نسبها:
هي السيدة مارية بنت شمعون القبطية، الجارية المفضلة وصاحبة المكانة العالية لدى المقوقس ملك الدولة البيزنطية في مصر، كانت تعيش لديه في عز ورخاء، حتى أهداها الملك عن طيب خاطر وإيثار للنبي محمد الكريم.
زواجها من النبي صلى الله عليه وسلم:
بعد أن فتح الرسول صلى الله عليه وسلم مكة، ودخل أغلب أهل قريش في الإسلام، اضطلع نبي الله بمهمة أكثر خطورة، وهي دعوة العالم الخارجي للنور الحق، ومفارقة ما عدا الإسلام من أديان شركية.
ومن ضمن البلاد التي أرسل إليها الرسول صلى الله عليه وسلم، ليدعوا أهلها للدخول في الإسلام، مصر، وقد استقبل ملك مصر وفد الرسول بالترحاب، وحملهم بالهدايا النفيسة لرسول الله، ومن بين هذه الهدايا، كانت جارية الملك المفضلة مارية، وأختها سيرين.
وبينما تحملهما القافلة العائدة إلى رسول الله، كانتا تشعران بالحزن لمفارقة الأهل والأحباب، والخوف من مستقبل غامض، لا تدري إحداهما ماذا يحمل لهما من خير أو شر!
وفرح رسول الله بهدايا ملك مصر، وعندما لمح الخوف في عيون الجاريتين، عرض الزواج على مارية، ليطمئن قلبيهما ويسكن روعهما، فرحت مارية بهذه الفرصة العظيمة، لما سمعته عن رحمة النبي الكريم وعلو شأنها في الدنيا والآخرة.
أما أختها سيرين فقد تزوجها شاعر الرسول والإسلام، الصحابي الجليل حسان بن ثابت، بعد أن من الله سبحانه وتعالى عليها بالإسلام .
وعاشت السيدة مارية في هناءة وسعادة مع رسول الله، وبعد مرور نحو العام، أنجبت له ابنا، ففرح به الرسول أيما فرح، لأنه كان قد قارب الستين من عمره، ولم يبق له من أبنائه إلا السيدة فاطمة الزهراء.
وكان الطفل جميلا مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسماه الرسول إبراهيم على اسم سيدنا إبراهيم الخليل، لكن الله سبحانه وتعالى لم يقدر له أن يعيش طويلا، فقُبض قبل أن يكمل عامه الثاني، مما فطر قلب نبي الله وأحزنه على ولده، وأسال دموعه الشريفة على خديه، لكنه صبر واحتسب الثواب عند خالقه.
صفاتها وأخلاقها:
كانت السيدة مارية بيضاء، جميلة الملامح، حتى إن السيدة عائشة كانت تغار منها، وترقب عن كثب كيف يهتم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد قالت عنها السيدة عائشة رضي الله عنها:"ما غرت على امرأة إلا دون ما غرت على مارية، وذلك أنها كانت جميلة جعدة -أو دعجة- فأعجب بها رسول الله، وكان أنزلها أول ما قدم بها في بيتٍ لحارثة بن النعمان، فكانت جارتنا، فكان عامة الليل والنهار عندها، حتى فرغنا لها، فجزعت فحولها إلى العالية، وكان يختلف إليها هناك، فكان ذلك أشد علينا".
وللسيدة مارية رضي الله عنها، مكانة كبيرة في آيات القرآن الكريم، وفي أحداث السيرة النبوية، حيث نزل الله عز وجل صدر سورة التحريم بسببها، وقد أوردها العلماء والفقهاء والمحدثون والمفسرون في أحاديثهم.
وفاتها:
عاشت السيدة مارية رضي الله عنها، زمنا بعد وفاة النبي الكريم، وتوفيت في السنة السادسة عشر بعد الهجرة، في خلافة عمر بن الخطاب، الذي صلى عليها مع جمع من الصحابة الأجلاء، ودفنت في البقيع إلى جانب أمهات المؤمنين وإلى جانب ابنها إبراهيم.
منقول