السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
استعمال النباتات الطبية قديم وعريق ِقدم الإنسان نفسه. وقد اتجه الإنسان الأول للنبات كمصدر للغذاء والدواء بحكم الفطرة والمشاهدة والتجربة وكما انزل الله الداء فقد انزل معه الدواء وجعله في متناول كلا من الإنسان والحيوان وقد قال أساتذتنا إن كل نبات علي وجه الأرض يعد نباتا طبيا ما لم يثبت العكس.
ولكن في حالة ثبوت فائدة طبية لنبات ما سواء بالوسائل العلمية الحديثة أو من خلال التراث الإنساني العريق أو من خلال التجربة والخطأ.. هل من الممكن أن نحصل علي الفائدة المرجوة من النبات الطبي تحت كل الظروف وفي كل زمان ومكان؟ الإجابة بكل بساطة ...لا ...!!
وللتدليل علي صحة الفرضية الذكورة آنفا كان علينا أن نستعرض النقاط التالية:
النبات الطبي .. متى ؟ وأين ؟ ولماذا ؟ وكيف ؟
النباتات الطبية سواء كانت برية أو مزروعة بواسطة الإنسان، فمن المعروف لكافة المتعاملين في هذا المجال أن أجزاء معينة من النبات هي التي تستخدم للعلاج بالإضافة إلي أن تركيز المادة الفعالة في جزء معين من النبات تختلف كما ونوعا علي مدار الساعة أو اليوم أو الشهر أو العام بل علي المرحلة المناسبة من عمر النبات.
وقد أوضحت الدراسات أن تركيز المادة الفعالة في البنات تختلف علي مدار ساعات اليوم
فمثلا
علي مدار اليوم والليلة:
1. نبات قفاز الثعلب Foxglove أو ما يعرف باسم Digitalis Digitalis purpurea
2. لوحظ أن النباتات التي تجمع بعد الظهر أو عصرا تحتوي علي كمية من الجليكوزيد اكبر مقارنة بالنباتات التي تجمع في الصباح.
3. أوراق الصفصاف Salix Salix subserrata
4. كمية الجليكوزيد في الأوراق تزداد أثناء فترة نشاط عملية البناء الضوئي ببنما يقل تركيزها بدرجة ملحوظة خلال فترة الليل.
5. أوراق النباتات التابعة للفصيلة الباذنجانية Solanaceous leaves
محتواها من القلويدات Alkaloids يكون أكثر ارتفاعا في الصباح عنة في المساء.
6. الريزومات والجذور المتشحمة والغنية بالمواد النشوية والهلامية لوحظ أن انسب وقت لجمعها هو فترة الصباح حيث يكون تركيز هذه المواد أعلي ما يمكن.
علي مدار العام:
1. نبات الراوند Rheum officinale لا يحتوي في فصل الشتاء علي مركبات الأنثراكينون Anthraquinones وبدلا من ذلك يحتوي علي الأنثرانول Anthranols حيث أن الأخيرة تتأكسد بحلول فصل الصيف وارتفاع الحرارة إلي انثراكينون.
2. اللحلاح أو الكولشيكم Colchicum Colchicum autuminale
3. تخلو جذوره أو درناته من أي اثر للمادة الفعالة Colchicin في فصل الخريف ويظهر ذلك من غياب المرارة فيها وحينها تكون غنية بالمواد النشوية أما في الربيع يصبح طعمها مر ويرتفع تركيز المادة الفعالة بها.
المرحلة العمرية للنبات:
1. أزهار السانتونيكا Artemisia cina تحتوي مادة Santonin أكثر في مرحلة ما قبل النضج ثم يقل تركيزها تدريجيا مع تفتح الأزهار.
2. أوراق نباتات الفصيلة الباذنجانية Solanaceous leaves تحتوي علي تركيز القلويدات أكثر عندما يكون النبات في مرحلة الإزهار الكامل.
3. نبات الخلة Ammi visnaga تحتوي الثمار علي مادة الخلين عندما تكون كاملة النمو.
4. نبات ست الحسن Atropa belladonna ينص دستور الأدوية المصري علي أن يتم جمع الأوراق عندما يكون النبات في مرحلة الإزهار التام.
جمع وتحضير النباتات الطبية
فيما يلي الأسس العامة والأوقات المناسبة لجمع النباتات الطبية اعتمادا علي نوعية الجزء المستخدم من النبات
• الأجزاء المطمورة في التربة الأبصال والدرنات والريزومات والجذور:
فصل الخريف هو انسب الأوقات لجني هذه الأجزاء بالنسبة للنباتات التي تكمل دورة حياتها في عام واحد حيث يكون تركيز المادة الفعالة أعلي ما يمكن عندما يتوقف نمو النبات.
وفي النباتات الثنائية يتم جمع هذه الأجزاء في خريف السنة الثانية.
