الضبيبان: القنوات العربية تحاول جذب المشاهدين دون أي اعتبار للمضمون ..
والطحلاوي: الفضائيات لا تراعي حالات الألم والذل التي يعيشها العرب والمسلمون ..
جاء شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ليكون للناس بياناً من الهدى والفرقان، هذا ما يعرفه ويردده كل الناس عن هذا الشهر، بينما عدد كبير منهم يقولون ما لا يفعلون، لأن ما يفعلونه ويجتهدون في متابعته واللحاق به هو مشاهدة أكبر قدر ممكن من حلقات المسلسلات التلفزيونية الحصرية ولقطات من الكاميرا الخفية والسهر تحت التلفزيون للتواجد داخل الخيمة الرمضانية التي اكتظت بالفوانيس، ومن هنا فإن كثير من القنوات الفضائية تذهب في رسالتها إلى الجهة الأخرى إلى ما يتنافى مع القيم الإسلامية والعادات العربية الأصيلة التي تدعو إلى ما يدعو إليه الإسلام، ليكون الهدف الرمضاني هو عرض الأفلام والمسلسلات الفكاهية وحفلات الضحك والرقص من وسط الخيم الرمضانية.
حول هذا الموضوع يقول الدكتور أحمد الضبيبان مدير عام الإعلام في الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي على أن التعميم أصبح اليوم متعذراً على كافة القنوات العربية؛ بسبب التفاوت الكبير بين طبيعة مضامين البرامج بينها، فالقنوات الجادة يتوقع منها في رمضان برامج على ذات النسق إن لم يكن أكثر جدية، والقنوات العبثية تستعد لرمضان ببرامج لن تخرج عن إطارها العبثي إن لم يكن أكثر عبثية، فالمحصلة النهائية (إن زكاة الفطر من قوت البلد) فالقنوات التي تخصصت في تقديم الغذاء الصحي طيلة العام ستخرج زكاتها من طعام طيب والعكس صحيح.
ويشير الضبيبان إلى أن فضل رمضان وردت فيه نصوص لا تقبل التأويل، وهذه النصوص أضفت على شهر رمضان أسماء وصفات عدة منها شهر القرآن، شهر الصيام والقيام والصدقات والعطف على الفقراء، وبتقييم مباشر لما يعرض في القنوات الفضائية ومدى تصنيفه تحت أي من الصفات الشرعية التي وصفت هذا الشهر الكريم، سيتبين لنا مدى موافقة هذه البرامج لطبيعة الشهر من عدمه، ويقول الضبيبان فيما نعرفه من نصوص ومن أقوال أهل العلم لم نسمع بأن شهر رمضان شهر المسلسلات أو شهر الفوازير أو شهر الخيم الرمضانية.
وعن طبيعة القنوات الفضائية يقول الضبيبان: لا نتوقع منها أن تنفصل تماماً عن مسيرتها طوال العام إن كانت مسيرة عبثية، لتنقلب بلا مقدمات إلى قناة جادة، ثم تعود بعد ذلك إلى عبثها، فالله سبحانه وتعالى هو رب رمضان وهو رب بقية الشهور، وما يجب أن تكون عليه القنوات في رمضان هو ما يجب أن يكون عليه المسلم الذي يعبد الله على بصيرة طوال العام، فإذا دخل رمضان شمر بجد واستزاد من الخيرات؛ لأن شهر رمضان شهر تضاعف فيه الحسنات وهو محطة يتزود بها المسلم، لتعينه بأن يعبد ربه حتى يأتيه اليقين، والقنوات تتعامل مع هذا الشهر بأنه شهر كريم يمثل لها فرصة لمضاعفة الواردات الإعلانية فتبذل وسعها في عرض البرامج تجذب أكبر عدد من المشاهد دون أي اعتبار لطبيعة المضمون، وهل هو من التزود بالصالحات، أم التزود بالأخرى؟ وهي أقرب، لأن الجمهور (عاوز كذا).
ويضيف الضبيبان: من هنا نرى التركيز على برامج الترفيه إما لأنها هي التي تستهوي عامة المشاهدين أو لأن البعض يعتقد أن المسلم قد أمضى نهاره بالصوم فأصبح لزاماً الترفيه عنه ببرامج قد تذهب حلاوة الصيام التي تذوقها نهاراً.
ويرى الضبيبان أن الجمهور المستهدف في رمضان عادة في البرامج الترفيهية هو الأسرة بوجه عام باعتبار أن ليالي رمضان تمثل فرصة لاجتماع أفراد الأسرة خاصة وقت الإفطار، وهناك برامج تستهدف الشباب من الجنسين تقدم في أوقات متأخرة ليلاً؛ لأن ليال رمضان تشهد ظاهرة السهر حتى لمن هو مرتبط بعمل أو دراسة، وهذه ظاهرة سلبية أخرى تحتاج إلى وقفة خاصة ليس هنا مجالها. ويرى أيضاً أن المفهوم الخاطئ لتعامل القنوات مع رمضان يمثل جزءاً من المفهوم العام الخاطئ، فرمضان لدى الكثير منا يمثل شهر تنوع الموائد وشهر الكسل نهاراً واللهو ليلاً، وهذه القنوات جزء من هذاً المجتمع مما يؤكد مجدداً أن زكاة الفطر من قوت البلد.
وتنبه الباحثة والكاتبة لبنى وجدي الطحلاوي في رأيها بأن الإعلام الفضائي العربي يجب أن يبرز ويركز على الجانب الديني والأخلاقي أكثر من تركيزه على الجانب الترفيهي، وليكون شهر رمضان بعيداً عن التشويه للإسلام، ولتظهر الصورة النقية والحقيقية للإسلام والمسلمين في العالم في أصدق تعبير وفي أنقى صورة، وخاصة في الوقت الذي يكون فيه أكثر من مليار وثلاثمائة مليون مسلم في العالم يستقبلون هذا الشهر فيقومون فيه بكل ما يقربهم من الله لتزداد قلوبهم خشوعاً ونفوسهم صفاءً ومودة ورحمة، وهذه هي الصورة النقية لكل مسلم.
وتضيف الطحلاوي بأن المسلمين اليوم يستقبلون رمضان بقلوب مثقلة بالهموم ومليئة بالألم والذل أحياناً فطبول الحرب لم تتوقف بعد، وأصبح الإسلام والمسلمين عرضة لمشاريع التقسيم والتنبؤات الشريرة، وفي فلسطين ما زال الإرهاب الإسرائيلي يدك الأراضي الفلسطينية المحتلة أمام عالم أصبح شاهداً متواطئاً لا يحرك ساكناً، فلا بد من القائمين على الفضائيات العربية ومسؤولي البرامج المعدة لرمضان من مراعاة هذه الحالات مع دخول هذا الشهر الفضيل، والحرص على خلق روح إسلامية تقيم شعائر الدين وتتمسك بخلق الإسلام، وإن العالم الإسلامي والعربي اليوم مع قدوم شهر الصيام والقيام بأمس الحاجة إلى مظاهر الوحدة والاتفاق من الأقوال والأفعال لزرع الألفة والمودة بين أبناء الدين الواحد واللغة الواحدة، ولا بد من مراجعة الكثير من الأخطاء والسلوكيات والمواقف السياسية والاقتصادية والثقافية من أجل نصرة ديننا الإسلام أولاً، ومن أجل كبح جماح القوى المتغطرسة ثانياً.
ويوصي بعض المشاهدين بضرورة مراقبة البرامج التي تعرض في الفضائيات العربية بجدية؛ لأن البرامج والتي غالبها سطحي يغيب عنها المضمون التربوي أو التوعوي والتوجيهي تؤثر سلباً على أفراد المجتمع، وإذا نظرنا إلى أصلها نجدها مخالفة للشرع أو العادات الصحيحة، وفي نفس الوقت تكرس المفاهيم والتوجيهات الخاطئة، بغض النظر عن هدر الوقت الثمين لا سيما في شهر العبادة.
ويذهب عبدالله (موظف) في رأيه إلى أن الفضائيات العربية لا تراعي حرمة شهر رمضان، من بداية العروض الدعائية التي تخاطب الجسد إلى استفزاز المشاعر الإنسانية الصافية أثناء عرض الأفلام الأجنبية أو المسلسلات التي تخلو من أي رسالة وتمتلئ بالمظاهر الساقطة، وهذا يتنافى مع معايشة حالات الألم ومعاناة الشعب العراقي أو الفلسطيني أو الأقليات المسلمة الضعيفة التي تستقبل رمضان وهي في أهون الحال في أي مكان في العالم.
ويأمل سالم الثويني (طالب جامعي) أن يكون الهدف في إعداد البرامج المخصصة لرمضان في الفضائيات العربية أكبر بكثير في المضمون والرسالة
نقله لكم أخوكم في الله أبو الزبير
تاريخ النشر : 12/09/1426هـ