التأليف والعبادة
لعل من أهداف كثير من الباحثين في العلم الشرعي " التأليف " وهذا هدف كبير، والأمة تنتظر المزيد والمفيد والجديد في المكتبة الإسلامية.
ولكني هنا ألفت انتباه نفسي وكل طالب علم يحب التأليف ويعشق الكتابة إلى ضرورة ارتباط التأليف بالتعبد لله تعالى والاتصال به.
ولعل من أشهر القصص في هذا الباب قصة الإمام البخاري رحمه لله تعالى الذي قال عن صحيحه: " ما وضعتُ في كتابي الصحيح حديثاً إلا اغتسلتُ قبل ذلك وصليت ركعتين " .
ولقد توقفتُ عند هذا الخبر طويلاً وسرت في أبعاده، وعشت في ظلاله، فتعجبت كثيراً؛ لأن عدد أحاديث صحيح البخاري تقارب ( 7563 ) حديثاً على اختلاف يسير في الترقيم.
وأنت عندما تحسب لكل حديث " اغتسال وركعتان " فسوف تقف طويلاً لعمق الإيمان والاعتصام بالله تعالى في تأليف الكتب ونفع الناس.
وتشعر بالتأني والرفق الذي كان عليه الإمام البخاري رحمه الله تعالى.
وتسأل نفسك وتقول: ولماذا يصلي ركعتين قبل كتابة حديث؟! وماذا عاش فيها؟! وماذا قال وكيف سأل ربه التوفيق والتأييد للتأليف؟!.
إنها أسئلة كثيرة ومتنوعة يقف عندها من يجيد التأمل.
ولعل من أسرار تلك الركعات أن بقي القبول لصحيح البخاري على مر الزمان وتم الانتفاع وقوية الحجة لطلاب الحديث.
فما أعظم آثار الاعتصام بالله والتعلق به.
ويا ترى هل مؤلفو زماننا يسيرون على منهج البخاري مع " الركعتين " أم أن شهوة التأليف والبحث عن الشهرة والرغبة في أن يعرف شخصه أو كتابه أنسته " الركوع والسجود " .
إننا مع رغبتنا في مطالعة جديد الكتب نفتقر إلى " رائحة القبول للكتاب " الذي يضعه الرب الكريم لمن رأى منه الصدق وعلم منه الحب لنفع الناس.
فرسالتي لك: تلمّس حاجة قلبك إلى ربك قبل أن تمسك قلمك، وحينها سيجري القلم وينزل القبول.
بقلم : الشيخ سلطان العمري
ياله من دين