شابٌ عابدٌ كان حسن السمت ، كثير العبادة ، نظرت إليه فتاة فشُغفت به ، وتعلّقت به، فقالت له يوم من الأيام وقد تعرّضت له: يا فتى اسمع مني كلمات، أكلّمك بها .... وهو لا يكلّمها ..
كل يوم تعترض طريقه، تقول: يا شابّ أريد أن أكلّمك كلمات، وهو لا يكلّمها، حتى وقف في يوم من الأيام فقالت له: يا فلان.. إن جوارحي كلها مشغولة بك، فالله الله في أمري وأمرك.
فذهب الشاب إلى منزله، أراد أن يصلّي .. فلم يعقل كيف يصلّي..
فأخذ كتاباً وكتب فيها كلاماً، فلما رآها في الطريق ألقى إليها الكتاب
ففتحت الشابة الكتاب بلهفة ما بعدها لهفة!
ماذا في هذا الكتاب ؟
إن فيه :
بسم الله الرحمن الرحيم
اعلمي أيتها المرأة أن الله عزّ وجلّ إذا عصاه العبد أول مرة حَلِم ، فإذا عاد إلى المعصية مرة أخرى ستَر، فإذا لبس لها ملابسها غضب الله لنفسه غضبة تضيق لها السماوات والأرض والجبال والشجر والدوّاب!، فمن ذا يُطيق غضبه؟!
يا فلانة .. إن كان ما ذكرتِ باطلاً فإني أذكّركِ يوماً تكون السماء فيه كالمهل، وتصير الجبال كالعهن، وتجثو الأمم لصولة الجبّار العظيم
وإني والله قد ضعفت عن إصلاح نفسي ، فكيف بإصلاح غيري ؟!
يا فلانة .. وإن كان ما ذكرت حقاً فإني أدلّك على طبيبٍ يداوي الكلوم والأوجاع المريضة.. ذلك هو الله ربّ العالمين
فاقصديه بصدق المسألة، فإني مشغولٌ عنكِ بقول الله:{وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين. ما للظالمين من حميم ولا شفيع يُطاع . يعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور} فأين المهرب من هذه الآيات؟!!.
وتعرّضت له بعد أيام، فتركها.. فقالت له: يا فلان .. يا فلان لا ترجع!؛ فلا كان المُلتقى بعد هذا اليوم أبداً إلاّ بين يدي الله!
ثم ذهبت وقالت له: عظني بموعظة أحملها عنك
قال: أوصيكِ بحفظ نفسك من نفسك، وأذكّركِ قول الله تعالى:{وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار}
م ن ق و ل