عشرة وصايا لمن أصبحت زوجة§¤°~®~°¤§
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
عندما تسمع الفتاة بأن هناك من جاء ليخطبها ، ويستشيرها أهلها في أمر الخطبة .. تدخل الفتاة حينها في عالم آخر ، وترى نفسها على أعتاب مهنة الحياة وصناعة الجيل .
إن هذه الحياة الجديدة تتطلب نظراً واسعاً ومراجعة شاملة لجوانب الحياة السابقة والقادمة .
ومن هنا وجدتُني كاتباً هذه الخلجات إلى أختي التي وقفت على أعتاب الزواج ..
نعم .. حديثي إلى الفتاة خاصة .. إلى الزوجة .. فآمل أن لا يُظَنَّ بأني أحمِّل المرأة كل شيء ، بل أريد هنا أن أقف معها على ما يهمها هي..هي وحدها دون غيرها . أما الحديث عن الزوج وما يجب عليه فهذا له شأن آخر .
نعم ..هذه خلجات أبثها لك أختي الكريمة ، وأسأل الله تعالى أن ينفعك بها ، كما أسأله تعالى أن يبارك لك في مستقبل عمرك ، وأن يجعل أيامك عامرة بالخير والمسرات ، وأن يجنبك الشرور والآثام ..
أقول أختي الفاضلة :
أول تلك الخلجات :
هذه الحياة مجال للعبادة ، في كل صورها وأشكالها ، والمرء متقلب فيها ما بين طاعة يزاولها ومعصية يمتنع عنها .
وحتى ما يفعله من باب الجبلة هو من باب الطاعة ؛ إذا احتسبه ؛ كالنوم والأكل وغيره ..
والزواج من أجلِّ العبادات .
نعم أختي الكريمة .. الزواج عبادة ،، عبادة يتقلب فيها الزوجان ، فالنفقة التي ينفقها الزوج على زوجه وعياله عبادة يؤجر عليها ، وتعبه في سبيل تحصيل عيش كريم لهم عبادة يؤجر عليها ، والزوجة حينما تعتني بنفسها وزوجها وبيتها وأولادها هي في عبادة ... بل حتى ما يقع بين الزوجين من أمور خاصة هي عبادة يؤجران عليها ، ((وفي بضع أحدكم صدقة)) .
لعل كثيرين منا يغفلون عن هذا المعنى ، ويغيب عنهم ذلك ، والأعمال بالنيات .. ومن هنا أقول : الزواج عبادة ، لا بد فيها من استشعار المسؤولية وحسن المعاشرة والطاعة في المعروف .
ثانيها :
هذه العبادة العظيمة هي في ذاتها نعمة .
فقد بلغكِ الله تعالى من العمر والفهم والإدراك والصحة ما يجعلك زوجة ومن ثَمَّ أماً ومسؤولة عن زوج وبيت وأولاد ..
هذه النعمة العظيمة تستحق الشكر ، وبالشكر تدوم النعم .
وتأملي معي ما تقوم به بعض الفتيات -هداهن الله- في أعراسهن من أمور منكرة :
فبعد البذخ والتبذير الذي يكون به الإنسان أخا عدوه الشيطان ! ،
انظري إلى منكرات الزينة ؛ من نمص وفلج وتبريد الأسنان ووصل للشعر !! ،
وانظري إلى منكرات اللباس ؛ من ملابس فاضحة وضيقة !! ،
وانظري إلى دخول الزوج على زوجته أمام جمع النساء !! ،
وانظري إلى الغناء المحرم والموسيقى !! ،
وانظري إلى ألوان التشبه بالكفار ؛ من جر ذيل العروس كبراً وخيلاء -
وجر الثوب خيلاء من المنكرات العظيمة المتوعد بها- ، وكذا الشموع وغيرها !! ..
ومن ثم السفر إلى بلاد الكفر أو إلى بلاد منفتحة مجترئة على حدود الله .. وما يجر هذا من تساهل في الحجاب ورقة في الدين وعدم التزام بالأوامر الشرعية!! مع أن مجرد السفر إلى تلك البلاد فيه ما فيه من البلاء على النفس والدين ...
هذا الأمور وغيرها من أبواب الشر والفساد التي يروج لها من لا خلاق له ،
ومن يريد إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا ..هل هي من باب شكر نعمة الله ؟!!
أو هل نقابل نعمة الله تعالى علينا بالجحود والكفر ؟!! ..
بل هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ؟!!
و أي بركة نرجوها من الله لهذا العرس وللعلاقة بين الزوجين وقد قابلنا نعمته بمثل هذه المنكرات ؟!!
تأملي أختي .. عندما تبدأ حياة الفتاة بمثل هذا فكيف تكون الخاتمة؟!!
إنها وقفة للتأمل ..
إن كل فتاة تريد أن تبدأ وتستمر حياتها الأسرية مليئة بالسعادة والاطمئنان ودوام الراحة في نفسها وأسرتها .. ولن يكون لها ذلك وهي تسعى لجلب الشر لنفسها وأسرتها بمبارزة الله بمعاصيه!!
فيامن أزمعتِ على شيء من هذا! إياك ثم إياك وأن تقابلي نعم الله تعالى بالجحود ؛ فإن ما عند الله لا ينال بمعصيته ..
ثالثها :
الزواج ليس بالأمر السهل ؛ لأنه ارتباط بين اثنين برباط وثيق ، سماه الله تعالى (ميثاقاً غليظاً) ، يلتزم كل واحد من الزوجين بما يجب عليه من واجبات تجاه الآخر ..
ومن هنا فلا بد لك أختي من معرفة ما يجب لك من حقوق وما عليك من واجبات ؛
لأجل أن تضعي قدمك على أول طريق زواجك ثابتة مطمئنة ..
