كانت ليله شديده البرد,وقفت بمنتصفها ساره على شباك البيت ترتعد اطرافها بردا وهيقصه ساره والضمير
قصه طويله بعض الشيئ لكن تحملوا واصبروا ....جميله
تذرف الدمع الساخن المرير, تنظر الى ظلمه الليل والحياه و تعيش بلحظات الاسى والحزن
لكن مم ؟.. غدا العيد غدا يوم يفرح الناس , يوم التلاقي مع الاحباب , يوم فرحه الكبير
والصغير , اما هي بم تستقبل هذا اليوم ؟؟؟؟
فركت ساره كفتي يديها لتمزج بهما ما تبقى لها من حزن واسى معتصره بتلك الايادي
البيضاء ما خطته لها الايام السوداء التي تعيش بها هي واطفالها لتكابد الحسره والذل
والهوان, اهذ وقت تلقي به اللوم على احد .. اعلى الحياه ؟..ام النصيب ؟..ام الاهل ؟..
على من ؟ وعلى من ؟ .
قالت لنفسها ليس الان وقت الملام ولا وقت للكلام, ماذا افعل غدا مع اطفال عصفت بهم
الحياه ليتحملوا ما لا اتحمله انا من مكابدات واهات .
استدارت ساره وهي تلف بجسدها النحيل بعض لقماش الذي يلف جسدها مستتره به من
ذلك لبرد القارص الذي يجول في البيت بدون رادع من مصدر دفء يحارب جبروته وهو
يسري في اجساد صغيره ملقاه على الارض نائمه تسبح في ملكوت النوم وتداعب الاحلام
الورديه لفتره نومهم وقبل القيام الى الصحو لمواجه البؤس الملازم للحياه معهم وكانه
قد عمل معهم عقد يدوم لسنوات وربما لدهر طويل , حتى يامر الله بامر كان مفعولا بقضاءه
..ذهبت لترى تلك الاجساد تطمئن على قطع من جسدها قد نامت بعد احلام زائفه من الام لاولادها حتى تسكت بهم الافواه المفتوحه جوعا , وبنفس الوقت سائله اسئله للام لا
تعلم هي بنفسها الاجابه عليها .
ناموا.....بعد عناء طويل , هدهم التعب والجوع والبرد هدتهم الاماني التي يسمعوها
متعلقين بتلك الاكاذيب المسطوره
.
اقتربت ساره من مجموعه البؤس الملقاه على الارض واقتربت حتى ترص تلك
الاجساد الصغيره بجانب بعضها لتساعد البعض في تبادل الحراره بين تلك الاجساد
منعا للبرد. اه... اي حراره بجسد صغير فارغ من الطعام او الشراب.
انتبه اليها اكبر اولادها احمد ابن التاسعه من العمر رافعا راسه اليها بادئا اياها
بسؤال . لكنها اسرعت باعطاءه اشاره بيدها مصدره صوت شششش, نام ...
رجع احمد لعالم النوم عله يجد حلما يسد به ظمئ ما لا يستطيع الحصول عليه .
رجعت ساره الى حيث كانت تعصر كلتا يديها ودموعها تسير على وجنتيها
الشاحبتين , وراسها يدور به بامور لم تكن تعتقد انها ستفكر بها مره واحد بحياتها
اصبحت تعيش في حاله اقوى مما كانت عليه من الضجر من معالم الحياه التي
تصارعها وابناءها ,
هي ابنه الثلاثين من العمر , تحمل ما لا تستطيع مقاومته , الفقر والحرمان
والزوج والاهل , هي حاله متجسده من الحرمان بشتى انواعه .
لم يبق لها اي شيئ بعد وفاه زوجها , وكيف يبقى؟ وهي تبيع القطعه تلو الاخرى
لتسد بها ثغره صغيره تزداد مع الايام.
رجعت الى وقفتها الاولى لتصارع الفكر والبرد والنفس وتسلي نفسها باحاديث
الهمس مع روحها التي صاقت ذرعا بهذه الحياه.
ظلام ..قالت لنفسها شتاء قارص قد قرص فينا الجسد كما قرص الجوع امعائنا
واي ظلام اعيش بين الناس , وبهذه الحالات المستعصيه ,وعدم توفر الحلول
لمشكلتي ...ماذا افعل وغدا العيد ؟..ماذا اقول للاولاد صباحا ؟..كيف افي لهم
بوعودي ..؟دارت الاسئله في راسها بلحظات وكانها شريط مبرمج لتْأهب
النفس باطلاق صرخات مدفونه تنتظر فرصه للبوح عن مكامن مضغوطه في
داخلها .
يا الهي ماذا افعل ؟ ساعات قليله ويبزغ نهار يوم عيد ..وانا برفقه اطفال
محرومين ..كم مثلي بهذه الحياه وكم توْأم لاطفالي بمثل هذه الحالات ...؟
لم انا لست كغيري من النساء ..انظر الى هذه والى تلك وهن باوضاع متشابه
بما اعانيه انا واطفالي من بؤس وحرمان , ْأْأعمل كما يعمل غيري واطعم
افواه محرومه ؟ لا لا لا لا ..لا استطيع ...ولم لا . ولم يحرم اطفالي من متعه
اي متعه ؟ الاجدر ان اقول يحرم اطفالي من حاجات اساسيه من حق الحيوان ,
فكيف بالامسان وبالطفل؟
تعصف الافكار السيئه براس ساره وهي بداخلها بركان يغلي من الحقد والكره
لهذه الحياه .