أما في النباتات المعمرة فيجب ترك النبات عدة سنوات لتنموا أجزاءه مع عدم المبالغة في ذلك كي لا تتحول هذه الأجزاء إلي أعضاء خشبية
• القلف (Bark)
القلف هو قشور السيقان والجذور ويتم جمعها إما في الربيع عندما تبدأ الشجيرات والأشجار في التبرعم أو في الخريف بعد أن تنفض عنها الأوراق ففي هاتين الفترتين يكون جريان العصارة أكثر ما يمكن ويسهل نزع تلك القشور
ومثال علي النباتات التي تنزع قشور سوقها
القرفة أو الدار صيني Cinnamonum zeylanicum
ألكينا Cinchona spp.
أما النباتات التي تستعمل قشور جذورها فمثال عليها الرمان (جلنار) Punica granata
• الأوراق (Leaves)
يتم قطف الأوراق علي مدار فترة نمو النبات كلها لأن قطفها مرة واحدة فقط لا يعطي عقارا جيدا والأوراق الحديثة النضرة هي الأفضل لاحتوائها علي مقدار اكبر من المواد الفعالة.
ويجب جني الأوراق في وقت جاف من النهار.
ومن أمثلة النباتات التي تستخدم أوراقها:
الشاي Camellia sinensis
الصبر أو الصبار Aloe brabadensis
السنامكي Cassia actifolia
• الأزهار (Flowers)
الأزهار المتفتحة تماما أو التي فات أوان نضجها تكون غير مناسبة
وأفضل وقت لجني الأزهار قد يكون قبل تفتحها كما في
القرنفل Eugenia cariophyllata
الورد Rosa damascena
البرتقال Citrus aurantium
السانتونيكا Artemisia cina
وقد تجمع الأزهار المؤنثة فقط دون المذكرة كما في نبات
حشيشه الدينار (لم أعثر علي الاسم العلمي لها)
• البذور (Seeds)
تجني البذور في العادة بعد تمام نضجها
في بعض الأحيان يتم الجني قبل تمام النضج مثل:
بذور الخردل Brassica nigra
بذور الكتان (مسلج) Linum utitassimum
بذور اللحلاح Colchicum autuminale
• الثمار (Fruits)
تقطف الثمار بعد تمام نضجها ولكن في بعض الأحيان يجب أن تقطف بعض الأنواع قبل النضج بقليل حتى لا تسقط علي الأرض مثل ثمار العائلة الخيمية Umbelliferous fruits
إعداد النبات وطريقة تخزينه
تخزين النبات الطبي بطريقة غير صحيحة من حيث درجة الحرارة والرطوبة قد يفقده فعاليته أو علي الأقل يقلل منها بدرجة كبيرة وقد يؤدي إلي تزنخ ( أكسدة ) المواد الدهنيه أو الزيتية وتغير في الرائحة والفاعلية
لذا يجب التدقيق جيدا في طرق حفظ وتجفيف وتخزين النباتات الطبية
بل إن بعض طرق التخزين الغير جيدة يمكن أن تتسبب ينموا بعض أنواع الفطريات والكائنات الدقيقة مثل البكتريا الطحالب والديدان والحشرات الصغيرة مثل العته والسوس الصغيرة التي قد يكون لها أو لإفرازاتها تأثيرات قاتلة علي مستعمل هذا النبات المخزن بطريقه سيئة ومثال علي هذه الملوثات السامة مادة الافلاتوكسين Aflatoxin
كما أن بعض النباتات الطبية لا تتكون فيها المادة الفعالة إلا بعد عملية معينة من التخمر أو التجهيز مثل:
ثمار الفانيليا Vanilla Vanilla planifolia يجب إخضاعها لعملية تخمر وتجفيف بطيء علي مدي عدة أسابيع تتحول الثمار خلالها من اللون الأصفر المائل للبني إلي اللون الأسود تقريبا الذي يحتوي علي مادة الفانيللين Vanillin
طرق حفظ النباتات الطبية
جميع الطرق المتبعة في حفظ النباتات الطبية تهدف إلي وقف عمل الأنزيمات الموجودة بخلايا النبات بهدف وقف التحولات الكيميائية في النبات وتتلخص هذه الطرق في الأتي:
1. التجفيف:
وهناك أنواع مختلفة للتجفيف مثل:
• التجفيف في الهواء تحت أشعة الشمس: لا ينصح باستعماله مع الأزهار الملونة والنباتات العطرية
• التجفيف في الهواء في الظل: يتم في غرف خاصة مزودة بفتحات تهوية كبيرة وتعلق النباتات فيها علي شكل عناقيد أو تفرش علي أسطح كبيرة
• التجفيف بالهواء الساخن الجاف: يتم من خلال أفران خاصة أو أنفاق تسخين حيث يوجد عند أحد طرفي النفق مصدر حراري وفي الطرف الآخر جهاز تهوية منتظم ويتم تسيير عربات خاصة في النفق عليها النباتات وتضبط سرعة العربة ودرجة الحرارة طبقا لطبيعة النبات.
