كان هناك رجل يعيش مع زوجته عيشة هنيئة لا يكدرها شيء .
وفي يوم من الأيام جاءت حية ودخلت المنزل ، وعندما رآها الرجل ، أمسك بذنبها من أجل قتلها فانثنت عليه الحية ، ونهشت يده ، فأنشلت يده .
ومضى على ذلك زمان طويل ، فشلت اليد الأخرى ، لغير سبب يعرفه ، ثم جفت رجلاه ، ثم عمي ، ثم أصبح أخرساً .
وبقي على تلك الحال ـ ملقى ـ سنة كامله ، لم تبق له جارحة صحيحة ، إلا سمعه ، يسمع به ما يكره ؟ ، وهو طريح على فراشه ، لا يستطيع على الحركة ولا الكلام ، حتى أنه يقول :
وكنت أسقى وأنا ريان وأترك وأنا عطشان ، وأهمل وأنا جائع ،
وأطعمُ وأنا شبعان . فلما كان بعد سنة ، دخلت امرأة إلى زوجتي ، فقالت : كيف أبو علي ، فقالت لها زوجتي : لا حي فيرجيى ، ولا ميت فيسلى .
فأقلقني ذلك ، وآلمني ألماً شديداً ، وبكيت أشد البكاء ، ورغبت إلى الله عز وجل في سري بالدعاء .
وكنت في جميع تلك العلل والأمراض لا أجد ألماً في جسمي ،فلما كان في بقية ذلك اليوم ، ضرب على جسمي ضرباً عظيماً كاد يقتلني ، ولم أزل على تلك الحال ، إلى أن دخل الليل وانتصف ، فسكن الألم قليلاً . فنتمت .
فما أحسست إلا وقد انتبهت وقت السحر ، وإحدى يديّ على صدري ، وقد كانت طول هذه المدة مطروحة على الفراش ( لا تنشال أو تشال ) . أي لا تتحرك .
ثم وقع في قلبي أن أن أتعاطى تحريكها ، فحركتها ، فتحركت ، ففرحت بذلك فرحاً شديداً ، وقوى طمعي في تفضل الله عز وجل عليّ بالعافية ، فحركت الأخرى فتحركت ، فقبضت أحدى رجليّ فانقبضت ، فرددتها فرجعت ، ففعلت ذلك مراراً ثم انقلبت من غير أن يقلبني أحد ، كما كان يفعل بي أولاً . فانقلبت بنفسي ، وجلست ، ونهضت للقيام فأمكنني الله ذلك ، فقمت ونزلت عن السرير الذي كنت مطروحاً عليه .
فمشيت ألتمس الحائط في لظلمة ، لأنه لم يكون هناك سراج ، إلى أن وقعت على الباب ، وأنا أطمع في بصري .
فخرجت من البيت إلى صحن الدار ، فرأيت السماء والكواكب تزهو ، فكدت أموت فرحاً ، وأنطلق لساني بأن قلت : يا قديم الإحسان لك الحمد .
وهذا كله بفضل الله سبحانه وتعالى