[align=justify:88dbbb31b8]الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد
فلقد من الله تعالى على الإنسانِ بأن وهَبَهَ عقلاً له القدرةُ على التفكير ، والتحليل ، والاستنتاج ، والترجيح ، ووهَبَه جسَداً فيه من الحواسِّ والأدواتِ القادرةِ على فِعْلِ ما رآهُ نافِعاً له ، وجعَلَ له إرادةً فاعلةً حُرّة ، وبهذا التكريمِ وغيرِه فضّلَ اللهُ الإنسان على غيرِه من المخلوقات ، قال تعالى : (( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطّيباتٍ وفضّلناهم على كثيرٍ ممن خلقنا تفضيلا )) . فالإرادةُ إذن واحدةٌ من النِّعَمِ التي منّ اللهُ بها على الإنسان ، الإرادة .. تلك القوةُ الخفيةُ التي تفصِلُ في مصيرِ الإنسان تجاه العديدِ من القضايا الحسّاسةِ الّتي تنفعُهُ أو تضرّه ، قال تعالى مشيراً إلى تلك النعمة (( منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة )) وقال أيضا جل وعلا (( وهو الذي جعل الليل والنهار خلفةً لمن أرادَ أين يذّكّرَ أو أراد شكوراً )) وقال سبحانه (( تريدون عرَض الدنيا واللهُ يريدُ الآخِرة )) لقد وهَبَ اللهُ تعالى الإرادةَ لجميعِ البَشَر صالِحِهِم وفاسِدِهم ، ولم يمنعْها عنهم حتّى وهم مُصرِّونَ على المعصية ، قال تعالى: (( ولو أرادوا الخروجَ لأعدّوا له عُدّةً ولكن كرِهَ اللهُ انبعاثَهم )) والآياتُ في هذا البابِ كثيرة ، فالإرادةُ إذن نقطةٌ فاصِلةٌ ومُفترقُ طريقٍ في حياةِ الإنسان ، فإذا كان للإنسانِ قلْبٌ حيّ ، وعقْلٌ راجحٌ ، وإرادةٌ قويّة لا تخْضَعُ لانحرافِ شهوتِه ، وتستطيعُ الصّمودَ أمامَ الفِتَنِ ، أفْلَحَ وأنجَحَ بإذنِ الله ، أمّا إذا ضعفت الإرادة وهانت أمام كلّ شهوة فهو نذير خطرٍ وشؤم ، وكلٌّ مِنّا يَعلَمُ نصيبَهُ مِن هذه الصِّفة ، وأنا اليومَ أقدِّمُ خطواتٍ عمليّةً لِتقْويةِ الإرادةِ تجاهَ أيِّ أمرٍ نافِعٍ ضعُفَتِ النّفسُ عن المبادرةِ إليه ، أو أيِّ شيءٍ ضارٍّ ضعُفَتِ النّفسُ عن الابتعادِ عنه ، عسى اللهُ أن يأخُذَ بأيدِينا إلى الخير
كيف تقوّي إرادتك للتغيير من السّيء إلى الحسن ، ومن الحسن إلى الأحسن ؟ا [/align:88dbbb31b8]
[align=center:88dbbb31b8]خطوات عملية [/align:88dbbb31b8]
[align=center:88dbbb31b8]أوّلاً ، إعرِضْ على نفسِك هذا السؤال : هل أنت مُقتنع بالوضْعِ الّذي أنتَ فيه ؟ فكّرْ قبل الإجابةِ وانتبه !! فإنّك إذا قُلْتَ : نعم أنا مُقتنعٌ بالوضْعِ الّذي أنا فيه فلن تتحرّكَ إرادتُك مُطْلَقاً ، وبالتّالي ينبغي أن تُزيلَ عنك هذه القَناعةَ الخادعةَ ، فاجْتَهِدْ الآن في إقناعِ نفْسِك بِعَدَمِ الرِّضا وأنّه يجِبُ عليكَ العملُ للتغيير إلى الأفضل ، واجْعلْ هذا الأمر تحدّياً أمامك لإثباتِ الوجود ، وهاجِساً ملازماً يراودك في اليومِ والليلة . إذن فأوّلُ إشارة ، لا تقتنِعَ بوَضْعِك ولا ترْضَ عنه !!ا
ثانياً ، حدد نُقاطَ ضعْفِ إرادتِك وأسبابَها ، ( البيئة ، الأصحاب ، الفراغ ، النّفس الّلاهية ، .. ) ثمّ فكّرْ في الأرباح الّتي ستجنيها بعد الخسائرِ الّتي أنت فيها الآن ، فكِّرْ في العواقب ، فإنّ التفكيرَ في العواقب دأَبُ العُقلاء
ثالثاً ، بعد أن حدّدتَ أسبابَ ضعْفِ إرادَتِك ، فكّرْ في طُرُق تُعينُكَ على التخلّص من هذه الأسباب ( تغيير الببئة ، إشغالُ النّفسِ بأمور نافعة كالقراءة ، أو الكتابة ، أو الرياضة ، أو الزيارات ، أو غيرِها من النّشاطات الّتي تناسبُ وضْعَك )
اِبْدأ عمليّاً بِحِرْمانِ نفْسِك من بعضِ ما اعتدتَ عليه تدرّجْ في ذلك
فكّر في أشياء تعوِّضْ هذا الحِرْمان ، وأشْغِلْ بها ذِهْنَك ووقتَك
غيّرْ بيئتَك قدْرَ اسْتِطاعتِك . حتّى لو غيّرْتَ وضْعَ الأثاث ، مكانَ الملابس
اجْعلْ لِنفْسِك هدفاً كمّيّاً (عدداً زمانياً ، عدداً حركيّاً ، .. ) بحسَبِ نُقْطةِ الضّعف
اِمْتَنِعْ عن البيئةِ الّتي تَعودُ بكَ للماضي . أصحاب ، أدوات ، أماكن
توكّل على الله ، وادعوه ، واعلم أنّ كيد الشيطان ضعيف ، وثِقْ في قوله تعالى : ((والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين )) [/align:88dbbb31b8]