• التجفيد: تجميد الماء داخل خلايا النبات بتعريضه لدرجة حرارة 30-80 تحت الصفر المئوي (يتم انجاز العملية بسرعة) ثم يتم رفع درجة الحرارة تدريجيا بعد تفريغ الهواء فيتسامي الجليد إلي بخار المار مباشرة دون المرور بالمرحلة السائلة
وهذه العملية مكلفة
2. التثبيت بأبخرة الكحول:
طرقة تجهيز الجرعة العلاجية من النبات
الطريقة التي يحضر بها الدواء من النبات الطبي لها دخل كبير في تحيد فعاليته فتجد مثلا
الكركديه Hibiscus sabdarrifa ويعرف أيضا بالشاي الهندي أو المصري أو السوداني تستخدم كئوس الأزهار ( بتلات النبات) كمشروب مخفض لضغط الدم المرتفع ويتأتي هذا الأثر الطبي فقط للمنقوع البارد أما التسخين أو الغليان فيفقده هذه الخاصية العلاجية
غش النباتات الطبية
والغش يكون نوعين:
النوع الأول غير مقصود أو ناتج عن إهمال وذلك بإدخال أجزاء من النباتات لا تحتوي علي المادة الفعالة او تكون فقيرة في محتواها مع الجزء الأساسي المفروض استعماله من النبات من النبات.
النوع الثاني يكون مقصودا ومتعمدا ويتم في النباتات النادرة أو الغالية الثمن
ويكون الغش شائعا في النباتات المطحونة أكثر منة في تلك التي يكون فيها النبات بشكله الأصلي سواء كان طازجا أو مجففا
الجرعة العلاجية ومدة العلاج
اختلاف أسماء النباتات من بلد إلي آخر
يتم تصنيف النباتات علميا بناء علي الأسس التي وضعها أستاذ الطب والنبات السويدي كارلوس لينوس Carlos Linnoelus 1741 – 1778 G وعندما تجد بجانب الاسم العلمي بادئه بين قوسين :
( Linn) فهي نسبة لهذا العالم تم إدخال بعض التعديلات الطفيفة علي تقسيماته.
وقد تم تصنيف النباتات إلي مجموعات أصغر للدلالة علي الفروق الطفيفة بينها وهذه المجموعات عي:
• العائلات Families وهي مجموعة أجناس متقاربة
• الأجناس Genus وهي مجموعة أنواع متقاربة يشار لها بالاسم اللاتيني الأول
• الأنواع Species وهي أكثر تقاربا من السابقة يشار لها بالاسم اللاتيني الثاني
وهناك تقسيمات أكثر دقة من ذلك وهي في المهجنات بين أنواع متقاربة.
أسس المعالجة بالنباتات الطبية
تعتمد المعلومات التي بين أيدينا عن النباتات الطبية علي ثلاث مصادر هي:
• التراث الشعبي وهو رغم ثراؤه ووفرته واعتماده علي ملاحظات وتجارب دقيقة وشواهد تناسبت مع التقنيات المتاحة حينها إلا إنها تحتاج إلي إعادة بحث وتوثيق بما يتفق مع الأسس العلمية المتبعة في عصرنا الحديث.
• الممارسات الميدانية التي يقوم بها الأطباء الميدانيون المهتمون بطب الأعشاب.
• الدراسات والأبحاث الحديثة التي تقوم بها بعض البلدان والهيئات العلمية.
وعند التعامل مع النباتات الطبية هناك بعض الملاحظات يجب أخذها في الاعتبار:
1. توجد بعض النباتات الطبية ذات تأثيرات سامة بدرجات متفاوتة
2. الأعشاب المدرة والمسهلة والمطمثة لا تعطي للحوامل.
3. أبدأ العلاج بجرعات قليلة لاكتشاف احتمال وجود تحسس أو أعراض غير مستحبة
4. الأشخاص الهزيلون والضعفاء وكبار السن جدا يعطون جرعات اقل من غيرهم
5. الجرعة العشبية المأمونة للأطفال تحسب كالأتي ( حسب الموسوعة الصحية الأمريكية):
= ( وزن الطفل / 150 ) X جرعة الشخص البالغ
6. استعمال الأعشاب القابضة لفترة طويلة قد يؤثر علي امتصاص الحديد والكالسيوم
7. جميع الأعشاب المنقية للدم تؤخذ علي معدة فارغة
8. الأعشاب المسهلة يبدأ تأثيرها بين 4 ساعات إلي 72 ساعة حسب حالة المريض
9. الأعشاب الطبية التي ليس لها دراسات علمية حديثة تثبت فعاليتها يجب أن تستعمل بحذر ولا تزيد فترة استعمالها عن 4 أسابيع.
كيف تعمل النباتات الطبية
أثبتت الأبحاث الحديثة أن هناك اختلاف بين استعمال النبات الطبي بحالته الطبيعية وبين استعمال المادة الفعالة المعزولة منه. فالنبات الطبيعي قد أوجد الله فيه المادة الفعالة مع مواد أخري قد تعضض من مفعولها أو تخفف من الآثار الجانبية لها.
ألأدوية النباتية والأدوية الكيمائية
إذا تم استخدام النباتات الطبية في ضوء الضوابط والقيود المذكورة آنفا هل يمكن أن يتفوق العلاج العشبي علي الأدوية المخلقة في المعامل ؟..منقووووووووووووووول للفائدة