البداية العظيمة للقـاء الله تعالى
اليوم موعدنـا مع البداية العظيمة للقـاء الله تعالى، التي ستنقلك من حالٍ إلى حـال ومن عالم إلى عالم آخر، إنهـا تكبيـرة الإحرام.
واعلم إنه لا يوجد أي ألفـاظ تُقال قبل تكبيـرة الإحرام ولا تلفُّظ بالنيـة، فلا يجوز أن تقول ألفـاظ مثل: "اللهم أحسن وقوفنا بين يديك" أو "نويت أن أصلي صلاة كذا".
فنحن لا نتبع سوى صلاة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الذي قال: «صلوا كما رأيتموني أصلي» [متفق عليه]، وقال تعالى: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21]، فلا يجوز أن نزيد على صلاته شيئًا أو ننقُص.
ولمـاذا نبدأ الصلاة بالتكبيــر دون غيــره؟
لأن التكبيـر يستحضر القلب، فإذا ذكَّر العبد نفسه بأن الله عز وجلَّ أكبر من كل ما سواه، فلن يُفكِّر في أي شيء سوى الله تعالى.
والله أكبـر تعني: أن الله تعالى أكبر وأولى وأعظم مما تُفكِّر فيه من الدنيـا، ومن كبريائه سبحـانه، أن العبادات الصادرة إليه من أهل السموات والأرض مقصودها تكبيره وتعظيمه.
فالتكبيـــر هو شعار العبادات العظيمة، كالصـلاة والآذان والحج وتكبيـرات العيدين، قال تعالى: {... وَلِتُكَبِّرُوا اللَّـهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 185].
وهو بدايـة للقــاء الرحمن جلَّ جلاله، فالله أكبر من همومك وجميع ما يشغل بالك، إن خِفت ظالمًا فالله أكبر، وإن نازعتك الدنيا فالله منها أكبر.
الله أكبـر إلى أن يخلو قلبك من كل شيء سوى ربـك الأكبـر، ولهذا جُعِّل التكبير تذكيرًا لك في كل موضع من مواضع الصلاة، لكي لا تسهو، الله أكبر عند الركوع، الله أكبر عند النزول للسجود، وبين السجدتين، وحين الرفع من السجود.
صفة رفع اليـد في التكبيـر:
كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرفع يديه ممدودة الأصابع لا يُفرِّج بينها ولا يضمها ضمًا شديدًا، وتارة يرفع مع التكبير وتارة بعد التكبير وتارة قبله، وكان يرفعهما حذو منكبيه، ولربما رفعهما حتى يُحاذي بهما فروع أذنيه.
فعليك أن تنوِّع بين جميع الصفـات الواردة، لأن التنويع بين الصفات الواردة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سُيعطيك دفعة قوية للخشـوع، إنما إن التزمت بصفة واحدة على الدوام، فإنك سوف تؤديها بصفة روتينية، وليس المطلوب منك مجرد تحريك عضلاتك بشكل آلي في الصلاة!!
فسبحان الحكيم الذي علَّم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكثر من صفة لصلاته، لكي تتمتع أمته بأكبر قدر من الخشوع واللذة، كما إن التنويع يجعلك تقوم بإحيـاء سُنة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين الناس، فيكون لك عظيم الأجر بإذن الله، فقد قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من أحيا سنة من سنتي فعمل بها الناس كان له مثل أجر من عمل بها لا ينقص من أجورهم شيئا» [رواه ابن ماجه وحسنه الألباني].
منقول---