قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : أُهديت فاطمة ليلة أهديت إليّ وما تحتنا إلا جلد كبش .
قال ابن عباس رضي الله عنهما : إن علياً رضي الله عنه قال : تزوجت فاطمة رضي الله عنها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعطها شيئا . قال عليّ : قلت : ما عندي من شيء ! قال : فأين درعك الحطمية ؟ قلت : هي عندي . قال : فأعطها إياه . رواه أبو داود والنسائي .
هذا وهي سيدة نساء العالمين ، فكيف بمن دونها ؟!إن عقلاء القوم اليوم يمهرون النساء العاقلات خمسين ألف تزيد أو تنقص !لكم أن تتصوّروا أن امرأة عاقلة لا يكفي لتجهيزها أقل من هذا المبلغ !هذا ونحن نتحدّث عن العقلاء ، أما المجانين ، أصحاب المئين أو الملايين فليس الحديث عنهم !
إن غلاء المهور أمر واقع ، وواقع ملموس ، وظاهرة مُشاهدة، ولسنا نتحدّث عن واقعة عين ، أو عن حالات شاذّة، بل إننا نتحدّث عن ظاهرة منتشرة متفشية
وعلى الأقل في بعض دول الخليج
توجد المغالاة بالصّداق
والمباهاة بالمهور
ولا أدلّ على ذلك من قول بعضهم : لن تكون ابنة فلان أحسن من ابنتنا ! ولن يكون فلان - زوج فلانة – أحسن حالاً مِنّـا. هذا إذا لم تُقم الأعراس في الفنادق والصالات الفارهة، مع ما يُصاحب ذلك من بذخ وسرف ، ورياء وسمعة
لقد كانت الصّديقة بنت الصّديق تلعب مع البُنيّات ، ثم نوديت فأُصلِح شأنها !
تقول عائشة رضي الله عنها : أتتني أمي أم رومان ، وإني لفي أرجوحة ! ومعي صواحب لي ، فصرخت بي ، فأتيتها ، لا أدري ما تريد بي ، فأخذت بيدي حتى أوقفتني على باب الدار ، وإني لأنهج حتى سكن بعض نفسي ، ثم أخذت شيئا من ماء ، فمسحت به وجهي ورأسي ، ثم أدخلتني الدار ، فإذا نسوة من الأنصار في البيت ، فقلن : على الخير والبركة ، وعلى خير طائر ، فأسلمتني إليهن ، فأصلحن من شأني ، فلم يرعني إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى ، فأسلمتني إليه ، وأنا يومئذ بنت تسع سنين . رواه البخاري ومسلم .
أرأيتم كيف كان تجهيز الصّدّيقة بنت الصّديق ؟
كيف كان تجهيزها وهي تُـزفّ لسيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام ؟
مُسح وجهها ورأسها بمـاء !
ثم أُصلِح شأنها
لقد أُصلح شأنها في لحظات !
ولو نظرنا نظرة سريعة لبعض تجهيز العرائس اليوم لرأينا ما يندى له الجبين
تكاليف في التجهيز
وتكاليف في الملابس
وتكاليف باهضة في الذّهب
وتكاليف في قصور الأفراح والفنادق
وتكاليف فيما تُعطاه الأم وفيما يُخصص للأب
هذا إن لم تصل الضريبة إلى الإخوة والأخوات !
وتكاليف في إعداد أطعمة لو وُزّعت – أحياناً – على بعض مخيمات اللاجئين لأصيبوا بالتخمة !
حتى قيل في حق مِن بالغ في المهر :
بضع الفتاة بألف ألف كاملٍ *** وتبيت سادات الجيوش جياعا
أين هذا من إصلاح شأن عائشة رضي الله عنها ، وهي تُزفّ لسيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام ؟
أين تلك الأطعمة والولائم مما كان يُصنع في زواج النبي صلى الله عليه وسلم ؟
حدّث أنس رضي الله عنه فقال : أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بين خيبر والمدينة ثلاثا يبني بصفية بنت حيي . قال : فدعوت المسلمين إلى وليمته ، فما كان فيها من خبز ولا لحم ، أمَرَ بالأنطاع فأُلقي عليها من التمر والأقط والسمن ، فكانت وليمته . رواه النسائي في الكبرى .
