بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رحلــــــــة إلى الـــــــــــدار الآخـــــــــــــــرة
أنزلوك في القبــــر وحيــــــــــــــداً فريــــــــــــــداً
لا أم تقيم معك
لا أب يرافقك
لا أخ يؤانسك
وهناك يحس المرء بدار غريبة ومنازل رهيبة عجيبة ، وفي لحظة واحدة ينتقل العبد من دار الهوان الى دار النعيم المقيم ،،
نعم .. في لحظة واحدة ينتقل العبد من ضيق الدنيا الى سعة الآخرة ومن جوار الأشرار الى جوار الواحد القهار،،
لقد طويت صفحات الغرور وبدا للعبد ما في القبور
مضت الملهيات والمغريات ،، وبقيت التبعات
فلا إله إلا الله،، يا لها من ساعة تطوى فيها صحيفتك
إما على الحسنات أو على السيئات
وهناك تتألّم بقلب متقطع من الألم والحسرة على أيام غفلت فيها كثيراً عن الله واليوم الآخر فهاهي الدنيا بما فيها قد انتهت وانقضت أيامها ولياليها سريعاً، وها أنت تستقبل معالم الجد أمام عينيك، وتسلم روحك لباريها وتنتقل الى الآخرة بما فيها
وفي لحظة واحدة أصبحت كأن لم تكُ شيئا مذكوراً
فلا اله الا الله، يا لها من ساعة نزلت فيها أول منازل الآخرة، واستقبلت الحياة الجديدة،
فإما عيشة سعيدة او عيشة نكيدة
فياليت شعري ماحال أهل القبور؟
كم من قبور في كهوف مظلمة وفي أماكن موحشة ملئت على أهلها أنواراً وسروراًُ
وكم من قبور حولها الأنوار مضيئة والناس يسرحون ويمرحون، وفيها الجحيم والعذاب المقيم ؟
ولمّا ضمت القبور أهلها ، وانطوت بمن حل فيها، نادى مناد الله تعالى عليها لتخرج إلى اللقاء الموعود واليوم المشهود الذي تتبدل فيه الأرض غير الأرض والسموات ،
وبرزوا لله الواحد القهار !!!!!
يوم لا يغني مولى عن مولى شيئاً ولاهم ينصرون
وصاح الصائح بصيحة ففزعت الأسماع والآذان، فخرجت من تلك الأجداث وتلك القبور حفاة، عراة، غرلاً ، فلا انساب ، ولا أحساب ، ولا جاه، ولا مال،،،،
إنه اليوم الذي يجمع الله فيه الأولين والآخرين،،
إنه اليوم الذي تنتهي عنده الأيـــــــــام،،
إنه اليوم الذي تتبدد عنده الأوهام والأحلام،،
إنه اليوم الذي تجتمع فيه الخصوم ، وينصف فيه الظالم والمظلوم،،
إنه اليوم الذي تنشر فيه الدواوين وتنصب فيه الموازين،،
أيها الأخ المسلم
تصور نفسك وأنت واقف مع الخلائق الذين لا يعلم عددهم إلا الله عز وجل، إذ نودي باسمك على رؤوس الخلائق مع الأولين والآخرين،،
أين فلان بن فلان ؟؟؟؟ هلم إلى العرض على الله،،
فقمت ترتعد فرائصك وتضظرب رجلاك وجميع جوارحك وقلبك من شدة الخوف وانهيار أعصابك وقواك،، قد تغير لونك وحل بك من الغم والاضطراب والقلق مالله به عليم،،
وتصور وقوفك بين يدي بديع السموات والارض وقلبك مملوء من الرعب جِل،،
وطرفك خائف خاشع ذليل،، قد أمسكت صحيفة عملك بيدك فيها الدقيق الجليل فقرأتها بلسان كليل،، وقلب منكسر،، وداخلك الخجل والحياء من الله الذي لم يزل اليك محسناً وعليك ساترا
فبــــــــــــــــــــــــــــــــالله عليك ؟؟
بأي لسان تجيبه حين يسألك عن قبيح عملك وعظيم جرمك ؟؟ وبأي قدم تقف غداً بين يديه؟؟
وبأي طرف تنظر اليه ؟؟ وبأي قلب تحتمل كلامه العظيم الجليل ومساءلته وتوبيخه
أيها الاخ المبارك
ماذا تقول ؟ إذا قيل لك:
ياعبدي ما أجللتني؟
أما استحيت مني ؟
أستخففت بنظري اليك ؟
ألم أحسن اليك ؟؟
ألم أنعم اليك ؟
مـــــــــــاغرك بي ؟
شبابك فيم أبليته ؟
وعمرك فيم أفنيته ؟
ومالك من أين اكتسبته ؟ وفيم أنفقته ؟
وعلمك ماذا عملت به ؟
أيها العبد الضعيف
تذكر الصراط .. الجسر المنصوب على متن جهنم وقد حل بك من الفزع بفؤادك لما رأيته وعاينت دقته ثم وقع بصرك على سواد جهنم من تحته ثم قرع سمعك شهيق النار وتغيظها وقد كلفت أن تمشي على الصراط مع ضعف حالك واضطراب قلبك وتزلزل قدمك وثقل ظهرك بالأوزار المانعة لك من المشي على بساط الأرض فضلاً عن حدة الصراط !!!
فكيف بك إذا وضعت عليه إحدى رجليك فأحسست بحدته واضطررت أن ترفع قدمك الثاني والخلائق بين يديك يزلون ويعثرون وتتناولهم زبانية النار بالخطاطيف والكلاليب وأنت تنظر اليهم كيف ينكّسون إلى جهة النار رؤوسهم وتعلو أرجلهم فيا له من منظر ما أفظعه ومرتقى ما أصعبه ومجاز ما اضيقه ؟؟؟
إخوتي أفيقو من رقادكم وبادروا بالتوبة إلى ربكم،، فأنتم في نعمة كبيرة،،
يا من تقرأ كلماتي إنك لازلت على وجه الارض فأنت تستطيع ان تتوب وترجع الى الله،، فهو غفور رحيم رؤوف بالعباد وهو الذي يقبل التوبة عن عبادة ويعفو عن السيئا
( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم)
أسال الله العلي القدير أن يمنّ علينا بتوبة نصوحا، ويحفظني وإياكم من شرور أنفسنا،، ويهدينا سواء السبيل،،
والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه أحمعين.