رابعها :
الزواج رباط بين اثنين ، ومن ورائهما عائلتان ترتبطان برباطهما ، ومن هنا فلا بد لكِ من معرفة حق والدي زوجك وأرحامه عليك ..
خامسها :
قلت لك : بأن الزواج ارتباط وعلاقة ووشيجة .. وبداية لحياة ممتدة مع شخص ستكونين معه كالروح الواحدة في الجسد الواحد ... فاحرصي أختي قبل اتخاذ قرارك بالموافقة من عدمها أن تتأملي حالك بعد الزواج ، وليكن سؤالك عن دين الشاب وخلقه قبل منصبه ووسامته ومركزه الاجتماعي والطبقي ..
انظري في صلاح الشاب في نفسه وعلاقته مع ربه ، وانظري في أخلاقه مع نفسه ومن حوله.. وهل جمع أصول الأخلاق الحميدة : من عفة وحياء وكرم وغيرة وعشرة بالمعروف؟..
نعم .. لن يكمل الإنسان ، ولكن هناك من الأمور ما لا يمكن التنازل عنها ..
سادساً:
لن تسلم الحياة من الكدر .. والمرأة الصالحة الناجحة هي التي تتعرف على مفاتيح قلب زوجها فتسعده بطاعة الله تعالى ، ولها بذلك الأجر والمثوبة . وتأملي قصة الأعرابية حينما أوصت ابنتها بأبلغ وصية فقالت فيما قالت : (كوني له أمة يكن لك عبداً)!! .
سابعاً:
إن الحياة جُبلت على الكدر والضيق ، ولكن الجوانب المضيئة فيها أكبر -بحمد الله- من الجوانب السيئة .. ومتى ما رأيتِ خصلة سيئة في زوجك أو في حياتك تذكري لحيظات السعادة ما بينكما ، وتذكري جوانب شخصيته المضيئة ..
نعم .. لا تجعلي للشيطان إلى حياتك سبيلاً .. ولا تنظري إلى حياتك من زاوية واحدة ، بل وسعي مداركك لتنظري إلى حياتك الأسرية نظرة شاملة تغلب المصلحة على المفسدة ، وتجلب الخير وتدفع الشر ، وترتكب أقل الضررين لدفع أعلاهما ..
ثامنها :
إن من أهم ما يجعل الحياة بين الزوجين مستقرة -بعد توفيق الله تعالى والاجتماع على طاعته- الصراحةَ والوضوح بين الزوجين .
و الصراحة والوضوح لا تعني قلة الحياء وصفاقة الوجه وعدم الإحساس بمشاعر الآخر .. بل هي على النقيض من ذلك .
إن سر الحياة الهانئة التفاهم بين الزوجين ، ولا يكون التفاهم ما لم تكن الحياة بينهما قائمة على الطاعة والارتباط بالله تعالى .. تلك العلاقة التي تجعل كلا الزوجين حريصاً على أن يسعد صاحبه وأن يكون له ظلاً ظليلاً .
تاسعها:
حياتك الزوجية تخصك أنت وزوجك وحدكما .. ومن هنا فلا ينبغي عليكما أن تنشرا ما بينكما مهما صغر إلى غيركما ..
ومن أشد ما يذكر هنا ما يفعله بعض الأزواج ذكوراً وإناثاً مِنْ ذِكْرِ ما بينهم من خصوصيات عند غيرهم ، غير مبالين بحرمة ما يفعلون !! ،
ومن أشده أيضاً إظهار الخلافات والشجار بين الصغار ، أو استغلال الأبوين لأطفالهما ليكونوا في صف أحدهما دون الآخر !! .
قلت لك : بأن الحياة لا بد فيها من منغصات .. وطلب المشورة من الآخرين لا يصار إليه إلا إذا تعذرت الحلول بين الزوجين ، على أن يكون المشير ناصحاً أميناً حافظاً للسر محباً للخير وأن لا يكون طرفاً من أطراف النزاع ...
وأهمس في أذنك أختي : إن كثيراً من المشاكل التي تحدث بين الزوجين قد يريانها قاصمة لحياتهما ولكنها سرعان ما تتبدد وتضمحل أمام الحب الصادق والتفاهم والصراحة ..
عاشرها -
ترددت في ذكره من باب التفاؤل بالخير ، ولكن عزمت على ذكره تبصيراً وتذكيراً وتحذيراً ..
إنه أبغض الحلال ..نعم على الزوجين أن يراعيا حالهما وأن لا يقتربا من كلمة الطلاق ، وأن يحذرا
أسبابها .
والشيطان الرجيم حريص جداً على إيقاعها ، ومع هذا فقد يكون الطلاق علاجاً إذا ما اتضح بعد روية ومراجعة تامة وشاملة أن لا سبيل إلى الحل .
ووضوح الرؤية الشرعية في أمر الطلاق مهم للزوجين ؛ لأنه قد دخلت عادات على هذا الأمر ما أنزل الله بها من سلطان ..
هذا ما أحببت أن أبثه في هذه العجالة وصية وتذكيراً ، وأختم بأن الحياة مليئة بالمسرات والخيرات وأمامك حياة سعيدة فكوني على ثقة بالله تعالى أنه معك ومؤيدك ، وانظري إلي مستقبلك نظرة ملؤها التفاؤل بالنجاح والفلاح والصلاح مع زوج صالح وذرية طيبة مباركة ..
أسأل الله تعالى أن يمن علي وعليك بالتوفيق والخير والفلاح في الدارين . والحمد لله رب العالمين ..
كتبه / الشيخ
ياسر بن عبد العزيز الربيع
المحاضر في جامعة الإمام - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بالأحساء .
yasseraa@islamway.net
منقوووووووووول