السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أتعبني التفكير فيما سوف أكتب إلى أن وجدت برنامج عن الشيخ أحمد ياسين رحمه الله , تمعنت في هذه الشخصية وتعجبت لها , فلم أجد مثل ظروف هذه الشخصية العظيمة تصلح لأن تكون شماعة مآسي حقيقية ومع ذلك صنع المعجزات من رحم اليأس حين وجدت الصغار والكبار يتسابقون على راحته وعلى خدمته وينصبون أعينهم متطلعين إليه يطبقون ما يقول بصدق ومحبة أتعجب مالذي يملكه ليعطيهم فهو من أفقرهم فكيف التف حوله الناس ؟
كنت أتابع كل ذلك وفي ذهني صوت مدربنا الرائع محمد فتحي وكأنه يشرح بالصوت والصورة عن الشخصية الناجحة التي يمكنها أن تتعامل مع أكلح الظروف وأصعب الشخصيات , الشخصية التي ينبغي للمسلم ولكل ناجح إتباعها , هي مثال حي قريب للنجاح يمكن أن نأخذ العبر منه .
الشيخ أحمد ياسين كان مبدعاً في التعامل ولا أدل على ذلك من هذه الحادثة حينما أراد الإسرائيليون وضع هذا الشيخ الضعيف العاجز في سجن مخصص لأعتى مجرمو إسرائيل حتى يكون في وضع مأساوي ولكن بعد فترة أنقلب السحر على الساحر فإذا بهؤلاء المجرمون يتسابقون على خدمته وراحته , ترى مالذي قلب تلك الطبيعة العدوانية , ما لذي جعل القتلة يرأفون بحال هذا الشيخ الضعيف , أهو سحر يمتلكه فيرش رذاذه في وجوههم ليصبحوا له طائعين ؟
طبعاً ابتسامته التي لا تفارق وجهه وسماحته وذكاء معاملته حتى مع أعدائه ,هذا الشيخ الذي لا يستطيع تناول حبة الدواء إلا إذا أعطاه إيها شخص آخر يتحمل الجوع والعطش إذا كان مرافقه نائم حتى لا يوقظه , إذا أخطأ أحد في حقه ابتسم له , سوف يكون الشيخ أحمد ياسين مرافقي في هذا التلخيص ومرافقي بعد ذلك في تطبيق هذه الدورة في حياتي إنشاء الله .
المحاور التي يجب أن نفهمها حتى نتقن هذه المهارة :
1- الدوافع التي من أجلها يجب أن تحرص على معرفة مهارات التعامل مع الآخرين و الكيفية التي من خلالها تتدرج في تعاملك مع الآخرين و أهمية القدرة على تنوع أساليب التعامل حسب المواقف .
2- ثوابت التعامل مع الآخرين والتي يندرج منها عدة ثوابت أهمها
أ ) أن يكون لك رؤية شخصية قيمة وهدف سامٍ تبذل في سبيله من وقتك وراحتك ومالك , قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( خير الناس أنفعهم للناس ) وهذا ما فعله الشيخ أحمد ياسين حين رفض الاستسلام للإعاقة ولم يقل مالذي يفعله ضعيف مثلي بل كان صمام أمان ضد الفتن وكان يهتم بالصغير قبل الكبير ويرعى حاجات الناس قبل أن يسأل عن نفسه فكم شخص حرم الغير الخير الوفير الذي داخله بسبب نقص شيء فيه رغم أن ما بقي أكثر وأفضل
ب ) أن تفهم السلوك البشري وأن تفهم أن اختلاف الآخرين عنك شيء طبيعي يجب أن تتعامل معه بذكاء لتكسب مودة الناس وتفهمهم وقبل ذلك احترامهم .
ج ) أن رضا الناس غاية لا تدرك ولكن الذي يدرك هو احترامهم , فتعاملك باحترام وشرف يجبر حتى أعدائك على احترامك فكيف بأحبائك والأهم إذا حرصت على رضا الله أرضى الله عنك الناس . وطبعاً لا تتوقع أن يجمع عليك الناس , في مثالنا الشيخ أحمد ياسين كان يقول كلمة الحق ولكن بكل احترام , لم يكن يتعصب لرئيه بل يقبل الجميع دون أخذ مواقف مسبقة فأحبه الكثير ونال شهرة كبيرة حتى بعد استشهاده و ابن مالك حينما حضرته الوفاة سأل عن الناس فقيل له إنهم مابين راض وساخط فحمد الله وقال لو رضا كل الناس عني لأهلكوني – يقصد بذلك دخول العجب إلى قلبه – ولو أسخطوني لوجب سخط الله علي – لإجماع الناس على سخطه – هذا ابن مالك الذي التف حوله الناس بالألف طوال 70 عام .
