الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد:
إن الله سبحانه وتعالى خلق العباد لغاية عظيمة ومقصود واضح ألا وهو عبادته جل جلاله ، ولكي تتحقق هذه الغاية ويتم هذا المقصود لابد أن تكون العلاقة بين العبد ومعبوده قائمة على أساس واضح ومتين ، ومبنية
على تصور متبادل من المحبة بين العبد وخالقه ، لأن المعبود إنما استحق العبادة لصفاته وكماله وأهليته للعبادة, التي جعلت العبد متعلق به في كل شيء ويحتاجه في أدق أمور حياته ولا يمكنه الاستغناء عن خالقه أبدا 0 ولا يتحقق الصدق في العبادة وإخلاصها إلا بعد أن يتم الحب من العبد لمن يعبد وكلما ارتقى العبد وزاد في محبته لخالقه زادت العلاقة وثوقا وتماسكا بين العبد وخالقه .
عباد الله : إن النبي وضح لنا بصفته باب الهداية للخلق جميعا هذا الطريق ، بل انه أعطانا المفاتيح التي نفتح بها باب محبة الله سبحانه وكان أول هذه المفاتيح إنما هو اتباع هديه والسير على سنته فقال الله سبحانه (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم)) ومن هنا اخوة الإسلام إن أول برهان على محبة الله تعالى إنما هو اتباع النبي والتزام الدين الذي جاء به عليه الصلاة والسلام أيها المسلمون : كثيرون هم الذين يدّعون حب الله ورسوله ، والكلام في هذا سهل على اللسان ولكن السؤال المفروض هل كل من ادعى ذلك صادق ؟! لا شك عباد الله أن الذي يدعي محبة الله لا بد من صفات تظهر عليه ولا بد لأفعاله أن تصدق أقواله ، لأن الذي يسير في المعاصي والمحرمات ولا يدع طريقا للشر إلا ويسلكه ثم يدعي بعد ذلك محبة الله تعالى هذا كاذب لا محالة ، إذ يتنافى ادعاء محبة الله مع ارتكاب المعاصي ولا يلتقيان أبدا ورحم الله من قال :
تعصي الإله وأنت تزعم حبه لعمري هذا في القياس بديع
لو كان حبك صادقا لأطعته إن المحب لمن أحب مطيع