يا بُني، أداءُ صلاتك التي فُرضت عليك أفضلُ من كُل ما تعمل.
يا بُني: جالس قومًا يذكرون الله، إن كُنت عالمًا نفعك علمك، وإن كنت جاهلاً عَلَّمُوك، وإن نزلت عليهم رحمةٌ أو رزقٌ شركتهمُ فيه.
يا بُني، لا تجالس قومًا لا يذكرون الله، فإن كنت جاهلاً زادوك، وإن كنت عالمًا لم ينفعك علمك شيئًا، وإن نزلت عليهم لعنةٌ أو سخطٌ شركتهم فيها.
وقال: اعتزلوا شرار الناس تصلحْ لكم قلوبكُم وتسترح أبدانُكُم وتطبْ نُفوسُكم.
وقال: اشكر لمن أنعم عليك وأنعم على من شكرك، فإنه لا بقاء للنعمة إذا كُفرت، ولا زوال لها إذا شكرت.
وقال: لقاء أهل الخير عمارة القلوب.
وقال: يا بني، إن الدنيا بحرٌ عميقٌ وقد غرق فيها ناسٌ كثير، فاجعل سفينتك فيها تقوى الله، والأعمال الصالحة بضاعتك التي تحملُ فيها، والحرصَ عليها ريحُكَ، والأيام موجُها، وكتاب الله دليلها، وردُّ النفس عن الهوى حبالها، والموت ساحلها، والقيامة أرض المتجر التي تخرج إليها، والله مالكُها.
وروي عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أنه قال: يُؤتى بالدنيا يوم القيامة على صُورةٍ عجوزٍ شمطاء زرقاء، أنيابُها باديةٌ مُشَوَّهَةُ الخلقة لا يراها أحدٌ إلا كرِهَهَا، فتُشْرِفُ على الخلائقِ، فيُقال لَهُمْ: أتعرفُون هذه؟
فيقال لهم: هذه التي تفاخرتُم وتحاربتُم عليها، ثم يُؤمَرُ بها إلى النار، فتقولُ: يا ربِّ أين أتباعي وأصحابي وأحبابي؟ فيلحقونَهَا.
ووجه إلقائها في النار لينظر إليها أهلها فيرون هوانها على الله جلَّ وعَلا.
وذكر في الخبر عن عيسى ـ عليه السلام ـ: أنه كان ذاتَ يومٍ ماشيًا إذْ نظر إلى امرأةٍ عليها من كل زينةٍ فذهب ليُغطي وجههُ عنها، فقالت: اكشف عن وجهكَ فلستُ بامرأة أنا الدنيا، فقال لها: ألكِ زوجٌ؟ فقالت لهُ: لي أزواجٌ كثير، فقال: أكل طلَّقَكِ أم كلاً قتلتِ؟ فقالت: بلْ كُلاً قتلتُ، فقال: حزنت على أحد منهم؟ فقالت: هم يحزنون عليَّ ولا أحزنُ عليهم ويبكون علي ولا أبكي عليهم.
ورُوي أن رجُلاً قدم على النبي r من أرض، فسأله عن أرضهم، فأخبرهُ عن سعتها وكثرة النَّعيم فيها، فقال رسول الله r: «كيف تفعلون؟» قال: إنا نتخذ ألوانًا من الطعام ونأكلها، قال رسول الله r: «ثم تصير إلى ماذا؟» قال: إلى ما تعلم يا رسول الله، يعني بولاً وغائطًا، فقال رسول الله r: «فكذلك مثلُ الدنيا».
والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
محبكم في الله
ابو ريتاج