الهاتف هل يعد صلة؟
توجهنا إلى الأستاذة الفاضلة حياة بنت عبدالله المطلق بهذه الأسئلة فأجابتنا عليها حفظها الله قائلة:
* هل السؤال بالهاتف يغني عن الزيارة لذوي الرحم، وهل أجر المكالمة يعدل أجر الوصل للزيارة لمن لا يستطيع أو حتى من يستطيع؟
- الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. صلة الرحم من شعار الإيمان بالله واليوم الآخر، يقول الله عز وجل مثنيا على الواصلين {والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب (21)} [الرعد]. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه).
وجعل النبي صلى الله عليه وسلم صلة الرحم من أسباب دخول الجنة، فعن أبي أيوب الأنصاري أن رجلا قال يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النا، قال النبي صلى الله عليه وسلم (تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة وتصل الرحم).
وصلة الرحم بأمور عديدة، تكون بزيارة الأقارب وتفقد أحوالهم والسؤال عنهم، وتعاهدهم بالزيارة وغيرها، وقد يصلهم الإنسان في الوقت الحاضر عبر الرسالة أو المكالمة الهاتفية. وقد يغني السؤال بالهاتف عن الزياة في عدة أحوال: الحالة الأولى: قد يكون الإنسان مما تنأ به الديار ويشط به المزار ويبتعد عن أهله وأقاربه، فإذا أراد المجيء إليهم بعدت عليهم الشقة وكان في ذلك من الإرهاق والتعب ما يجعله يغنني بالسؤال بالهاتف عن الزيارة.
الحالة الثانية: أن يكون الأقارب مما يرضى بالقليل في صلة الأرحام فتكفيه الزيارة السنوية وتكفيه المكالمة الهاتفية، فهذا يصلهم الإنسان بالهاتف ومتى ما حصل له الزيارة زارهم. الحالة الثالثة: أن يكون الإنسان من ذوي الأشغال، فتلهيه الأشغال عن الزيارة. فيكتفي بالرسالة أو المكالمة الهاتفية.
الزوجة وصلة الرحم
* نرجو توجيه نصيحة للزوج الذي لا يعين زوجته عى صلة رحمها؟ وهل المرأة آثمة بتركها صلة أرحامها بسبب تكاسل الزوج؟
- لا تأثم المرأة إذا لم يذهب بها زوجها لصلة أرحامها، لكن تسطيع صلتهم بدون الذهاب إليهم عن طريق تفقدهم، والاتصال بهم واستضافتهم في منزلها وحسن استقبالها لهم؛ ومشاركتهم للأفراح وللأحزان، ومشاركتها لهم في الأعياد. والزوج يأثم إذا منع زوجته من صلة الرحم لأن الله عز وجل يقول: {والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار (25)} [الرعد]. يأثم لأنه يؤدي إلى أن المرأة تقطع أرحامها وأن أول من يخسر هو الزوج نفسه لأنه يكون أسرة متفككة وكذلك يصبح أولاده قاطعين مثله ويربي أولاده على القطيعة.
.~.~~.~.~
حقوق الأقارب
أيها القارئ العزيز: إذا كان لك حق عند شخص هل تنتظر منه أن يؤديه اليك، فأيضا فيه من ينتظرك أن تؤدي حقوقهم وهم الأقارب. فهذه بعض الحقوق علينا:
1 - السلام عليهم وعيادتهم عند مرضهم.
2 - مشاركتهم أفراحهم وأحزانهم.
3 - الدعوة إلى الله أوساطهم والتركيز على النصح والتوجيه.
4 - حفظهم في الغيب وحفظ أموالهم وأعراضهم وأن تحميهم وتدافع عنهم وأن تكون نصيرا لهم على الحق لا على الباطل.
5 - الحرص كل الحرص على الصلح بين من كان بينهم حتى من الشحناء والبغضاء.
6 - التواضع ولين الجانب وعدم التكبر عليهم.
7 - بشاشة الوجه.
8 - أن تشفع لهم عند الحاجة، شريطة أن لا تقدمهم على حقوق الآخرين أو أن لا يكون فيها ظلم.
9 - تجنب الجدال والخصام معهم.
~.~.~
ثمرات صلة الرحم
إن صلة الرحم كالشجرة الشامخة أصلها ثابت في الأرض وفرعها في السماء تؤتي ثمرها كل حين بإذن ربها عز وجل فهذه بعض ثمرات صلة الرحم:
- صلة الرحم من أعظم أسباب دخول الجنة. وجاء من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أطب الكلام، وافش السلام، وصل الأرحام، وصل بالليل والناس نيام تدخل الجنة بسلام).
- صلة الرحم من أحب الأعمال إلى الله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحب الأعمال إلى الله إيمان بالله ثم صلة الأرحام ثم أمر بالمعروف ونهي عن المنكر.
- صلة الرحم من أسباب زيادة الرزق والمنسأ في الخير: ففي البخاري ومسلم عن أنس رض الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أحب أن يبسط الله له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه).
- صلة الله عز وجل للواصل: عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الرحم متمسكة بالعرش تكلم بلسان ذلق: اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني. فيقول الله تبارك وتعالي. أنا الرحمن الرحيم، وإني شققت الرحم من إسمي فمن وصلها وصلته ومن نكتها نكته).
- زيادة ثواب الصدقة على ذي الرحم: عن سلمان بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم صدقة وصله).
- صلة الرحم دلالة على إيمان العبد بالله واليوم الآخر: (عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه).
- محبة الأقارب للواصل ودعاؤهم له: عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوع. (تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، فإن صلة الرحم محبة في الأهل مثراة في المال، منسأة في الأثر).
- دلالة على التزام العبد لأمر الله تبارك وتعالى وأمر نبيه: وذلك لأن الله أمر بالصلة في غير آية وفي غير حديث.
- صلة الرحم مدعاة للذكر الجميل.
- تعجيل الثواب في الدنيا وعظيم الجزاء في الآخرة: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: (ليس شيء أطيع لله أعجل ثوابا من صلة الرحم، وليس شيء أعجل عقابا من البغي وقطيعة الرحم).
- من محاسن هذا الدين: أنه دين الصلة ودين البر والرحمة.
- إنها تدل على الرسوخ في الفضيلة.
- عزة المتواصلين ورفعة الواصل.
- صلة الرحم سبب في مغفرة الذنوب وتكفير الخطاي. عن ابن عمر رضي الله عنه أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: إني أصبت ذنبا عظيما فهل لي من توبة؟ قال: (هل لك من أم؟) قال: لا، قال هل لك من خالة؟ قال نعم، قال: (فبرها).
ثم توجهنا بالأسئلة إلى الأستاذة الفاضلة ريم السويلم محاضرة بكلية التربية قسم الدراسات الإسلامية فأجابتنا مشكورة:
* نرجو توجيه نصيحة لمن يقطع رحمه بسبب المشاكل التي تحدث بين الأقارب وبالذات مشاكل الأطفال؟
- إن قطيعة الرحم من أكبر الكبائر وأعظم الذنوب فهي مؤذنة باللعنة يقول الله عز وجل: {والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار (25)} [الرعد]. ومعجلة للعقوبة ولسخط الله سبحانه.
قال صلى الله عليه وسلم: (... ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم) (صحيح سند الترمذي (2039).
وهي مانعة من نزول الرحمة ودخول الجنة، كما قال صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة قاطع) قال سفيان: أي قاطع رحم) أخرجه البخاري (5638) ومسلم (2556). إضافة إلى ما يحرمه القاطع من ثمرات صلة الرحم.
فالمتأمل لهذه العقوبات المترتبة على هذا الذنب العظيم ليقف موقفا جادا مع نفسه لأن الخلافات والخصومات لا تبرر القطيعة فإن الرحم لو عظمت والعقول حكمت، والمعاذير التمست، لمرت تلك المشاكل مرور الكرام ولم يحصل بسببها قطيعة ولا هجران.
فالواجب على كل قرابة الغض عن الهفوات، والتماس المعاذير، والعفو عن الزلات.
فمن الذي ما ساء قط ومن له الحسنى فقط
وليعلم أنه بفعله ذلك قد تقرب إلى الله سبحانه بقربة هي من أجل القرب كيف! وصلة الرحم شعار الإيمان بالله واليوم الآخر، كما قال صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه) [البخاري 6138). بل وإن الله تعالى قد تعهد أن يصل من وصل الرحم ويقطع من قطعه. كما ورد في الحديث الصحيح عند البخاري (5987)..
.~.~.~.~
* كيف نعود أبناءنا على صلة الرحم؟
- هناك عدة أمور يجب اتباعها لتعويد الأبناء على الصلة، أذكر منها:
1- تذكيرهم بفضائل صلة الرحم وثمراتها وبيان عظم حقها، وأنها من جملة القربات التي تقرب إلى الله عز وجل.
