تك... تاك ...تك ...تاك
(لا تعجبوا ..إنه صوت حذائي)
كنت ذات مرّة في أحد الأسواق التجارية... و لاحظت وجود عدد من الشباب مجتمعين يتحدثون... فوقفت ومن معي بركن حتى ينفض الجمع قليلاً... فنجد فرصة للمرور بينهم... وإذا بي أسمع صوت طرقات ملفتة للسمع فالتفت الجميع نحو مصدر الصوت... فإذا بفتاتين تتمايلان في مشيتهما... وصوت كعب الحذاء يسبقهما... سكت الشباب والكل ينظر ناحيتهما... حتى مرا والأعين لا تزال معلقة بهما... وتتابع ضربات الحذاء والتمايل!
هل أنا أبالغ؟ إذاً إقرأي ما كتبه أحد الرجال...
يقول عبد الرحمن واصل في كتابه مشكلات الشباب الجنسية والعاطفية:
(كنت في مصلحة حكومية أنجز فيها بعض مطالبي، فسمعت أحد الموظفين يقول موجهاً الحديث إلى زملائه: إنني أعرف فلانة عندما تنزل السلم... فسأله زملاؤه: كيف؟ قال: أعرفها بحذائها، فإن له نغمات خاصة أميزها به وأميزه بها!!) انتهى.
قرأت ذات مرة أن الملحن المعروف محمد عبد الوهاب الذي ذاع صيته عند أهل الغناء... حين سُئل: ما الذي يلفت نظرك في المرأة؟ قال: كعبها العالي..! إني أراها مغرية و في قمة الجمال حين تمشي به!
عزيزتي المسلمة... إن مما ابتلينا به من صور التطور المزعوم... ما أسموه بالكعب العالي...
تلبس الواحدة منا حذاءها... ويكون متكأنا على قطعة رفيعة من الخشب المغطى بالجلد...ترتفع ب 4 أو 5 أو 9 وأحياناً يتجاوز 12 سنتيمتر..! ويحمل هذا المسكين ثقل الجسم...ولكي تحفظ الواحدة منا توازنها حتى لا تسقط.. تتأرجح يمنة ويسرى.. كالبهلوان الذي يسير على خيط رفيع.. لن نستطيع الإنكار..فهذا ما يحدث مع كل فتاة جربت إرتداء الحذاء العالي للمرة الاولى.. وكلنا يتذكر أولى خطواتنا ونحن صغيرات نقلد الكبار.. ولكنا مع تكرار المشي فيه اعتدنا على هذه المشية المتأرجحة.. المتمايلة.. التي يراها الرجال منا.. ونحن غافلات..
قد تقول قائلة: إنما هي مشيتي وأنا لا أتعمد أن أسير متمايلة! أثير الإنتباه فيها أو أقصد بذلك لفت أنظار الرجال إليّ! أقول..لها:
ما الداعي إذاً لتعذيب النفس في ارتداء حذاء يجعل جسدك منحني إلى الأمام وتضطرين لحفظ توازنه بالميل إلى الخلف.. فتضغطين على أسفل عمودك الفقري.. وتشعرين بالألم.. طوال مدة السير فيه؟
فأنا كثيراً ما ألاحظ النساء حال عودتهن إلى البيت.. يسارعن برمي الحذاء وهنّ يشتكين من آلام في الظهر وكعب الرجل!! وتظهر في أقدامهن الفقاعات المؤلمة وتكون الواحدة منهن متحملة لهذه الألام لساعات طويلة!!
ولو حاولت إرتداء حذاء مريح منبسط أو مرتفع قليلاً ومبطن بمطاط يمنع إرتداد ضربات القدم في الأرض كما هو الحال في الأحذية الرياضية.. أو الطبية.. للاحظتِ الفرق الشاسع في الراحة بينهما. ولأدركت ما نقصد بمتاعب الكعب العالي.
لا أقول دعي أحذيتك المنمقة وارتدي أحذية مثل أحذية الرجال.. ولكن لمَ لا يكون بمواصفات مريحة..مثل أحذيتهم؟
إن الأمر يزيد سوءاً عند المرأة الحامل.. فهذا الكعب.. يعرضها للسقوط.. وزلة الرجل وإلتواء الكاحل.. وكذلك.. مع خروج البطن إلى الأمام.. ينحني الجسم تلقائياً إلى الخلف.. فيزيد الضغط على الظهر.. فيضاعف هذا من الإحساس بالألم!!
لا يا عزيزتي.. إن الأمر ليس من تبحث عن الراحة.. بل إن النساء فُتنّ بالتشبه بالكافرات.. والسعي الحثيث ورائهن.. وتقليدهن.. ألم تتابعي عروض الأزياء والتي تعتبر سوقاً رائجاً للفسق والفجور.
واستشرت في بلاد المسلمين كالوباء.. ألم تنظري إلى العارضة التي تتمايل أثناء العرض بحركات متقنة مدروسة زيادة في الإغراء والإغواء؟
ألم تحاولي في غرفتك ِ الخاصة وبعيداً عن الأنظار أن تسيري مثلها؟... وتتعلمي هذه المشية حتى تخرجي لمجتمع الحفلات وأنت ممشوقة كعارضة الأزياء وتمشين برشاقتها؟؟ هذا والله هو الوصف الذي طالما سمعته من النساء عندما يجمعني بمن يتناولن هذه الأحاديث.. ويشرعن في وصف فلانه وجمالها ورشاقتها.. ويقلن إنها تمشي كعارضة الأزياء!.
إن من يشاهد عروض الأزياء ويرى تلك العارضة تتثنى وتتمايل أثناء العرض بتلك الحركات المتقنة.. ليخجل من الحال التي تصل إليها المرأة عندما تكون بضاعة رخيصة معروضة للجميع للإطلاع عليها.. من شاء اشترى ومن شاء ترك! فهل فتياتنا يتعلمن هذه المشيّة لتسويق أنفسهـّن وللأسف الشديد!.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الدنيا حُلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فناظر كيف تعملون؟ فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء» [رواه مسلم 2742].
يا ترى ماذا كانت تفعل نساء بني إسرائيل حتى تفتن الرجال؟
كانت نساء بني إسرائيل يتفنن في فتنةالرجال، ومن مظاهر هذا التفنن ما أخبرنا به صلى الله عليه وسلم في قوله: «كانت امرأة من بني إسرائيل قصيرة تمشي مع امرأتين طويلتين، فاتخذت رجلين من خشب، وخاتماً من ذهب، مغلفاً بطين، ثم حشته مسكاً، وهو أطيب الطيب، فمرت بين المرأتين، فلم يعرفوها، فقالت بيدها هكذا». وفي رواية: «فكانت إذا مرت بالمجلس حركته، فنفخ ريحه».
سبحان الله..! إمراة تلبس ما نسميه نحن الآن حذاء بكعب عالي.. وتتطيب بالطيب.. وتتعمد رغم تغطيتها لوجهها أن تبدي هذه الزينة بتحريك يدها لتفوح الرائحة.. وهي تتمايل في مشيتها بسبب رجلي الخشب اللذان جعلاها تبدو أكثر طولاً!
والله لكأني أشاهدها إحدى فتياتنا في الأسواق!... ثم ماذا؟
تقول عائشة رضي الله عنها برواية عروة:
"كن نساء بني اسرائيل يتخذن أرجلاً من الخشب يتشرفـّن للرجال في المسجد، فحرّم الله عليهـّن المساجد، وسلط عليهن الحيضة".
قال الحافظ: [أخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح عن ابن مسعود].
أنظري رعاك الله.. كنّ يستشرفن للرجال في المسجد! بماذا؟ بارتداء الكعب العالي لقد كنّ يعلمن مدى إغراء ارتداءه وكيف يجعلهن يتمايلن في مشيتهن.. وهذا ما سيجذب الرجال للنظر إليهن.. وماذا كانت عقوبة الله لهن؟ إنهن كن يحضن بصفة مستمرة مما حرمهن من دخول المسجد والعبادة..
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "كان الرجال والنساء من بني إسرائيل يصلون جميعاً، فكانت المرأة إذا كان لها خليل تلبس القالبين تطـّول بهما لخليلها، فألقى الله عليهن الحيض، فكان ابن مسعود يقول: أخرجوهنّ من حيث أخرجهن الله" [رواه الطبراني].
تلبس القالبين يقصد الحذاء المصنوع من الخشب المرتفع عن الأرض.. تقصد بذلك لتبدو أطول.. ولمن؟ لخليلها..! وماذا دعا ابن مسعود لمن تفعل ذلك من نساء المسلمين المتشبهات بنساء بني اسرائيل؟ دعا إلى إخراج من تفعل ذلك من المسجد!
روت عمرة بنت عبد الرحمن، عن أم المؤمنين عائشة أنها قالت: "ولو رأى رسول الله ما أحدث النساء لمنعهن المساجد كما ُمِنعَه نساء بني إسرائيل، قيل لعمرة: أو مُنِعْن؟ قالت: نعم".
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخبر عما سيكون عليه حال بعض من نساء المسلمين في هذا الزمان: «صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهنّ كأسنمة الـُبخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا» [أخرجه مسلم].
إحذري يا فتاة الإسلام أن تكوني من الكاسيات العاريات المائلات المميلات.. فلا تتمايلي بمشيتك ولا تقولي إني أغطي كل جسدي.. فإن كنت قد غطيتيه.. فلا تتصنعي بمشيتك ما يخلب لب الرجل.. وكوني بهيئتكِ القدوة الحسنة للمرأة المسلمة.. ولا تتشبهي بنساء بني إسرائيل.
يقول الشاعر:
يَصْرعْـنَ ذا اللبّ حتى لا حِـراك به *** وهنّ أضعفُ خلق الله أركانا
فما هي إذاً مواصفات الحذاء الذي تشترينه؟
1) لا يكون ذو كعب عالٍ.
2) يكون مبطناً في أسفله بالمطاط حتى لا يصدر صوتاً أثناء المشي.
3) لا يكون مزيناً بزينة ملفتة للنظر كما نشاهد في بعض الأحذية من وجود فصوص ونحوه.
4) لا يكون غالي الثمن.. فلا يصح أن تضعي في رجلك ما قضى زوجك في جمعه من نقود.. أياماً طويلة في شقاء وتعب.
5) أن لا تكثري من شراء الأحذية من باب التنويع... وتذكري أن ما عندك يفي بحاجتك.. ولا داعي للإسراف بحجة التغيير.. وتتبع الموضة.
6) إذا كنت تريدين التوفير والإقتصاد.. فاختاري من ألوان الأحذية ما يناسب لونه معظم ألوان ما لديك من الثياب.. وأرجح لك اللون الأسود.. حتى يناسب لون جوربك الأسود وعباءتك السوداء. فلا تبدو قدميك بشكل بشع مع الألوان الصارخة.
وفي النهاية أذكرك بقول الحق تبارك وتعالى:
{وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ} [سورة النور الآية 31].
إن لم تقتنعي بعد كل ما ذكرت عن التخلص من الكعب العالي ....إذاً لم يبقَ لي إلا أن أقول
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
شبكة أنا المسلم