3 – مهارات التعامل مع الآخرين والتي يندرج منها :
أ ) التفكير :
وهو أساس نجاحك في التعامل مع كل أمر وكل شخص أو فشلك , فتصرفاتك وتخطيطك لحياتك ينبع من تفكيرك حول ذاتك وتفكيرك بالنسبة للآخرين فإذا كنت تملك صورة مشرقة عن ذاتك وصورة مشرقة عن الغير أنعكس ذلك على سلوك ( كن جميلاً تجد الوجود جميلاً )
خطوات عملية للتفكير الإيجابي :
1 - افترض حسن النية في تعاملك مع الآخرين يجعلك هذا ترى دوافعهم وسلوكهم بشكل
صحيح واضح فتبني قرارك وسلوكك معهم بشكل أوضح
2- أقبل الجميع : فلا تجعل أخطاء الآخرين تقف دون بناء علاقة جديدة معهم وتذكر أن الله سبحانه وهو الغني عنك يقبلك في كل وقت فكيف بك تعرض عن الآخرين وأنت في حاجة لهم فجنة بلا ناس لا تداس )
3- فرق بين الشخص والموقف , فمعارضة رأي الآخرين لرأيك ليس سبباً لعداوتهم , فاختلاف الآراء لا يفسد للود قضية , اقبل الناس على علاتهم فإن كان في الناس عيوب فأنت منهم ولك أيضاً عيوب .وإذا صدر منهم ما يزعجك فربما يكون لهم أسبابهم التي لا تعرفها فكن خير الناس بأن تكون أعذرهم للناس , نجد أن الشيخ أحمد ياسين كانت له أراء تختلف عن بعض القادة الفلسطينيين ولكن كان يستقبلهم بكل ود ومحبة بادية على وجهة وكأن ليس بينهم خلاف , بل حتى من يخالفونه في الدين كانوا يكنون له كل ود واحترام
4 - لا تبني وجهة نظرك في تعاملك مع الناس بناءً على وجهة نظر الآخرين ولا تتبنى الآراء المسبقة والجاهزة بل كون رأيك الشخصي في من تعاملهم من خلال تجربتك الشخصية معهم , ولا تصدق كل ما يقال , قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (الحجرات:6)
5 - لا تجتر المواقف المزعجة وتكررها داخلك فستصبح بذلك أسيراً لها وللانفعالات التي تثيرها فيك , بل ألغيها وأبدلها بصور جميلة ,لا تبقي في ذاكرتك إلا الصور المشرقة , فالصور القاتمة تأخذ من عقلك وتفكيرك وطاقتك الجهد الكثير الذي يجب أن توفره لبناء حياتك بنجاح
ب ) الابتسامة :
قال الرسول صلى الله عليه وسلم " .... وتبسمك في وجه أخيك صدقة " لم يرى الرسول صلى الله عليه وسلم إلا هاشاً باشاً فالابتسامة لها مفعول السحر على النفوس , راقب نفسك لن تستطيع العبوس في وجه شخص يبتسم لك حتى لو كنت متعباً أو غاضباً , فالابتسامة تضفي نور وإشراق على صاحبها وعلى من حوله وهذه الابتسامة كانت سلاح الشيخ أحمد ياسين حيث أنك تجده دائماً مبتسماً .
خطوات عملية لتكون شخصاً مبتسم :
1- جرب أن تبتسم لأقرب الناس إليك ( عائلتك ) من لحظة دخولك المنزل قابلهم بابتسامة بسيطة وستجد منهم ترحيب أكثر حرارة ودفئ حاول لأسبوع كامل أن تحرص على الابتسام لهم من قلبك .
2- ابتسم لمن حولك من الناس , لجارك لزميلك للمارة في الشارع فأن تقابل الناس بوجه طلق كأنك تهديهم السعادة لبقية يومهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تدخلو الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا , أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم " رواه مسلم فكيف إذا كان سلامً ممزوجاً بابتسام !! . 3- ابتسم حتى لو كنت متعب . كيف ؟ تظاهر لمدة خمس دقائق بالابتسامة وستجد أنك تبتسم تلقائياً , وتذكر أن كثيراً من لأمراض أسبابها نفسي تستطيع أن تتغلب عليها بابتسامة حقيقية تخرج من القلب بإذن الله
ج ) اللغة :
إن طريقة كلامك مع من حولك واستخدامك لتعاير وجهك ونبرة صوتك ومصطلحاتك من أهم وسائل الاتصال التي إذا استخدمتها بفعالية نجح اتصالك مع الآخرين وإذا لم تستخدمها جيداً كان اتصالك غير ناجح وربما لم تستطع إيصال رسالتك للآخر , فإذا كنت ممن يحبون التشدق بمصطلحات علمية أو صعبة أو أجنبية فسيفقد هذا رغبة الآخرين في سماعك أو على الأقل سيشعرهم بالحيرة إذا لم يفهموا قصدك قال علي كرم الله وجهه ( حدثوا الناس بما يعرفون ) و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً , وإن أبغضكم إلي , وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيقهون " رواه الترمذي . والثرثار هو كثير الكلام تكلفاً ,والمتشدق المتطاول على الناس بكلامه ويتكلم بملء فيه تفصحاً وتعظيماً لكلامه , والمتفيقه هو الذي يملأ فمه بالكلام ويتوسع فيه تكبراً وارتفاعاً وإظهاراً للفضيلة على غيره
خطوات عملية لتفعيل لغتك :
1 – لا تستخدم في حديثك مصطلحات أجنبية إذا كنت تتحدث إلى أشخاص لا يجيدون اللغة الأجنبية والعكس صحيح
2 – لا تستخدم مصطلحات صعبة أو غريبة أو علمية مع أشخاص تعليمهم بسيط ولا يفهمون هذه المصطلحات
3- نعرف على المصطلحات الأكثر استخداماً عند الشخص الذي تحدثه واستخدمها في حديثك معه
4- تعرف على المصطلحات التي قد تؤذي مشاعر الشخص الآخر وتجنبها
د ) الأسماء
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي أصحابه بأحب أسمائهم إليهم لأن أحب الأسماء إلى الشخص هو اسمه , فذكرك اسم الشخص حين محادثته أكثر من مرة يشعره بالمودة والألفة ويشعره أنك تحب اسمه وتهتم به , إن تواضعك في الحديث مع الآخرين يكسبك رفعة عند الله ومحبة عند محدثك , وتذكر أنك تسعد من حولك بندائهم بأحب أسمائهم
خطوات عملية حتى لا تنسى أسماء الأشخاص
1 – اربط الاسم بشكل الشخص
2- بادر إلى التعرف على أسماء الأشخاص عند مقابلتهم
3 – تأكد من صحة نطقك لحروف اسم الشخص الذي أمامك
4- كرر اسم الشخص أثناء حديثك معه أكثر من خمس مرات فذلك يساعدك على تذكر اسمه بعد ذلك
هـ ) كلمة أنا
قال حكيم لابنه" يابني كن أحكم الناس و لا تقل لهم ذلك "
يقول نيكولاس تيكلر رئيس جامعة كلومبيا : ( أن الشخص الذي لا يتحدث إلا عن نفسه فقط هذا شخص لا يفكر إلا في نفسه فقط فهذا شخص جاهل أمي تستحق حالته الرثاء مهما بلغت مكانته العلمية )
( إن الذي لا يهتم بالآخرين فهذا شخص تتجلى الخيبة الإنسانية في مختلف صورها )
يجب عليك في بعض الأحيان أن تنسى نفسك قليلاً وتسمع الآخرين فقد لا يحتاجون حلاً ولكن يحتاجون إنصاتاً و دعماً وتفهماً حتى ولم يعجبك كلام هذا الشخص
خطوات عملية تجعلك مهتماً لتكون مهماً
1- حين تسمع للشخص لا تجهز ردك أثناء حديثه فقط استمع له باهتمام ورغبة .
2- ركز على مصطلحات محدثك حتى تستخدمها في حديثك فتزداد الألفة بينكما
3- أمنح محدثك إحساساً بالتعاطف والتفهم فهذا أدعى لأن يتقبل بعد ذلك كلامك
4- احترم وجهة نظر محدثك والفت نظره للخطاء من طرف خفي فلا تقل له أنت مخطئ ولكن فل له " نعم ولكن لو نظرت إلى الموضع بكذا وكذا فقد تجد أنه من الأفضل كذا وكذا "
5- أعرض وجهة نظرك من النقطة التي يحبها الشخص
6- أعتذر إذا أخطأت في حق شخص ما أو في إصدار حكم خاطئ على أحدهم هذا لن ينقص من قدرك بل يرفعك قدراً قال صلى الله عليه وسلم ( كل بني ادم خطاء وخير الخطائين التوابين)
7- خذ من الحكمة أفضلها وليس أسوئها , فمن يبحث عن النقائص دل هذا على نقصه هو . ومن يرى بعين الجمال والصفاء دل على جمال روحه وصفائها
8- أشكر الناس على أقل معروف فمن لم يشكر الناس لم يشكر الله
9- أهدي الناس فالهدية عربون محبة , أهدهم لو ابتسامة أو كلمة حلوة أو حتى وردة فالهدية في قيمتها المعنوية وليست في قيمتها المادية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تصافحوا يذهب الغل وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء )
ك ) الرفق
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ياعائشة ارفقي؛ فإِنَّ الرِّفقَ لم يكن في شيء قطُّ إلا زانه، ولا نزع من شيءٍ قطُّ إلاّ شانه". وقال عليه السلام : "يا عائشة، إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله". والله يعطي على الرفق ما لا يعطي على غيره وفي النهاية تذكر أن كل هذا هو من حسن الخلق الذي هو طريقك السهل للجنة إنشاء الله
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً , وبيت في وسط الجنة لم ترك الكذب وإن كان مازحاً وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه "
منقول ---