الدهور والأعوام .. والليالي والأيام .. سنن الله تتعاقب في هذه الدنيا ..
ولن تجد لسنة الله تبديلاً.. وبتعاقبها وسيرها تتعاقب الفصول على الناس..
فهذا فصل للصيف وذا للشتاء وذا للخريف وذا للربيع،
ومن نعم الله أن خص كل موسم بما يناسبه.
والمؤمن الحق من وقف مع هذه النعمة وتدبرها حق التدبر
وشكر الله لأجلها، قولاً وعملاً.
وها قدجاءنــا فصل الشتاء
فصل الخيــر والعطــاء
غنيمة الصالحين .. وعشيق العابدين
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله :
{ اشتكت النار إلى ربها فقالت: يا رب. أكل بعضي بعضاً فجعل لها نفسين؛
نفس في الشتاء .. ونفس في الصيف فشدة ما تجدون من البرد من زمهريرها
وشدة ما تجدون من الحر من سمومها }
[رواه البخاري ومسلم].
عن ابن عباس قال: اقبلت يهود إلى النبي فقالوا:
( يا أبا القاسم أخبرنا عن الرعد ما هو؟ )
قال: { ملك من الملائكة موكل بالسحاب معه مخاريق من نار يسوق بها
السحاب حيث شاء الله } قالوا: ( فما هذا الصوت الذي نسمع؟ )
قال: { زجره بالسحاب إذا زجره حتى ينتهي إلى حيث أمر } قالوا: ( صدقت )
[(رواه الترمذي- السلسلة الصحيحة للألباني:1872].
ذكر ابن رجب في حديث أبي هريرة، وأبي سعيد - رضي الله عنهما -
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا كان يوم شديد البرد فإذا قال العبد:
لا إله إلا الله ما أشد برد هذا اليوم، اللهم أجرني من زمهرير جهنم،
قال الله تعالى لجهنم: إن عبداً من عبادي استجار بي من زمهريرك وإني أشهدك أني قد أجرته،
قالوا: وما زمهرير جهنم؟ قال: بيت يلقى فيه الكفار فيتميز من شدة برده).
الدعاء في الشتاء
1 - عند رؤية الريح:
( اللهم إني أسألك خيرها وخير ما أرسلت به،
وأعوذ بك من شرها وشر ما أرسلت به ).
2 - عند رؤية السحاب:
عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت كان صلى الله عليه وسلم
إذا رأى غيما أو ريحا عرف في وجهه فقالت يا رسول الله إن الناس
إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر وأراك إذا رأيته عرفت
في وجهك الكراهة فقال ( يا عائشة ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب
عذب قوم بالريح وقد رأى قوم العذاب فقالوا هذا عارض ممطرنا
)
" أخرجه أبوداود وصححه الشيخ الألباني كما في الأدب المفرد "
3 - عند رؤية المطر:
( اللهم صيباً هيئاً ) أو ( اللهم صيباً نافعاً )
ويستحب للعبد أن يكثر من الدعاء عند نزول المطر لأنه من المواطن
التي تطلب إجابة الدعاء عنده،
كما في الحديث الذي حسنه الألباني في الصحيح [1469].
4 - إذا كثر المطر وخيف منه الضرر: قال: ( اللهم حوالينا ولا علينا،
اللهم على الآكام والظرب وبطون الأودية ومنابت الشجر ).
5- دعاء البرق والرعد:
جاء عن عامر بن عبد الله أنه كان صلى الله عليه وسلم إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال
( سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته )
رواه الإمام مالك في الموطأ والبخاري في الأدب المفرد
فائدة:
يستحب للمؤمن عند أول المطر أن يكشف عن شيء من بدنه حتى يصيبه
( لأنه حديث عهد بربه ) هكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم وعلل له.
النار في الشتاء
ينبغي للمؤمن أن يحذر في الشتاء وغيره من إبقاء المدافىء بأنواعها مشتعلة
حالة النوم لما في ذلك من خطر الاحتراق، أو الاختناق.
جاء في البخاري ومسلم أن النبيصلى الله عليه وسلم قال:
{ إن هذه النار إنما هي عدو لكم فإذا نمتم فاطفئوها عنكم }
وفي رواية: { لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون }
والسلامة في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم.
فرح السلف بالشتاء
قال عمر رضي الله عنه: ( الشتاء غنيمة العابدين ).
وقال ابن مسعود: ( مرحباً بالشتاء تتنزل فيه البركة ويطول فيه الليل للقيام،
ويقصر فيه النهار للصيام ).
وقال الحسن: ( نعم زمان المؤمن الشتاء ليله طويل يقومه، ونهاره قصير يصومه ).
ولذا بكى المجتهدون على التفريط - إن فرطوا - في ليالي الشتاء بعدم القيام،
وفي نهاره بعدم الصيام.
ورحم الله معاذاً حيث قال: ( لولا ثلاث: ظمأ الهواجر، وقيام ليل الشتاء،
ولذاذة التهجد بكتاب الله ما باليت أن أكون يعسوباً ).
وكان أبو هريرة - رضي الله تعالى عنه – يقول:
( ألا أدلكم على الغنيمة الباردة؟ قالوا: بلى. فيقول: الصيام في الشتاء).
يقول أحد الزهاد:
( ما رأيت الثلج يتساقط إلا تذكرت تطاير الصحف في يوم الحشر والنشر ).
هذه الصورة بحجم اخر انقر هنا لعرض الصورة بالشكل الصحيح ابعاد الصورة هي 854x576 الابعاد 609KB.
كَمْ يَكُونُ الشِّتَاءُ ثُمَ المَصيـْف وَرَبيعُ يَمْضِي وَيأْتي الخَرِيفُ
وَارْتِحَالٌ مِنَ الحَرُورِ إلى البردِ وَسَيفُ الرَّدَى عَليكَ مَنيفُ
عَجَبَاً لامْرئ يُذَلُّ لِـذِي الدُّنـ ـيَا وَيَكفِيهِ كُلُ يَومٍ رَغِيـفُ