وفي رواية في الصحيحين قال :
ثم دفعها – يعني صفية - إلى أمي فقال : أصلحيها . قال : ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر حتى إذا جعلها في ظهره نزل ثم ضرب عليها القبة ، فلما أصبح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان عنده فضل زاد فليأتنا به . قال : فجعل الرجل يجيء بفضل التمر وفضل السويق حتى جعلوا من ذلك سواداً حيسا ، فجعلوا يأكلون من ذلك الحيس ، ويشربون من حياض إلى جنبهم من ماء السماء . قال أنس : فكانت تلك وليمة رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها .
وأنكر النبي صلى الله عليه وسلم على مَن بالغ في الصداق وهو لا يجد شيئا
فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني تزوجت امرأة من الأنصار ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : هل نظرت إليها ، فإن في عيون الأنصار شيئا ؟ قال : قد نظرت إليها . قال : على كم تزوجتها ؟ قال : على أربع أواق . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : على أربع أواق ! كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل ! ما عندنا ما نعطيك ، ولكن عسى أن نبعثك في بعث تصيب منه . فبعث بعثاً إلى بني عبس بعث ذلك الرجل فيهم . رواه مسلم .
واليوم كم هي الدّيون التي يتحملها بعض شبابنا لتغطية نفقات الزواج ؟
فهو بين نارين وبين خيارين أحلاهما مُـرّ
إما أن يبقى دون زواج
وإما أن يستدين
وربما بقي في سداد ديون زواجه السنوات الطوال
حتى يقول بعضهم : بلغ ابني من العمر ثلاثة عشر عاماً وأنا أُسدد الديون !
فأي حياة تلك التي يعيشها ، وهو يرى زوجته هي مصدر شقاوته ؟!
أما إنها لو رضيت باليسير لكان ذلك أولى لها
ولكان خيراً وأفضل لها
فـ " خير الصداق أيسره " كما عند الحاكم عنه عليه الصلاة والسلام .
وفي رواية : خير النكاح أيسره . رواه أبو داود .
ومِن هنا فإن كثيراً من الناس يشكون من سوء العلاقات الزوجية ، ويشكون من كثرة الخلافات الزوجية .
وتُذهل العقلاء نسب وأرقام وإحصائيات الطلاق .
وغلاء المهور سبب من عدّة أسباب .
ويحلل الدكتور إبراهيم الجوير أستاذ علم الاجتماع في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض الظاهرة بقوله : أن ذلك عائد لجملة من العوامل الاجتماعية والاقتصادية التي أسهمت بذلك، مشيرا إلى أنه قد أجرى دراسة بحثية حول ذلك وتبين أن 54% من الشباب الجامعي يرى أن مواصلة تعليمه الجامعي تقف عائقا أمام الزواج أثناء الدراسة الجامعية ، وأن النسبة العظمى من الشباب يفضلون مواصلة تعليمهم الجامعي على الزواج .
وأضاف الدكتور الجوير أن ما يقارب من 60 % من الجامعيين يرون أن المغالاة في تكاليف الزواج هي العائق الرئيس أمام زواجهم، مشيرا أنه وبحسب الدراسة التي قام بها فان 85% من الذين شملهم الاستطلاع اعتبروا أن المسؤوليات المترتبة على الزواج تعد العائق الرئيس أمام زواجهم، وأن غلاء المهور يعد أيضا من بين العوائق الأخرى لتأخير الزواج بحسب 75% من هؤلاء.
وأفاد 44% من الجامعيين بأن قلة دخل أسرهم تؤثر على عزوفهم عن الزواج المبكر، فيحين اعتبر 18% من الجامعيين أن عدم توفر السكن الملائم هو أحد الأسباب الرئيسة لتأخر الزواج نظرا لرغبتهم في الاستقلال بالسكن عن أسرهم .
[ هذه الدراسة منقولة عن منتدى عالم بلا مشكلات ]
ولعل الأخوة والأخوات يُدلون بآرائهم في هذه القضية الهامة ولا يكتفون بمرور الكرام !
كتبه
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم