أزواج وزوجات
الحوار بين الزوجين ..عندما يصل إلى طريق مسدود
في جلسة هادئة كانت سمر وزوجها محمد يرتشفان الشاي معاً، ويأكلان بعض المكسرات.. تلفّت محمد بعد
دقائق من الهدوء..
- أين الصغار..؟!
مدّت سمر قطعة من البسكويت لزوجها:
- إنهم في غرفتهم يلعبون..
يهز محمد رأسه.. تتذكر سمر مشكلة ابنتها لمياء والتي حدثت صباح ذلك اليوم في المدرسة:
- جاءت لمياء باكية اليوم من المدرسة..
قطّب حاجبيه:
- لماذا؟
- ضربتها معلمة الرياضيات؛ لأنها نسيت قلم الرصاص..
غضب محمد:
- أنت أم مهملة.. لو كنت تولين ابنتك بعض الاهتمام لما ذهبت من دون القلم..!!
الانفجار غضباً.. والدفاع عن النفس.. هو التصرف التلقائي الذي يمكن أن تقوم به سمر دفاعاً عن نفسها..
ولكن هذا التصرف ذاته سيكون التصرف الخاطئ الذي لن يؤدي إلى حل المشكلة..أو بحثها بطريقة
صحيحة.. وعندها.. تبدأ السفينة بالتأرجح.. ويبدأ الشجار بين الزوجين في تبادل الاتهامات..
***
أهمية الحوار بين الزوجين
في الحوارات الزوجية والتي ربما تبدأ هادئة.. وربما تبدأ متفجرة!! قد يتحوّل الحوار إلى شجار، وربما
يتعدّى ذلك إلى العراك بالأيدي والضرب.. وربما إلى الطلاق أيضاً.. وتذكر الكاتبة "سهير الغالي" إحصاءات
مثيرة للاهتمام بخصوص الحوارات الزوجية فيقول: "لقد أصبح "الحوار" من أكثر المواضيع بحثاً؛ نظراً
لأهمية الحوار في عملية الاتصال والتواصل الإنساني ونجاح هذه العلاقات. كما اعتبر انعدام الحوار بين
الزوجين من الأسباب الأولى المباشرة المؤدية إلى الطلاق وفقاً لما ورد في دراسات عديدة، نذكر منها:
الدراسة الإحصائية التي أعدّتها "لجنة إصلاح ذات البين" في المحكمة الشرعية السنية في بيروت-لبنان
عام 2003 تبين فيها أن انعدام الحوار بين الزوجين هو السبب الرئيس الثالث المؤدي إلى الطلاق. وفي
دراسة علمية أعدها الباحث الاجتماعي علي محمد أبو داهش، والذي عمل (18) سنة في مكاتب الاجتماع
بالرياض والمتخصصة في حل المشكلات الاجتماعية وأهمها الطلاق، تحت إشراف مجموعة من الباحثين
الاجتماعيين، أوضح أن أهم أسباب الطلاق المبكر هو عدم النضج، وعدم التفاهم، وصمت الزوج. وأشار
أبو داهش إلى أن مشكلة انطواء الأزواج وصمتهم في المنزل أصبحت من القضايا التي تُخصّص لها
نقاشات في الندوات العالمية لما لها من تأثير سلبي على نفسية الزوجة والحياة الزوجية عامة. وفي
دراسة ثالثة (نُشرت في إحدى صفحات المواقع الإلكترونية) أُقيمت على نحو مائة سيدة، اخترن كعينة
عشوائية، بهدف الكشف عن أبرز المشكلات الزوجية التي تواجه أفراد العينة، تراوحت الإجابات بشكل عام
ما بين الصور التالية: بقاء الزوج فترة طويلة خارج المنزل، والاختلاف المستمر في الآراء ووجهات
النظر، ورغبة الزوج في الانعزال عن الآخرين أو الاختلاط في المجتمع المحيط، وانعدام الحوار!
وعندما طُرح في هذه الدراسة ما هو الأسلوب الأمثل لحلّ هذه المشكلات الزوجية، تبين أن ما يزيد على
(87%) من إجابات أفراد العينة يفضلن الحوار المباشر لحل أية مشكلات، وفسّرن ذلك بأنه أقصر الطرق
لحل أي خلاف ينشب. كما أشارت نسبة (4%) منهن أنهن يلجأن لوسائل أخرى لحل الخلافات الزوجية
أبرزها كتابة الرسائل المتبادلة التي توضح وجهة نظرهن في المشكلة المثارة".ا.هـ
ما الذي يستفزك؟!
في استطلاع أجريناه مع العديد من الأزواج والزوجات سألناهم عن التصرفات التي يقوم بها أحد الزوجين
أو كلاهما ليحول دفّة الحوار إلى معركة اتهامات وإهانات ومضاربات..
آراء الزوجات:
ترى أم. جوري أن الجمل التي تبتر المناقشات هي أكثر ما يزعجها كقوله "انتهى ..أغلقي الموضوع..لا
فائدة من النقاش..لن يتغير شيء!!"
وتعبر أم.سليمان عن رأيها فيما يستفزها أثناء مناقشة زوجها فتقول: "عندما يلقي أحد الطرفين اللوم على
الآخر.. عندما لا يعترف بخطئه.. التجاهل.. الصمت.. عدم الموافقة على المناقشة.. استعجال الآخر وإخفاء
الحقائق.. نعت الآخر بعدم الفهم.. الشتم.. تجاهل وجود المشكلة أساساً"
وتقول أم.محمد: أحياناً دعوى أن وضع هذه المشكلة أمر نهائي غير قابل للنقاش!!
وتعلق أم صهيب على الموضوع: من جهتي أن يتم النقاش أمام الأطفال.. أن يتخلّى الزوج عن الرحمة
والحنان خصوصاً إذا رأى دموع زوجته..
وترى أم أحمد أن من أكثر ما يستفزها في النقاشات الزوجية هو استخدام اليد بالإشارة إلى الطرف الآخر
بصيغة النفي لا يقوله.. أو الاستهتار أو التهديد.. وترى في ذلك مدعاة إلى ارتفاع الصوت دفاعاً عن
النفس معتبرة تلك الإشارات محاولة صريحة للاستفزاز..
وتقول أم إبراهيم: عدم احترام أحدهما للآخر.. إعطاء الموضوع أكبر من حجمه.. عدم المبالاة أثناء
المناقشة.. تلفظ أحدهما بالألفاظ السيئة..أن يعتبر أحدهما أن هذه المشكلة خاصة به وله فقط حق القرار..
عدم توفر الجو المناسب للمناقشة حيث الهدوء.. إظهار المشكلة للآخرين.. وهناك وصية مني بتقوى الله
والدعاء بإصلاح الأحوال..
وكذلك مها تعتبر أكثر التصرفات التي تثير الغضب بالنسبة للزوج كثرة اللوم من الزوج، ولو على أتفه
الأشياء، وكلمة "سأتزوج"، ولو كان مازحاً..
وتوافقها أم حازم الرأي بأن التهديد بالزواج من أساليب الاستفزاز في الحوارات.. بالإضافة إلى إهمال
رأي الطرف الآخر..
وأخيرا تدلي أم عبد الله بدلوها بأن جملة "أنت لا تعرفين شيئاً من الأساس"، وعدم الرد واللامبالاة في
الكلام من أسباب استفزاها في الحوارات الزوجية..
آراء الأزواج:
وفي الجانب الآخر من الموضوع يعبر الرجال أيضاً عن رأيهم بخصوص هذا الموضوع
فيقول أبو عبد الرحمن: أثناء رفع الزوجة صوتها على الزوج..
ويرى أبو فيصل أن ما يستفزه في الحوارات الزوجية هو طلب المرأة للطلاق عند اشتداد غضبها.. وكفر
العشير..
وأما أبو عبد الله فيرى أن من أهم ما يستفزه هو الجحود والنكران.. وكثرة تكرار الكلام الذي لا طائل من
ورائه.. وعدم الوضوح في التعامل.. واستخدام عبارات التهديد والعبارات الجارحة..
وأيضا يرى أبو(ص) أن رفع الزوجة لصوتها على زوجها من أهم التصرفات الاستفزازية في النقاشات..
***
وما الحل إذاً؟
إذاً.. ما الحل إذا كانت هذه هي المشكلة؟ هل يمكن لتجنب أحد الطرفين هذه التصرفات الاستفزازية أن يجعل
الحوار يسير هادئاً ويحقق الفائدة المرجوة منه؟ وماذا لو استمر الطرف الآخر في إهاناته واستفزازه؟
ست خطوات ذهبية لحوار هادئ ناجح بين الزوجين:
يذكر لنا الأستاذ جاسم المطوع ست نقاط ذهبية يمكن الاستفادة منها لإدارة حوار ناجح بين الزوجين كما يلي:
لكي يتهيأ الزوجان للمصارحة ندرج لهما ست خطوات باتباعها تصبح المصارحة بها سهلة ومقبولة:
1)التمييز بين الخطأ والإنسان:
إذا رسب أحد الأبناء في مادة الرياضيات مثلاً فلا يحق لأبيه أو أمه – أن يسبه في شخصه كأن يقول له:
إنك لا تفهم.. أو غشيم، فهنا يهاجم الشخص نفسه بتجريح وإهانة .. ولا يحاول تقويم الخطأ في نفسه، فهذا
يحدث أثراً عكسياً.
2) الموضوعية:
يجب على أحد الزوجين ألاّ يخلط بين ما حدث في الوقت الحاضر والزمن الماضي، كأن يحدث خطأ بسيط
من زوجته فينهال عليها لوماً، بأنها ومنذ زمن حدث كذا وكذا، وينسى أن ينصح للخطأ نفسه فقط.
3) اختيار الكلمات:
الأسلوب أو انتقاء الكلمات سلاح ذو حدين؛ فهو إما أن يزيد المشكلة اشتعالاً أو يقضي على الخلاف قبل
تفاقمه. إذن فالوضوح مطلوب وتجنب الغموض أيضاً مطلوب في المصارحة، فعلى الزوجين ألاّ يحوّرا
الكلمات، ولكن يحدّدان نطقهما فهو أجدى للمصارحة.
4) اختيار الأسلوب الهادئ المباشر:
الصوت مهم في المصارحة أي الأفضل أن يكون هادئاً؛ لأن ارتفاع الصوت يظهر الغضب، ويقطع الحوار،
وكذلك إشارات الأيدي بانفعال.
5) التجزئة في المصارحة:
كأن يجلس الزوجان معاً، فتسأل الزوجة عن عيوبها فلا يصارحها بجميعها مرة واحدة، ولكن الأفضل أن
تكون مجزّأة.
أي كل شهر يقول واحدة.. وهكذا حتى لا تكون صعبة.
6) اختيار الوقت المناسب:
أنسب وقت للمصارحة متى كان الطرفان هادئين.
وإذا كان أحدهما متوتراً .. فلن تكون هناك مصارحة بينهما.
نقلت لكم هذا المقال من موقع الإسلام اليوم
لـ هناء الحمراني