السعي إلى التطوير والارتقاء
تجلس مع بعض الناس وعمره عشرون سنة فترى له أسلوباً ومنطقاً وفكراً معيناً، ثم تجلس معه وعمره ثلاثون فإذا قدراته هي هيَ لم يتطور فيه شيء، بينما تجلس مع آخرين فتجدهم يستفيدون من حياتهم تجده كل يوم متطوراً عن اليوم الذي قبله بل ما تمر ساعة إلا ارتفع بها ديناً أو دنيا.
إذا أردت أن تعرف أنواع الناس في ذلك فتعال نتأمل في أحوالهم واهتماماتهم.
القنوات الفضائية مثلاً: من الناس من يتابع ما ينمي فكره المعرفي ويطور ذكاءه ويستفيد من خبرات الآخرين من خلال متابعة الحوارات الهادفة؛ يكتسب منها مهارات رائعة في النقاش واللغة والفهم، وسرعة البديهة، والقدرة على المناظرة وأساليب الإقناع.
ومن الناس من لا يكاد يفوته مسلسل يحكي قصة حب فاشلة أو مسرحية عاطفية أو فيلم خيالي مرعب أو أفلام لقصص افتراضية تافهة لا حقيقة لها.
تعال بالله عليك وانظر إلى حال الأول وحال الثاني بعد خمس سنوات أو عشر أيهما سيكون أكثر تطوراً في مهاراته؟ في القدرة على الاستيعاب، في سعة الثقافة، في القدرة على الإقناع، في أسلوب التعامل مع الأحداث.
لا شك أنه الأول، بل تجد أسلوب الأول مختلفاً فاستشهاداته بنصوص شرعية أو أرقام وحقائق.
أما الثاني فاسشهاداته بأقوال الممثلين والمغنين حتى قال أحدهم يوماً في معرض كلامه والله يقول: " اِسْعَ يا عبدي وأنا أسعى معاك " فنبهناه إلى أن هذه ليست آية فتغير وجهه وسكت.
ثم تأملت العبارة فإذا الذي ذكره هو مثل مصري انطبع في ذهنه من إحدى المسلسلات. نعم.. كل إناء بما فيه ينضح.
بل تعال إلى جانب آخر في قراءة الصحف والمجلات كم هم أولئك الذين يهتمون بقراءة الأخبار المفيدة والمعلومات النافعة التي تساعد على تطوير الذات وتنمية المهارات وزيادة المعارف بينما كم الذين لا يكادون يلتفتون إلى غير الصفحات الرياضية والفنية؟!.
حتى صارت الجرائد تتنافس في تكثير الصفحات الرياضية والفنية على حساب غيرها قل مثل ذلك في مجالسنا التي نجلسها وأوقاتنا التي نصرفها فأنت إذا أردت أن تكون رأساً لا ذيلاً احرص على تتبع المهارات أينما كانت ودرِّب نفسك عليها.
بقلم الشيخ الدكتور : محمد العريفي
ياله من دين