عَنْ أَبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ،أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ ، فَقَالَ:
" مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ"
قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْمُسْتَرِيحُ وَالْمُسْتَرَاحُ مِنْهُ؟
فَقَالَ : "الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا ، وَالْعَبْدُ الْفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ وَالْبِلَادُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ "
أخـرجـه الـبـخـاري ( 5/6147 )، ومـسـلـم ( 3/54 ).
قال أبو الوليد الباجي في " المنتقى شرح الموطأ " :
[ قَوْلُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- لَمَّا رَأَى الْجِنَازَةَ- :
(مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ) ، يُرِيدُ أَنَّ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْ النَّاسِ عَلَى ضَرْبَيْنِ : ضَرْبٌ يَسْتَرِيحُ ، وَضَرْبٌ يُسْتَرَاحُ مِنْهُ ؛ فَسَأَلُوهُ عَنْ تَفْسِيرِ مُرَادِهِ بِذَلِكَ ، فَأَخْبَرَ أَنَّ الْمُسْتَرِيحَ هُوَ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ يَصِيرُ إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ ، وَمَا أَعَدَّ لَهُ مِنْ الْجَنَّةِ وَالنِّعْمَةِ ، وَيَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَتَعَبِهَا وَأَذَاهَا.
وَالْمُسْتَرَاحُ مِنْهُ هُوَ الْعَبْدُ الْفَاجِرُ ، فَإِنَّهُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ وَالْبِلَادُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَذَاهُ لِلْعِبَادِ بِظُلْمِهِمْ ، وَأَذَاهُ لِلْأَرْضِ وَالشَّجَرِ بِغَصْبِهَا مِنْ حَقِّهَا وَصَرْفِهَا إِلَى غَيْرِ وَجْهِهَا ، وَإِتْعَابِ الدَّوَابِّ بِمَا لَا يَجُوزُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ فَهَذَا مُسْتَرَاحٌ مِنْهُ ، وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ مَعْنَى يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ أَنَّهُمْ يَسْتَرِيحُونَ مِمَّا يَأْتِي بِهِ مِنْ الْمُنْكَرِ ، فَإِنْ أَنْكَرُوا عَلَيْهِ نَالَهُمْ أَذَاهُ ، وَإِنْ تَرَكُوهُ أَثِمُوا ؛ وَاسْتِرَاحَةُ الْبِلَادِ أَنَّهُ بِمَا يَأْتِي مِنْ الْمَعَاصِي تَخْرُبُ الْأَرْضُ فَيَهْلِكُ لِذَلِكَ الْحَرْثُ وَالنَّسْلُ ؛ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ فِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ مَنْ نَالَهُ الْأَذَى مِنْ أَهْلِ الْمُنْكَرِ لَا يَأْثَمُ بِتَرْكِ الْإِنْكَارِ عَلَيْهِمْ وَيَكْفِيه أَنْ يُنْكِرَهُ بِقَلْبِهِ أَوْ بِوَجْهٍ لَا يَنَالُهُ بِهِ أَذَاهُ ؛ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ مُفَسَّرًا فِي الْجَامِعِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ] .
وقد سئل الشيخ العلامة ابن عثيمين ، في شرح كتاب "الرقاق" من صحيح البخاري عن :
راحة الشجر من الكافر ؟
فقال – رحمه الله تعالى - :
" لأن الكفار سبب لمنع الأمطار ، والجدب والقحط ، وكل شر ، والشجرة معلوم أنها إذا انقطع عنها المطر ماتت ".
والله الموفق.