ولدت يا ابن آدم وأنت لا تملك شيء, إلا ما قدّره الله لك وكتبه في اللوح المحفوظ منذ ألازل.
فلا تحزن ولا تشتكي فكل أمر ولو كان تافها في حياتك منذ مولدك وحتى وفاتك, قد دًَُوّن بدقة وليس لك دخل فيه, سواء أكنت سعيد أم شقي , غني أم فقير عالما أم جاهلا...
لو تفكرت قليلا في حياتك وإن كنت تمر بضائقة , لعلمت ولأيقنت بأنك غارق في بحر من النعم , لقد ولدت لأبوين مسلمين وغيرك يعبد البقر والحجر والكواكب, ولدت سليما وغيرك وًَََُُُُلد مشوها معوقا , عشت مطمأن البال ونمت قرير العين , وغيرك أقضّت ألآلام وألاحزان والمصائب مضجعه.
قال تعالى:" والله أخرجكم من بطون أمهتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع وألابصار وألافئدة لعلكم تشكرون"(النحل:78).
لقد جُبلت القلوب على حب من أحسن إليها, ولكن هل ينطبق هذا القول علينا؟! (إلا من رحم الله).فكثير من الناس من يشتكي من الفقر ولقد عوضه الله بدلا من ذلك بالعافية في جسده وبالثبات في دينه, بينما يتساقط الكثيرين غيره في ساحات الضلال والفساد, وكثير من الناس من يشتكي من كثرة ألاسقام في جسده فلو سئلت أحدهم عن صحته , لرد عليك بأنه يعاني من الضغط والسّكر والضيق والهم ولو شكر الله قبل كل شيء لكان خيرا له من أن يسرد سيرته المرضية, ولو تأمل هذا إلانسان وتفكر في نفسه قليلا لأدرك بأن ما حلّ به ماهو إلا كفارة لذنوبه وهذه بحد ذاتها نعمة! وكم صادفت من الناس ممن يتسخط ويضجر إذا أصابته حمى.
دخل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على أم السائب فقال:"مالك يا أم السائب تزفزفين؟ قالت : الحمّى لا بارك الله فيها, فقال : لا تسبي الحمّى فإنها تذهب خطايا ابن آدم كما يُذهب الكير خبث الحديد".رواه مسلم..
الجميع يشكو ويسخط ويتضجر, فالمرأة إذا فقدت زوجها لطمت خدها وشقت ثوبها, وألام إذا فقدت ابنها ناحت وهاجت واعترضت على قضاء الله وقدره, فتردد العبارات إلاعتراضيه على ما كتبه الله لها فتقول لماذا يحصل لي أنا بالذات؟ لماذا يا رب؟ ماذا فعلت كي يحصل لي كل ذلك؟ لماذا؟
أوجه هذا السؤال لك لماذا تحدث مصيبة أو مأساة في كل بيت؟ الجواب بسيط إنما هذا ما هو إلا اختبار وامتحان لك يا ابن آدم فإما أن تصبر وتحمد الله فتكون من الفائزين, وإما أن تسخط وتيأس وتكون من الخاسرين فاختر لنفسك أي الفئتين أردت.. لو فكّرنا قليلا في هذا إلامتحان لعرفنا الحكمة من هذا الأمر وهو أن إلانسان إذا كان يحب الله ويسعى لنيل مرضاته فبالتأكيد سوف يسلّم أمره في كل شيء لخالقه , وإن كان مهزوز إلايمان فحتما سوف يعترض على كل ما يحدث له..
وصفة الشكر التي يجب أن يتحلى بها كل مسلم انعدمت في الناس أو قد يتحلى بها القليل من الناس فقط وكما قال تعالى:" وقليل من عبادي الشكور".(سبأ:13)..
ولقد ذكر ابن القيّم في كتابه"مدارج السالكين" أن منزلة الشكر هي من أعلى المنازل وهي فوق منزلة " الرضى" وزيادة فالرضى مندرج في الشكر .إذ يستحيل وجود الشكر بدونه وهو نصف إلايمان وإلايمان نصفان: نصف شكر ونصف صبر..
نفس إلايمان طمّاعه تتوق دائما للأعلى, وليت الذي يصبو لتحقيقه هذا إلانسان هو الدين , ولكن ما يحزن هو تنافس الناس على الدنيا والمناصب.
لو قيل لك سوف نعطيك مليون مقابل بصرك فهل سترضى؟ لو قيل لك سوف نأخذ يداك وسوف ندفع لك مبلغ زهيد مقابل ذلك فهل ستوافق؟؟ بالتأكيد لا!!
إن العينان وإلاذنان واليدان والرجلان وجميع الجوارح تؤدي الكثير من الوظائف والخدمات بالمجّان فهل شكرت الواحد الديّان؟!
إن الله أنعم عليك بالطعام والشراب وتعصيه, وغيرك لا يملك شربة ماء تروي رمقه أو لقمة تسد جوعه , أنت ترتدي أفضل الثياب وغيرك لا يملك قطعة تستر عورته, ومع ذلك تعصيه إلى متى هذا التمادي والغرور..!
<img src='http://zoon2002zoon.jeeran.com/1-33.gif' border='0' alt='user posted image' />