2 - حثهم على زيارة الأقارب وصلتهم بالكلمة الطيبة.
3 - تعويدهم الصبر على أذيتهم والحلم عليهم ودفع إساءتهم بالإحسان.
4 - مراعاة أحوال الأقارب وفهم نفسياتهم وإنزالهم منازلهم وتوقير كبيرهم ورحمة صغيرهم.
5 - الأسوة وذلك بأن يكون الوالدين خير قدوة لأولادهما في صلة الأرحام إذ كيف يتعلم الأولاد الصلة من أب قاطع.
6 - الدعاء لهم بأن يوفقهم الله تعالى للخير والبر والصلة وأن يهديهم لصالح الأخلاق والأقوال والأعمال.
..~~.~.~.~
الأمور المعينة على صلة الرحم
لكل من تكاسل أو تهاون عن صلة رحمه أوجه له هذه الأسطر لكي تكون عونا له على صلة رحمه:
- النظر في ثمرات صلة الرحم.- النظر في عواقب القطيعة.- الإستعانة بالله، وذلك بسؤاله أن يرزقك التوفيق والإعانة على الصلة.
- مقابلة إساءتهم بالإحسان.- قبول أعذارهم إذا أخطأوا واعتذارهم.- الصفح عنهم ونسيان معايبهم حتى ولو لم يعتذرو.
- التواضع ولين الجانب.- التغاضي والتغافل عما يصدر منهم.- بذل المستطاع لهم من الخدمة بالنفس أو الجاه أو المال.
- ترك المنة عليهم والبعد عن مطالبتهم بالمثل.- توطين النفس على الرضا بالقليل من الأقارب.
- تجنب الشدة في العتاب.- تجنب الخصام وكثرة الجدال العقيم.- إصلاح ذات البين.- تذكر الأقارب عند الولائم.
.~.~.~.~
أسباب القطيعة
وإذا صرنا إلى قطيعة الرحم وجدنا أنها تحدث لأسباب عديدة منها: الجهل بعواقب القطيعة - ضعف التقوى والوازع الديني - الكبر على الأقارب - الانقطاع الطويل - العتاب الشديد - الشح والبخل - سوء الخلق - نسيان الأقارب في الولائم والمناسبات - الحسد - الطلاق بين الأقارب - قلة تحمل الأقارب والصبر عليهم - كثرة المزاح - الوشايةوالإصغاء إليها - التكلف الزائد - قلة الإهتمام بالزائرين - الشراكة بين الأقارب - تأخير قسمة الميراث - الاشتغال بالدنيا - بعد المسافة والتكاسل عن الزيارة - التقارب في المساكن بين الأقارب.
.~.~.~.~.~
آثار القطيعة
لا بد أن يجد قاطع رحمه الشر في حياته الدنيا قبل الاخرة فهذه بعض آثار القطيعة.
- اللعنة وعمى القلب وصمم الآذان عن سماع الحق، قال تعالى: {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم (22)} [محمد].
- توعد القاطع بعدم قبول عمله: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أعمال بني آدم تعرض كل خميس ليلة الجمعة فلا يقبل عمل قاطع).
- قطع الصلة بالله والبعد عن رضاه.
- يعرض قاطع الرحم نفسه لدعوة الأقارب عليه.
- لا يدخل الجنة دخولا أوليا: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة قاطع).
- تعجيل العقوبة في الدني.
- تقطيع أواصر العلاقات بين أفراد الأسرة.
- يورث الدمار ويهدم العمران.
قال الشاعر:
وكن واصل الأرحام حتى لكاشح
توفر في عمر ورزق وتسعد
ولا تقطع الأرحام إن قطيعة
لذي رحم كبرى من الله تبعد
فلا تغشى قوما رحمة الله فيهم
ثوى قاطع قد جاء ذا بتوعد
***
ولم أر عزا لامرء كعشيرة
ولم أر ذلا مثل نأي عن الأهل
***
ومن ذا الذي ترجو الأباعد نفعه
إذا كان لم يصلح عليه الأقارب
***
وحسبك من ذل وسوء صنيعة
مناواة ذي القربى وإن كان قاطع
ولكن أواسيه وأنسى عيوبه
لترجعه يوما إلي الرواجع
ولا يستوي في الحكم عبدان واصل
وعبد لأرحام الرقابة قاطع
.~.~.~.~.~
انتهى البحث
أسأل الله أن ينفع به
منقول من مجلة الدعوة //بتصرف//
mail: