوس يومياً لمدة نصف ساعة دون أن يقلق ويستبطئ النتيجة فإنه في النهاية سيصل إلى الهدف بشرط ان يكون قد مضى ساعتان على أية وجبة طعام تناولها, ويحتاج الإنسان إلى شاغل يركز عليه فكره وينصح بالتركيز على النَّفس وترديد كلمة غير ذات معنى أو كلمة واحد عند الزفير، وكلما أدرك انه يفكر فعليه طرد هذه الأفكار بلطف دون الاسهاب فيها, ويمكن أن يكون الشاغل بصريا كأن يركز نظراته على نقطة معينة في مستوى النظر أو في الأرض وفي هذه الحالة لابد من فتح العينين, وتفيد هذه الطريقة في الاسترخاء السريع في المكتب او في غرف الانتظار أو في الأماكن العامة عندما يتمرن الإنسان ويصبح الاستدعاء فوريا.
* تجربتي مع الاسترخاء:
وبعد هذه المقدمة سأروي لكم قصتي مع الاسترخاء عسى أن يستفيد منها من أراد التطبيق ومن أراد العلم والاطلاع.
وأنا من جيل برمج التوتر فيهم منذ الصغر, فقد عشنا أزمنة صعبة وتحملنا المسؤولية صغاراً وعلمنا أنفسنا في نفس الوقت الذي كنا فيه نعيل أنفسنا وجرينا في سباق أبدي للحاق والتكيف مع حضارة القرن العشرين التي قذفنا فيها قذفاً دونما مقدمات حتى أصبح الواحد منا محترفاً للهم, ولم تكن لدينا أي فكرة عن الاسترخاء, بل ان الواحد منا إذا أراد أن يذاكر موضوعاً صعباً أو يقرأ تقريراً معقداً قوس كتفيه وقطب جبينه ووتر جسمه وساقيه وكأنه لن يفهم إلا اذا كان في أقصى حالات التأهب.
وفي الجامعة هويت علم النفس وعلم السلوك وتابعت تطوراتهما واستفدت منهما فائدة عظيمة في تغيير سلوكي ونظرتي للأمور وحكمي عليها, وقد تعلمت الاسترخاء السطحي الذي أفادني في تهدئة أعصابي عندما تتوتر أو عندما اصادف موقفاً مثيراً وكنت أحسب الاسترخاء العميق من اختصاص حكماء الشرق الذين يمضون جزءاً كبيراً من ساعات اليقظة مثبتين في مقاعدهم ومغلقين أعينهم ولكن بعد رواج استعماله في الغرب زال عنه الغموض الذي كان يلفه.
* بدء الجلسات مع التركيز على النفس كشاغل.
وقد بدأت جلساتي في وقت معين من كل يوم وحققت بعض النجاح في أول الأمر ولكن مع مرور الوقت وجدت أن عدم التفكير أمر عسير جداً, فلا تكاد تمر لحظات إلا وجدت اني قد استغرقت في التفكير أعود بعدها للانتباه لأجد أني بعد ثوان أخرى قد انهمكت في التفكير مرة أخرى, فإذا اعلنت حالة الانتباه القصوى وجدت بعد قليل أن اعصابي قد انشدت وان نفسي قد ثار لأني من حيث لا أدري ازيد من ايقاعه لكي أهرب من الأفكار, وأصبح الوقت يمر ببطء وصارت الجلسة تعذيباً أكاد اطير من الفرح حينما تنتهي.
ولم تكد تمضي عدة أسابيع حتى وجدت أن التركيز على النفس له مساوئ اهمها اني، لا شعورياً، أميل إلى اخضاع ايقاعه للإرادة فلا أشعر إلا وايقاعه شديد مما سبب لي انشحاطاً في الحلق والتهاباً من شدة استنشاق الهواء الجاف، كما أن استبطائي للعملية كان يوتر أعصابي.
* إلى التركيز النظري:
لذلك قررت أن أترك التركيز على النفس وأتحول إلى التركيز النظري على موجات الظلام الدامس حيث بدأت أنظر إليها وهي تتماوج وتمثل اللاشيء بعينه, وقد حققت نجاحاً في أول الأمر في الوصول إلى حالة الاسترخاء التي أريدها واعتقدت انني تمكنت من العملية ولكن مع مرور الوقت لم استطع تكرارها ولم أجد استجابة, وبعد محاولات دامت عدة أسابيع عدت إلى عملية التنفس وامضيت اسبوعاً استعيد الانماط والحيل التي طورتها سابقاً ولكن بعد اسبوعين آخرين وصلت إلى قناعة هي أن متابعة التنفس كشاغل غير مناسب لي لما سببه من التهاب في الحلق ومن تسرع في النفس لذلك اتجهت للشاغل السمعي.
* إلى التركيز السمعي:
ولهذا الغرض احضرت ساعة بالقرب مني وركزت على دقاتها،وقد شعرت براحة لها أول الأمر وخلت أنها ضالتي المنشودة حيث وصلت إلى الاسترخاء في مرات متقطعة, ولكن مع مرور الزمن بدأت اتضايق من ايقاعها السريع الذي بدى انه يتناقض مع الاسترخاء الذي يتطلب ايقاعاً بطيئاً, وبحثت عن أية آلة أو ساعة تكون دقاتها كل ثانيتين بدلاً من كل ثانية واحدة فلم أجد.
إلى التركيز النظري مرة أخرى, ولهذه الغاية جربت عدة رسومات للمخ أركز عليها واتخيلها عند الجلوس للاسترخاء، وكانت الواحدة منها تبشر بنتائج واعدة في أول الأمر ولكنها مع مرور الوقت تصبح مراوغة وتخيلها والتركيز عليها في الظلام يعشي البصر ويثير الأعصاب, ثم جربت عدة إشارات ضوئية مختلفة الألوان ولكنها لم تجد أيضاً, وبعد عدة أسابيع اقتنعت بعدم جدوى هذه كلها وقررت التخلي عنها.
إعادة تقييم الحالة:
رغم اني خلال هذه المراحل من التجارب قد حققت تقدماً ملموساً إلا أنني لا زلت غير متمكن من استحضار الاسترخاء العميق بصورة منهجية وبسهولة ويسر, فأنا أتمكن من استدعائه في بعض الجلسات بعد معاناة طويلة وإذا حاولت تكرار التجربة لم أحصل على نفس النتيجة, والسؤال الآن هو:
هل الاسترخاء لكل إنسان؟
هل الإنسان الذي شخصيته من فئة أ حار وأمضى أكثر حياته في صولات وجولات بحيث تعود جسمه على التوتر وقرأ مئات الكتب واستوعب عشرات النظريات وعود عقله على التفكير والتحليل والربط وقراءة ما بين السطور وتعرضت عواطفه للصدمات والهزات وكان الهم عنده احترافاً قادراً في النهاية على اطلاق دفاعاته والوصول إلى الاسترخاء العميق؟
وبعبارة أخرى هل هناك مقاومة عقلية لا واعية للاسترخاء في مثل هذه الشخصيات؟
والجواب عندي نعم هناك مقاومة عقلية لا شعورية للاسترخاء لدى هذه الشخصيات, ذلك لأن اليقظة والقلق قد تبرمج فيها وأصبح من طبعها والاسترخاء فيه تهديد نفسي لها لأنه يشعرها بالانكشاف والتعرض, ولكن مع ذلك كان لدي ايمان عميق بان الله سيمكنني من نقض هذه البرمجة والوصول إلى الاسترخاء, ولدي خبرة طويلة في نقص البرمجات السلبية في شخصيتي وبوسع كل انسان أن يفعل ذلك وسأكتب عن ذلك لاحقاً .
* عودة إلى التنفس كشاغل:
بعد أن تزودت بكمية من حلويات المص للحلق وبمرطب قريب مني استأنفت جلساتي ورجعت إلى التنفس كشاغل, وبدأت جلساتي، بعد الدعاء إلى الله وطلب التوفيق منه، بعدة تمارين استرخاء جسدية متبوعة بتمارين استرخاء عقلية أهمها وأكثرها نجاحاً اصدار أوامر إلى كافة أعضاء الجسم للاسترخاء, وقد يستهين البعض بهذه الطريقة لبساطتها ولكنها فعالة جداً, وبعد ذلك استعين بالصبر والدعاء وعدم الاستعجال واتخيل اني قد استرخيت.
وقد بدأت احقق تقدماً بطيئاً ولكنه ملحوظ, ولكن مشكلة التنفس واخضاعه للإرادة بدأت تظهر مرة أخرى, فانشغالي بالنفس جعلني رغماً عني أخضعه للإرادة فساعة يزيد وساعة ينقص مما يؤثر على دقات القلب ثم يثير التوتر ويبطيء في حصول الاسترخاء, وقد امضيت اسابيع في التمرن على التنفس الطبيعي مستعيناً بأوامر الاسترخاء.
* النعاس وضربات القلب:
ومع مرور الوقت بدأت أصل إلى الاسترخاء في نصف الجلسات تقريباً ولكن بعد محاولات مطولة، وتصيبني خيبة أمل في الجلسات التي لا أتمكن فيها من استحضاره، غير ان وصولي إليه أحياناً جعل ايماني يقوى بتمكني منه في النهاية.
ولكن هناك مشكلتين بدأتا تواجهاني, المشكلة الأولى: هي أني في بعض الأحيان، اذا تمكنت من قطع التفكير بعد جهود مضنية، غشاني النعاس فلا أفلت منه إلا بعد أن اقطع الجلسة وأقوم ببعض الحركات كالمشي أو الوضوء بالماء البارد, وأنا أعرف ان هذه الطريقة، أي طريقة طرد الأفكار، يستعملها أهل الشرق الأقصى للنوم, فقد رافقني عدد من اليابانيين في عدة سفرات فلاحظت أنهم ينامون من فورهم في السيارة وفي القطار وفي الطائرة ويتعلمون هذه الطريقة على يد مدربين متخصصين, وقد جربتها للنوم فحصلت منها على نتائج ايجابية غير اني لم أداوم عليها, ومن ينام في جلسات الاسترخاء لا يتمتع بالاسترخاء العميق.
والمشكلة الثانية هي: زيادة ضربات القلب عند الاقتراب من الذروة الأمر الذي كان مصدر ازعاج لي وفوت أو أطال عليَّ الوصول إلى الهدف حيث ان انخفاض ضربات القلب من شروط الاسترخاء, وقد ذهبت كل مذهب في تفسيرها وتتبعت الأطعمة والأشربة التي لها مفعول منشط مثل الكافين فتجنبتها أو قللت منها كثيراً, ثم ارتبت في أن يكون ذلك من تأثير الرياضة فأوقفتها اسبوعين لأراقب مفعولها، وفي نفس الوقت أجريت تخطيطاً للقلب لأتأكد من انتظام ضرباته, ولم تسفر النتائج عن أي شيء غير عادي في القلب, كذلك لم يظهر ان للرياضة مفعول سلبي على الاسترخاء، بل ان مفعولها كله ايجابي.
وفي النهاية اهتديت إلى مسايرة هذا الوضع بدلاً من معارضته فصرت أزيد التنفس كلما زادت ضربات القلب لاجد بعد فترة ان الضربات قد انخفضت والوضع قد استقر وقد يعود عدة مرات إلى الصعود والهبوط قبل أن يصل في أكثر الاحيان إلى ذروة الاسترخاء, وفي احيان أخرى لا يصل إلى الذروة ولكنه يستقر.
* اللوح وجهاز تدليك الرأس:
يوجد لدي لوح مستطيل قاعدته في أحد الجهات أقصر من قاعدته في الجهة الأخرى فإذا استلقيت عليه وجعلت رأسي من جهة القاعدة القصيرة فان جسمي يكون منحدراً من جهة الرأس وبذلك يكون الرأس أسفل من القلب بحيث يصل الدم إلى الرأس والوجه والرقبة بغزارة، وكنت أستعمل هذا اللوح لبعض التمارين الرياضية, وقد لاحظت انني اذا قمت بالتمارين على هذا اللوح قبل الجلسة فاني اصل إلى درجة من الاسترخاء تساعدني على استحضار الاسترخاء العميق بصورة أيسر وأسرع, وقد استفدت فائدة كبرى من هذا اللوح ومن جهاز تدليك الرأس الذي يعمل على الكهرباء بالشحن لتنشيط الدورة الدموية في هذه المناطق والاسراع بعملية الاسترخاء وجعلها عادة.
وهكذا تمكنت بتوفيق من الله وبعد جلسات بلغت في مجموعها ما يقارب الخمسمائة ساعة موزعة على فترة زمنية تصل إلى سبعة أشهر من استحضار الاسترخاء العميق في أغلب الجلسات، وفي الجلسات التي لا أصل فيها إلى الذروة، ونسبتها تقل بالتدريج، فإني أصل إلى ما دون الذروة وهو نوع من الاسترخاء العميق يقل درجات عن استرخاء ما بعد الذروة، وما هي إلا مسألة وقت حتى أصل إلى الاسترخاء العميق في كل الجلسات بإذن الله.
* لا يأس مع الإيمان بالله.
قد تكون حالتي غير عادية ولذلك فأرجو ألا يراها البعض مقياساً فيحجم عن محاولة الاسترخاء، والشخصيات أنواع, ورأيي حيال كل منها فيما يتعلق بالاسترخاء هو أنه ليس بين الشخصية ب التي تتميز بهدوء الأعصاب، وبين الاسترخاء العميق إلا محاولات يسيرة، وأما الشخصية أ المتميزة بحدة الطبع والمزاج فإنها تحتاج إلى محاولات تتناسب مع موقعها على مقياس الحدة، أما الفئات التي لا تستخدم إلا مساحة يسيرة من مداركها العقلية فالاسترخاء لهذا النوع هو سجية لأنها لم تتعلم التوتر أصلاً.
* فوائد الاسترخاء العميق:
على الصعيد الطبي كل الأشياء التي تسببها حالة المواجهة أو الهرب يساعد الاسترخاء العميق في منع حدوثها اذا كانت في أولها أو على الأقل في تخفيفها اذا لم يكن لها أسباب أخرى, ولا تغني ممارسة هذه الرياضة الذهنية عن مراجعة الطبيب وإجراء الفحوصات اللازمة لمن يشكو منها.
أما على صعيد المشاعر والسلوك فإني وجدت لها فوائد كثيرة منها تراجع الشعور بالكآبة والملل الناتجين عن الرتابة في العمل أو في الحياة أو بسبب الوحدة إلى حد كبير, وتراجع حد أو مستهل استثارة العواطف السلبية إلى درجة ملحوظة, وبذلك أصبحت ضغوط الحياة أخف حملاً وأيسر مؤونة, واختفت تلك الآلام الناتجة عن التوتر في الرقبة والكتفين والساقين, واختفى كذلك التنميل في الأطراف, كما أن التمارين الرياضية والمشي أصبحا متعة بعد أن كانا مصدراً للإرهاق والقلق, وزادت فترة ما قبل التعب إلى أكثر من النصف وتلاشى أثره المتمثل في ألم بعض العضلات واجهادها تماماً, هذا بالاضافة إلى صفاء الذهن وراحة البال, وبالله التوفيق.