المراكز الصيفية : عطاء وبناء
أحمد بن عبد المحسن العسافإن الأمم التي تلتفت لشبابها بكل ما يعود عليهم بالنفع والتربية على كريم الشمائل ؛ سوف تجني آثار صنيعها الجميل في أجيالها من الشبان والفتيات . والمراكز الصيفية التي ينعم بها مجتمعنا منذ سنوات - بفضل من الله ومنة - مفردة من مفردات العناية بالشباب التي كان لها أكبر الأثر في صقل الشخصيات وتنمية المهارات وتعزيز القدرات وكم من موهوب ومبدع ومتفنن كانت المراكز الصيفية المكان الذي نجمت فيه موهبته حتى برزت وبز بها الأقران وتميز بها حتى صار مرجعاً ينقل خبراته لغيره من أبناء مجتمعه .
والمراكز الصيفية ككل عمل ناجح يحتاج للتطوير والتفاعل الإيجابي المؤثر مع المتغيرات التي يمر بها المجتمع في حركة تفاعلية تبادلية مستمرة ينتج عنها عملاً تجديدياً في المضمون والشكل والأداء بما يخدم الأهداف السامية التي لأجلها افتتحت المراكز وجندت لها الطاقات المبدعة وصرفت فيها الأوقات والجهود ؛ ومن يفعل الخير فلن يعدم جوازيه .
وهذه محاولة للمساهمة في إثراء هذه المراكز بما قد يكون مفيداً وإن كان فيه بعضه تكرار تقتضيه الضرورة ؛ وهي كالتالي :
1. يجب على الجهات والأشخاص القائمين على المراكز الصيفية ألا يلتفتوا لصخب الأصوات النشاز التي ترمي كل عمل ينفع المجتمع مع المحافظة على دينه وتراثه بكل نقيصة وأفيكة بغضاً للحق وأهله ؛ فمثل هؤلاء المرجفين المثبطين وقود تنشيطي للأعمال المباركة من حيث لا يشعرون ؛ وهذا من فضل الله ومكره بهم .
2. من المهم أن يكون للمركز الصيفي أهداف يعرفها القائمون عليه والمشاركون فيه بل وحتى أولياء أمور المشاركين ؛ وينبغي أن تكون برامج المركز موجهة لتحقيق هذه الأهداف بلا حيدة .
3. المراكز الصيفية مؤسسات تعيش ضمن المجتمع وتدخل كثيراً من البيوت ؛ ولذا فيحسن بهذه المراكز أن تولي برامج خدمة المجتمع عنايتها لتصل فوائد المراكز لأهالي الحي والأحياء القريبة بما يجعل خير المراكز في كل بيت وناحية . وأشير إلى ضرورة التواصل مع أولياء الأمور وإطلاعهم على برامج المراكز وبل ومشاركتهم في بعضها على أي مستوى من مستويات المشاركة المختلفة .
4. التجديد بما لا يناقض الأهداف المرسومة بات أمراً ملحاً خاصة مع تسارع عجلة التغييرات الإيجابية أو السلبية ؛ ومن لا يتجدد فالتبدد مصيره ؛ وما كان مناسباً قبل عشر سنوات يغدو اليوم مملاً رتيباً ؛ ولا قداسة لقديم خلا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما قام عليهما وتلقته الأمة بالقبول.
5. والتنويع قرين للتجديد وأحد وسائله ؛ والمراكز بحاجة لأن تنوع برامجها لتناسب كل الأذواق ؛ ما بين دورات شرعية وإدارية وأدبية ومهارية ومهنية ؛ وبرامج رياضية وفنية بتفرعاتها الكثيرة ؛ وزيارات ميدانية واستضافات لوجوه المجتمع إلى غير ذلك مما تنفتق عنه أذهان الأفذاذ الذين يقضون وقتهم في المراكز ولها .
6. ومما ينصح به أن تسعى المراكز المتجاورة للتكامل والتعاون بما يحقق الجودة ويمنع التكرار ويصف الروح الأخوية الصادقة الصافية السامية التي تسود بين رعاة هذه الأعمال التطوعية الخيرية بعيداً عما ينغص من التنافس المنفر والتشاحن المحزن .
7. التجارب الناجحة حقيقة بالحفظ جديرة بالتعميم ولذا فمن المبهج أن تسجل المراكز تجاربها الناجحة خطوة بخطوة لتبقى موثقة ومتاحة ليستفيد منها من شاء من مديري المراكز في أي مكان وزمان .
8. والمراكز تحتضن فلذات الأكباد وعماد المجتمعات ؛ وهذا الشلال الهادر من الطاقات المباركة تتناوشه بلا هوادة تخرصات الجفاة وتأويلات الغلاة ولذا فمن الواجب أن تكون المراكز _ وهي كذلك _ محضناً لتحصين الشباب من هذه العوادي المهلكة والجوائح المردية ؛ بالتربية الحكيمة والرؤى المتزنة وربط الناشئة بالعلماء الربانيين والثقات من أهل التخصص والمعرفة بما يضمن المرجعية الشرعية الصحيحة لجيل المستقبل .
9. ويرتبط بما سبق معالجة ظواهر المجتمع من خلال المراكز بالمعارض والندوات واستضافة المستشارين كقضايا التدخين والمخدرات والعلاقات المحرمة والطلاق والعنوسة والبطالة والاستخدام السيئ للتقنية وغيرها .
10. العناية بالتقارير ضرورة إدارية واعتراف بفضل الجهات المسؤولة ومرجعيتها ؛ وهذا أمر أعتقد أنه لا يغيب عن ذهن مديري المراكز والجديد أن يعرف العاملون في المراكز مالذي يطلب منهم حفظه وتدوينه في وقت مبكر وأن تكون كتابة التقارير متزامنة مع افتتاح المركز وموثقة لكل شؤون المركز بما يلقم الحجر في أفواه من يحبون فغر الأفواه ولو بالهجر القبيح من القول بلا زمام من عقل ولا خطام من حياء .
11. ومما يفرد لأهميته غرس حب القراءة وعشق الكتاب في نفوس رواد المراكز وتدريبهم على المهارات الإعلامية والكتابية ليكونوا من حماة الدين والفضيلة وممن يكشفون زيف دعاوى المفرطين والمفًّرطين الذي استطال شرهم وعظم خطرهم .
12. وأخيراً فالمراكز معمل مهارات ومنجم مواهب وبيئة تطوير وتدريب وتعريف بوجوه المجتمع وعمالقته ونفع للمجتمع المحيط ونشر للمفاهيم الصحيحة وبث للروح العلمية مع عناية بصفاء الروح وسلامة الجسد بما يبني الشخصية الايجابية من جوانبها الأربعة : الروحية والبدنية والاجتماعية والفكرية ؛ وهذا جهد مبارك لاتبلغ لعاعات الدنيا مكافأته ويبقى الأجر المنتظر والثواب المرجو من الله الكريم المنان .
هذه بعض الوقفات التي أكتبها وأجزم أنها في خلد القائمين على هذه المراكز غير أننا مأمورون بالتذكير والتواصي ؛ ولذا كانت هذه السطور لمن انغمسوا في مسارب الخير وتركوا الأضواء والشهرة للاهثين خلف بريقها.
منقول: