حماس...وهموم الناس
أهم أسباب الشعبية الواسعة التي تحظى بها حماس في أوساط الفلسطينيين هو أن قادتها وأبناءها تبنوا مشكلات الناس وهمومهم، وعملوا على حلها منذ أمد بعيد، إذ أقاموا الجمعيات الخيرية، والعيادات، والمستشفيات، والأندية الرياضية، ودور الأيتام، ودور المسنين، ودور القرآن، ولجان الزكاة، ورياض الأطفال، والمدارس، والجامعات، فنشروا العلم والوعي والفكر والثقافة، وحاربوا الجهل والفقر والأمراض والبطالة والفساد والانحراف، وأسهموا بذلك في مساعدة الناس وحل مشكلاتهم.
لقد وقفوا مع الناس في كل الميادين، وكانوا دائماً يسارعون لحل كل ما يستجد في المجتمع الفلسطيني من مشكلات.
ففي الانتفاضة الأولى ، وعندما استقالت الشرطة الفلسطينية، وجدناهم يسارعون إلى تقديم البديل، حيث شكلوا لجان الإصلاح، واستخدموا قوتهم لفرض الأمن، ومنع الظالمين والفاسدين من الاعتداء على الحرمات، فأمن الناس، وقل مستوى المشاكل عما كان عليه مع وجود الشرطة الفلسطينية.
وعندما عجزت البلديات عن القيام بواجبها في تنظيف الشوارع، وجدنا شبابهم وأشبالهم ينتشرون في الشوارع والطرقات، يكنسونها وينظفونها من الأوساخ، وعندما تعرضت دير البلح لكارثة طبيعية سنة 1982م، حيث نزل الثلج المتحجر وثقب سقوف آلاف المنازل ، وجدنا المئات من شبابهم وبتوجيه من الشيخ أحمد ياسين- رحمه الله- يعتلون أسطح المنازل ويصلحونها مجاناً، وهناك أمثلة كثيرة على مثل هذه المواقف لا يمكن حصرها.
وما زالت حماس تتبنى حل مشكلات الناس، وتعيش همومهم. لكنها مطالبة بمضاعفة الاهتمام بهذا الملف، لأسباب عديدة أهمها:-
1- الناس في فلسطين يستحقون الوقوف إلى جانبهم، والدفاع عنهم بكل قوة، لأنهم استجابوا لدعوة حماس ونصحها، وساروا خلفها في طريق الجهاد والمقاومة، وتحملوا في سبيل ذلك استشهاد أبنائهم وجرحهم وسجنهم، وهدم بيوتهم وتجريف أشجارهم ومنازلهم، وقطع أرزاقهم وتوقف أعمالهم. وصبروا على كل مصائبهم صبراً جميلاً، حيث كانت الأمهات وما زلن يدفعن أبناءهن إلى الجهاد، ويزغردن عند استشهادهم، ولا يقبلن فيهم إلا التهنئة، وكان الناس وما زالوا يقفون على أطلال منازلهم ومزارعهم المدمرة، ويقولون بالرغم من فقرهم وعوزهم، كل شىء يهون فداء لفلسطين.
2- أن بلادنا وللأسف تحوي مجموعة من اللصوص ومصاصي الدماء لا يشبعون، ولا يستحون،ولا يكفون عن سرقة أموال الناس وأقواتهم، واحتكار السلع المهمة ورفع أسعارها، حتى غدت بلادنا هي الأغلى أسعاراً في العالم في كل شىء، بالرغم من فقر أهلها الشديد، وتدني مستويات دخولهم. وهؤلاء اللصوص لا تخيفهم السلطة، لأنها ضعيفة، ولا يردعهم القانون، لأنه لا يطبق، ولأنهم أصحاب المناصب الرفيعة، ويعرفون كيف يصلون إلى أصحاب المناصب الأرفع، ولا يقدر على وضع حد لسفالتهم جميعاً إلا حماس القوية الأمينة.
3-أن الناس أصبحوا غير آمنين على أنفسهم وأعراضهم وأموالهم، فقد كثرت جرائم القتل والاغتصاب والخطف والنهب، وما زالت السلطة عاجزة عن تنفيذ الأحكام ضد القتلة والمجرمين، ولا بد من جهة قوية أمينة موثوقة مهيبة تتصدى للفساد والفاسدين وتحمي الناس منهم.
4- لأن حماس تقدمت لحماية الناس والدفاع عنهم من هجمات الصهاينة واجتياحاتهم، عندما عجزت السلطة عن القيام بهذا الواجب، وسحبت جنودها من ميدان المواجهة، وقد جندت حماس لذلك كل قوتها وإمكاناتها وضحت بخيرة أبنائها، ونجحت بالفعل في صد اليهود، وحماية الناس . وعليها أن تتقدم أيضاً لحماية الناس من الفاسدين الذين يسرقون أرزاقهم، ويعبثون بأمنهم وحرماتهم ، بعد أن فشلت السلطة وعجزت عن حمايتهم، ومن استطاع أن يوقف زحف مئات الدبابات وآلاف الجنود الصهاينة، قادر[ إذا أراد] ، ومؤهل، وينتظر منه أن ينجح في وقف فساد بضع عشرات من الفاسدين، وسوف يناصره الناس، ويلتفون حوله، ويسيرون خلفه، ويستمرون معه في طريق المقاومة والجهاد.
5- لأن الفساد لا يمكن أن يتغير بتركه، أو بضيق الناس منه، أو بكره الناس للفاسدين ولعنهم، وكثيراً ما كان شيخ ومؤسس حماس أحمد ياسين –رحمه الله- يردد ويطبق المثل القائل' أن توقد شمعة واحدة خير من أن تلعن الظلام ألف مرة'.
ولا يمكن أن يتحرك الناس وحدهم لإزالة الفساد والفاسدين، ولا بد من جهة قوية منظمة مضحية موثوقة تحركهم وتقودهم، وإذا لم يحدث ذلك فسوف يبقى الفاسدون ويزداد الفساد وينتشر ويعم، وما بقاء السلطات الفاسدة في وطننا العربي كل هذه المدة، إلا لغياب الجهة المؤهلة التي تحرك الناس الناقمين وتقودهم، وما أحبط الناس في وطننا العربي، وملوا، ويئسوا، وألفوا الظلم والخنوع، وتخدرت مشاعرهم وتحجرت، وهانوا ووهنوا وجبنوا، إلا بسبب تقاعس وقعود الحركات التي وثقوا بها عن تحريكهم وقيادتهم ضد الفساد والفاسدين،.بل إن بعض قادة هذه الحركات، هادنوا الفاسدين، أو مدحوهم، وبرروا فسادهم ودافعوا عنهم، وكثيراً ما وقفوا ليهدئوا الجماهير الغاضبة المنتفضة عليهم.
لقد أبدعت حماس وابتكرت وأذهلت العقول وتفننت في جهاد اليهود، وكانت بحق مدرسة جهاد ومقاومة لكل الشعوب المحتلة، عندما عزمت وأرادت [إرادة حقيقية] جهاد اليهود وتحرير العباد والبلاد من رجسهم، وهي قادرة بإذن الله [إذا أرادت بالفعل] أن تبدع أيضاً في إيجاد الطرق التي تعالج بها الفساد في فلسطين، لتصبح مدرسة أخرى تقتدي بها الحركات في عالمنا العربي والإسلامي لإزالة الفساد والفاسدين.
منقوووووول
مع تحياتي
اخوكم
احمد