قالت " اريد ان اعمل واعمل واعمل ..لكن لا . اخاف الله .وان عجزت انا
عن تقديم شيئ فالله موجود , يرزق من يشاء بغير حساب .
لكن متى؟ _ رجعت لها النفس الاماره بالسؤ لتستغل فيها الضغف والحرمان
الى متى يا ساره ؟ االحياه تقدم لك ما تشتهيه الانفس بدون تقديم تضحيات
للاولاد ؟ الست ام تحب اطفالها ان يعيشوا ويرتعوا ويناموا ببطون منفوخه من
الطعام والحلويات ؟ قولي لي يا ساره؟متى اخر مره راى فيها اولادك اشكال
الحلويات ؟ ام انهم راوها بايادي اولاد الجيران ؟
اجبت ساره نفسها " ْأْأحرم نفسي شفقه الله , وشفقته على الاولادي , ؟
سارضى بالامر , فهي الحياه زائله ,وادخل الجنه بصبري .....
يااااااه , تمنين نفسك الاماني طويله الامد يا ساره , غدا العيد غدا الفرحه
للقريب والبعيد ...وها انا الان اعيد عليك ,ان الله ارحم من الوالده على
ولدها . الن يرحم فقرك وكبدك على اولادك؟
لا يا نفسي السيئه ابتعدي عني بهذا الفكر الملعون , فما انا الا ضغيفه بالدنيا
فكيف اقوى على النار ؟ الصبر مر وطعمه بالاخر حلو ...
اتمنين ضميرك باماني؟ انتبهي لنفسك بالصباح بعويل الصغار والصياح ..
استدارت ساره عن شباكها الذي يدخل عليها اطنان الهواء التي لا تراعي
للبيت حرمه ولا للصغير شفقه , واقبلت الى فراشها متشائمه على احاديث
النفس الهوجاء, بدات تصحو فيها حراره الايمان وحراره الصبر على الشدائد
والهوان , اخذت تبكي على نفسها بما امرتها نسيت للحظات واسلمت نفسها
لتلاعب الشيطان , قد غفلت للحظه عن التفكير بالرحمن, ادمعت وبكت وتْأوهت
لكن هذه المره ليس على صغارها , بل على نسيانها لربها ,وقفزت ساره من
فراشها الى مكان وضوئها ,غير مكترثه لبروده الماء ولا لكثره الهواء ,
وبدات مسارعه الى سجادتها , معلنه للرب توبتها , على وسوسه نفسها,
ساجده باكيه لخالقها .
الهي كيف ابعد عن رحابك , وانا الان جئت لبابك , معلنه توبه واطمع بثوابك
فاغفر لي ذنبي وتغيبي عن سؤالك , وارحمني برحمه تغنيني عن عبادك,
استغرقت ساره في الدعاء وفي طلب الرحمه والمغفره من الله ونست ما ينتظرها
غدا من سؤ الحال مع الصغار وغابت في ملكوت الدعاء ساجده مستغفره
لا تشعر لطول الساعات ولا لصيحه غد او تْأوهات , غابت في رحاب رب
كريم ابتلاها بما هي عليه لحبه بها واختيار الدار الاخره لتكون من نصيبها.
وبدْأ الاذان معلنا مجيئ الصباح بيوم عيد , فاختلطت باسماعها اصوات الرياح
وصوت المؤذن والصلاه وصيحات الضمير التي عصفت بها كريح صرصر عاتيه
فرفعت راسها ويديها والدموع تتدحرج من مقلتيها مناديه على ربها قائله :
اللهم انت من احذ عني زوجي وتركني مع ايتام , وهذا العيد عيدك ربي فلا
تجعل العيد مقبره لهؤلاء الايتام . انت خلقت وانت ترزق وانت الله يا الله
يا الله يا الله ..
وقبل ان تفرغ من الداء ,فاذا باذنيها يخترقهم من بعيد نداء :" ام احمد اين
انت افتحي الباب .."
مشت ساره الى الباب وفتحت , فاذا جارتها بوجه طليق قد اقبلت , فاخذتها
بقبله العيد وللصدر قد ضمت ,مهنئه اياها بالعيد السعيد, وبيد ممتلئه في
الجيب قد دست ,وقالت لها , اليوم عيد للصغار فهيا احملي عني افطارهم
وهذا اللحم والحبز لغدائهم ,وهذه الملابس للجسد كسائهم,كنت قبل ايام
للاولاد قد فصلتهم , ولم اقدر ان اتيك لانشغالي فها انا لك الان احضرتهم.
كل عام والمسلمين بخير ..وانصرفت الجاره الى بيتها وساره مصدومه
من كلامها لا تقوى على الحراك تبكي وتضحك , فوضعت يديها على وجهها
وجلست بدون حراك الى ان استعادت وعيها . وذهبت الى مصلاها خجله
من رب رحيم , صلت وانهت سبحت لله العظيم على ما رزقها ورزق اولادها.
واستدارت الى الاطفال معلنه بقدوم الفرحه وتقول " هيا يا اولاد ...
قوموا صلوا لله صلاه الشكر ...والصباح ..
واستدارت الى القيام بالعمل بتوضيب ما رزقها به الله تعالى جزاء على
صبرها وحسن التانيب لنفسها , والله كان ارحم بها على حياتها من تلك
النفس الاماره.
وكل عام وانتم بخير , اعاد الله ايام العيد على المسلمين بكل اليمن والبركات
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته .
\
\
\
\
\
\
\
\
\
\
............................ اختكم الكاتبه الفذه دانيه ....................................