بسـم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء و المرسلين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين ...
يا باغي الخير أقبل ، فالباب غير مقفل ، يا من أذنب وعصى ، وأخطأ، تعال فلعل الله وعسى ، يا من بقلبه من الذنوب جروح ، تعال إلى الله فالباب مفتوح ، والكرم يغدو ويروح ، يا من ركب مطايا الخطايا، تعال إلى ميدان العطايا ، يا من اقترفوا فاعترفوا ، لا تنسوا قوله تعالى:{ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } الزمر53
من الذي ما أساء قط ؟
ومن له الحسنى فقط ؟
ومن هو الذي ما سقط ؟
وأين هو الذي ما غلط ؟
يا كثير الأخطاء، أنسيت
( كل ابن آدم خطاء وخير الخطاءين التوابين )0
إذا أذنبت فتب وتندم ، فقد سبقك الكثير من أبناء آدم ، أصبحت وجوه التائبين مسفره ، قم واطرح نفسك على عتبة بابه الكريم ومد يدك وقل يا وهاب يا عظيم ، أرغم أنفك بالطين ، ونادي برحمتك أرجو يأرب العالمين0
يا من أساء وظلم ، أعلم أن دمعة ندم ، تزيل أثر زلة القدم ، أنت تتعامل مع من عرض التوبة على الكفار، وفتح طريق الرجعة أمام الفجار، وأمهل بكرمه الأشرار، وانزل بالعفو كتبه ، وسبقت رحمته غضبه .. اسمه التواب، ولو لم تذنب لما عرف هذا الوصف في الكتاب ..
لا تصر، بل اعترف واقر، فإن طعم الدواء مر، وسوف تجد بعدها ما يسر ولا يضر، واحذر الشيطان فإنه يغر. .
الاعتراف بالاغتراف ، طبيعة الأشراف ، قف بالباب وقل أذنبنا ، وطف بتلك الديار وقل تبنا ، وارفع يديك وقل أنبنا ( أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم ) سبحان من يغفر الذنب لمن أخطأ ، ويقبل التوبة ممن أبطأ . .
التوبة تجب ما قبلها ، وتعم بركتها أهلها ، يقول صلى الله عليه وسلم ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له ) وهذا قول يجب أن نقبله ، فهنيئا لمن تاب وأناب ، قبل أن يغلق الباب ، التائب سريع الرجعة ، غزير الدمعة ، منكسر الفؤاد ، لرب العباد0
للتائب فرحتان – ودمعتان – وبسمتان
فرحه يوم ترك الذنب – والأخرى إذا لقي الرب
ودمعه إذا ذكر ما مضى – والثانية إذا تأمل كيف ذهب عمره وانقضى
وبسمه يوم ذكر فضل الله عليه بالتوبة وهي أجمل نعمه
والأخرى يوم صرف عنه الذنب وهو أفظع نقمه
التائب تتبدل سيئاته حسنات ، لأن ما فات مات ، والصالحات تمحو الخطيئات ، وللتوبة أسرار، ولأصحابها أخبار،لأنه ذاق مرارة ما تقدم ، فهو دائماً يتندم ، لأن بعض الناس لا يرى إلا إحسانه ، ولا يشاهد إلا صلاحه وإيمانه ، حتى كأنه يمن على مولاه بطاعته وتقواه ، بخلاف من طار من خوف العاقبة لبه، وتشبع بالندم قلبه ، فهو كثير الحسرات ، على ما مضى وفات ، وهذا هو حال من عرف العبادة ،
وسلك طريق السعادة ، فهنيئا لمن على ذنبه يتحرق ، وقلبه يكاد من الأسف يتمزق ، ودمعه على ما فرط يترقرق ، أجمل الكلمات ، وأحسن العبارات ، لدى رب الأرض والسماوات، قول العبد:
يارب أذنبت
يارب أسأت
يارب أخطأت
فيكون الجواب منه سبحانه:عبدي قد غفرت ، وسامحت ، وسترت وصفحت، عفر الجبين بالطين ، وناد: يارب العالمين ، تبنا مع التائبين ، أغسل الكبائر بماء الدموع ، وأدب النفس ألأمارة بالجوع ، فهذا فعل من أناب ، حتى يفتح لك الباب ، وتأوه المذنبين التائبين أحب من تسبيح المعجبين ، من قضى ليلة وهو نائم وأصبح وهو نادم ، أحب ممن قضاه وهو مسبح مكبر، وأصبح وهو معجب متكبر0
إذا أردت القدوم عليه، توسل برحمته وفضله إليه، ولا تمنن بطاعتك عليه،لا تيأس من فتح الباب، ورفع الحجاب،فأدم الوقوف عنده، وأخطب وده، فإن من قصده لن يرده 0
اللهم إني أستغفرك وأتوب أليك
وصلى الله على سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا .