محاضرة ألقاها سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز في العالم الثقافي بمناسبة موسم الحج عام 1391 وصيغتها الرابطة في كتابها السنوي باسم الندوة من 88 - 101 وقد أجرى عليها سماحته إضافات وتعديلات:
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره . ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله ، واهتدى بهداه إلى يوم الدين . أما بعد :
فإني أشكر للمسئولين في الرابطة ما تكرموا به من تقديم الدعوة إلي للمشاركة في موسم الرابطة الثقافي لهذا العام 1391 هـ .
وأسأل الله عز وجل أن ينفع المسلمين بهذا الموسم ، وأن يكلل جهود القائمين عليه بالنجاح . وأن يجزل لهم المثوبة ، إنه خير مسئول . وقد رأى المسئولون في الرابطة أن تكون المحاضرة في " أثر الدعوة في انتشار الإسلام " وقد أجبتهم إلي ذلك ، ورأيت أن يكون العنوان ما سمعتم وهو فضل الدعوة . ومن هذا يعلم أن هذه المحاضرة ذات شقين : أحدهما : يتعلق بفضل الدعوة ، والثاني : يتعلق بأثرها في انتشار الإسلام .
أما ما يتعلق بفضل الدعوة ، فكل من له أدنى إلمام بالعلم ، يعرف أن الدعوة شأنها عظيم ، وهي مهمة الرسل عليهم الصلاة والسلام ، والرسل عليهم الصلاة والسلام هم الأئمة في هذا الشأن ، وهم الأئمة في الدعوة ، وهي وظيفتهم . لأن الله جل وعلا بعثهم دعاة للحق ، وهداة للخلق عليهم الصلاة والسلام ، فكفى الدعوة شرفا ، وكفاها منزلة عظيمة أن تكون وظيفة الرسل وأتباعهم إلى يوم القيامة . قال الله تعالى في كتابه المبين : وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فبين سبحانه وتعالى أن الرسل جميعا بعثوا بهذا الأمر العظيم الدعوة إلى عبادة الله وحده ، واجتناب الطاغوت .
والمعنى أنهم بعثوا لدعوة الناس إلى إفراد الله بالعبادة ، وتخصيصه بها ، دون كل ما سواه ، وتحرير الناس من عبادة الطاغوت ، إلى عبادة الله وحده .
والطاغوت كل ما عبد من دون الله من شجر وحجر ، أما ما عبد من دون الله من الأنبياء والصالحين والملائكة فليس المعبود منهم طاغوتا ، ولكن الطاغوت هو الشيطان الذي دعا إلى ذلك وزين ذلك ، وإلا فالرسل والملائكة والصالحون يبرءون إلى الله عز وجل من عبادة من عبدهم . فالطاغوت كل ما عبد من دون الله من الجمادات ، ومن العقلاء الذين يرضون بذلك كفرعون وأشباهه ، أما من لا يرضى بذلك فالطاغوت هو الشيطان الذي دعا إلى عبادته وزينها .
اخوكم ومحبكم
اسلاميك سيرفس