لا تبال بكلام الخلق . .
أعجبتني عبارة رددها ابني عبد الرحمن يوماً ..
وأظنه في ذلك السن لم يكن يفقه معناها ..
كان يقول : طنش تعِش تنْتَعِش ..!!
تأملت في هذه العبارة .. وأنا ألاحظ انتقادات الناس .. وآراءهم .. وأحاديثهم ..
فوجدت أن الناس في كلامهم وذمهم يتنوعون ..
فيهم الناصح الصادق .. الذي لا يتقن فن النصيحة .. وبالتالي يحزنكـ بأسلوب نصحه وأكثر مما يفرحكـ ..
وفيهم الحاسد .. الذي يقصد حزنكـ وهمكـ ..
وفيهم قليل الخبرة .. الذي يهذي بما لا يدري .. ولو سكت لكان خيراً له ..
فيهم من طبيعته الانتقاد أصلاً .. فهو ينظر للحياة بنظارة سوداء ..
وقديماً قيل : لو اتحدت الأذواق لبارت السلع ..
ذكروا أن جحا ركب على حمار .. ولده يمشي بجانبه .. فمروا بجمع من الناس ..
فقال الناس : انظروا لهذا الأب الغليظ يركب مرتاحاً .. ويدع ولده يمشي في الشمس ..
سمعهم جحا .. فأوقف الحمار .. ونزل .. وأركب ولده ..
ثم مشيا .. وجحا يشعر بنوع من الزهو .. فمر بقوم آخرين .. فقال أحدهم : انظروا إلى هذا الابن العاق .. يركب ويدع أباه يمشي في الشمس ..
سمعهم جحا .. فأوقف الحمار .. ثم ركب مع ولده .. ليتقيا كلام الناس وانتقاداتهم .. فمرا بقوم .. فقالوا : انظروا إلى هذين الغليظين .. لا يرحمون الحيوان .. فنزل جحا .. وقال : يا ولدي .. انزل ..
فنزل الولد وجعل يمشي بجانب أبيه .. والحمار ليس فوقه أحد ..
فمر بقوم .. فقالوا : انظروا إلى هذين السفيهين يمشيان والحمار فارغ .. وهل خلق الحمار إلا ليُركب ..
فصرخ جحا وجرّ ولده معه .. ودخلا تحت الحمار .. وحملاه ..!!
ولو أني كُنت معهم في ذاك الزمان .. ورأيت جحا وقتها لقلت له :
يا حبيب القلب .. افعل ما تشاء .. ولا تبال بكلام الخلق .. رضا الناس غاية لا تدرك
ومن الذي ينجو من الناس سالماً * * * ولو غاب عنهم بين خافيتي نسر
بعض الناس .. لا يفكر في رأيه قبل أن يطرحه ..
يأتيك مثلاً .. بعدما تتزوج.. ويقول : لماذا تخطب فلانة ؟ ولما تزوجتها ؟
وكأني بكـ .. تمنى أن تصرخ في وجهه وتقول : ياااا أخي .. تزوجت .. خلاص .. انتهى الموضوع .. ما أحد طلب منك اقتراحات ..
أو يأتيك وقد بعت سيارتكـ .. فيقول .. ليتكـ أخبرتني .. فلان كان سيعطيكـ أكثر .. يا أخي .. بس !! الرجل باع سيارته .. خلاص وانتهى .. لا تشغله بالالتفات وراءه !! وعموماً ..
ليس يخلو المرء من ضد ولو * * * طلب العُزلة في رأس جبل .. !
:: تجربة ::
قال أحد السلف :
من جعل دينه عرضة للخصومات .. أكثر التنقل !!
المصدر : استمتع بحياتك
لفضيلة الشيخ الدكتور : محمد بن عبد الرحمن العريفي .