بسم الله الرحمن الرحيم

على أعتابِ الرِّمالِ , وَقْفَ ذلكَ الرَّجلُ العَظيمُ المنكبينِ بِملابسهِ الرَّثة , شاخِصاً بِبَصَرهِ نحوَ السماءِ , الرمالُ تجذبُ عصاهُ , وقدماهُ تغوصانِ وهوَ لا يَشْعًرً , فإذا بِنِسْمَةٍ مِن الهواءِ يأخذُ معها نَفَسَاً عَميقاً يَتَفَتَقُّ معهُ الأملُ .

أواصلُ ولكنْ إلى أينْ ؟

أينَ الطريقُ ؟ ما أقسى الضياع ؟ إيه ! هل هذهِ الشمس ؟ وهل هذا احمرارُ الشفقِ ؟ هل سيأتي المساءُ ؟ وتظلمُ الدنيا ؟ ما على الأعمى حرج !

رفعَ قدمهُ وأزمعَ المسير , ما هذا ! كأنَّ المدى يقتربُ مني ؟ أحلامُ بائسْ ! نفضَ عنه غبارَ الأوهامِ وأكملَ السير .

طويلٌ هذا الدربُ وشاقٌ , ولكنَّ الوقوفَ أشقُ , ما الحل ؟ سؤالٌ موحشْ ولا بَصيصُ إجابةٍ ؛ إذاً أسيرُ إلى الأمام فلعلَّ لهُ من أسمهِ نصيبٌ.

في هذهِ النَّفْسِ أشْجانٌ وَزَفَراتٌ حرَّى فأينَ تذهبْ ؟ هل تُدْفَنُ في هذهِ الصحراءِ أو تَحْمِلُها الريحُ إلى مكانْ سحيقْ ؟ أم السِجنُ أحنُّ عليها ؟ ما أمرَّ الحرمان .

حث الخطا واستسلم للواقعِ ... ولكنْ ....هل لونُ المساءِ رائع ؟؟وحباتُ الرملِ كالذهبْ ؟؟ ... _بدأ الأملُ يَدُبُّ في جسدهِ _وجعلتْ لي الأرضُ مسجدا وطهوراً , ومعي ...!! من معي ؟؟ معي ربُّ السماءِ والأرضِ وخالقُ كل شيء !!

تطهر , ورفعَ صوتَ الأذان , فأحسَّ بالأنسِ , وكأنَّ الدنيا تزهو به , اصطفتْ قدماهُ لله , وعَفَّرَ جبهتهُ ساجِداً , فانفتحَ أمامهُ بابُ الرجاءِ , واتَّسَعُ قلبهُ اتساعَ الكونِ .. فتاهَ كل الشقاءُ , وأدَّلجَ اليأسُ وانْقشَعَتْ الغيومُ السوداء .. فأكملَ المسير وعرفَ الطريق .....

علي المطيري 11/6/1425