بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على قائد المجاهدين سيدنا محمد أما بعد :-
( وَاللَّهِ مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مِثْلَ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعُهُ هَذَا- وأشار يحيى بن سعيد أحد رواة الحديث أشار إلى السبابة- فِي الْيَمِّ، فَلْيَنْظُرْ بِمَا تَرْجِعُ )..., هكذا عرّف النبي ـ صلى الله عليه وسلم هذه الدنيا وهكذا علمها لأصحابه رضي الله عنهم ورضوا عنه ,, وما قاله النبي في حق هذه الدنيا عنكم ببعيد حين قال فيما يرويه عبد الله بن مسعود (مَا لِي وَلِلدُّنْيَا، وَمَا لِلدُّنْيَا وَمَا لِي، إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رَاكِبٍ قَالَ- نام- فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ، ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا.) يقول علماء الرياضيات إن الشيء الذي تقارنه بما لا نهاية يساوي صفرا، فحينما تُحسب حياتك على وجه الأرض مثل من استراح في وقت القيلولة فقط، تحت ظل شجرة في يوم من الأيام، فهذه مبالغة، حياتك أقل من ذلك، فالفترة تساوي صفرا لأنها تقاس إلى ما لا نهاية بيوم القيامة روى مسلم عن جابر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بالسوق والناس كنفته أي الناس
حوله،فمر صلى الله عليه وسلم بجدي أسك ميت.جدي أسك أي صغيرة أذنه، والجدي صغير الأذن جدي معيوب، الناس كانت تعتبره جدي معيوب، لا تشتريه، حتى لو كان حيا.فتناوله صلى الله عليه وسلم، فأخذ بأذنه.أي أمسكه من مكان عيبه، ليقول للصحابة أنه يعرف أنه جدي معيوب.ثم قال:أيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ هَذَا لَهُ بِدِرْهَمٍ؟من يشترى هذا الجدي المعيوب الميت بدرهم؟فقال الصحابة: ما نحب أنه لنا بشيء، وما نصنع به؟ولو أخذناه ماذا نفعل به؟ ثم قال صلى الله عليه وسلم:َتُحِبُّونَ أَنَّهُ لَكُمْ مِنْ غَيْرِ ثَمَنٍ؟قالوا: والله لو كان حيا لكان عيبا.إنه أسك فكيف وهو ميت؟يظنون أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعرف عيبه، فهم يوضحون له الرؤيا، والرسول يعرف أن الجدي أسك، وهو يمسك أذنه، ويعرف أنه ميت وواضح لهم هذا الأمر فقال صلى الله عليه وسلم ليوضح لهم قيمة الدنيا، فقال صلى الله عليه وسلم:وَاللَّهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ هَذَا عَلَيْكُمْ.سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، مَا سَقَى مِنْهَا كَافِرًا شَرْبَةَ مَاءٍ يا الله لهذه الدرجة تفاهة الدنيا واسمع هذا النموذج من حياة المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح رضي
الله عنه وأرضاه إلى البحرين؛ ليأتي بالجزية، والبحرين هي شرق الجزيرة، وليست البحرين هي مملكة البحرين الآن، هي المنطقة التي كانت في شرق الجزيرة العربية، كان يعيش فيها مجوس، وكانوا يدفعون الجزية لرسول الله صلى الله عليه وسلم, أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه ذهب إلى هناك، وأتى بالجزية، وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمع الأنصار بقدوم أبو عبيدة، فوافت صلاة الصبح مع النبي صلى الله عليه وسلم.المدينة المنورة لها ضواح كثيرة، وكل ضاحية فيها مسجد يصلي فيه الناس لبعدهم عن المدينة المنورة، وعن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو في وسط المدينة المنورة، فهم لا يصلون مع النبي صلى الله عليه وسلم الصلوات العادية، كالصبح، والعشاء، كانوا يصلوها في المساجد التي بجوارهم، لكنهم يحضروا في الأمور الجامعة، يأتون في صلاة الجمعة, في صلاة العيد, للاستنفار, لأمر ما، فسمعوا بقدوم أبو عبيدة، فوافت الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم، حضروا في صلاة الصبح في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما صلى بهم الفجر انصرف، فتعرضوا له، والرسول صلى الله عليه وسلم خارج من صلاة الصبح، رأى أناس من ضواحي المدينة ممن لم يتعودوا أن يصلوا الصبح مع الرسول صلى الله عليه وسلم، فالرسول صلى الله عليه وسلم يعرف ما أقدم هؤلاء؛ لأنهم سمعوا أن هناك أموالا
كثيرة جاءت من البحرين للمدينة، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رآهم، وقال:أَظُنُّكُمْ قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَدْ جَاءَ بِشَيْءٍ.قالوا: أجل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم.فقال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم في رأفة ورحمة:فابشروا، وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ.لكن في نفس الوقت أراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعطيهم درسًا تربويًا في غاية الأهمية، يستغل الفرصة صلى الله عليه وسلم، الأول ابتسم لهم، وقال لهم أبشروا وأملوا، ثم أعطاهم الدرس، فقال صلى الله عليه وسلم: فَوَاللَّهِ.ويقسم أيضًا، ومعظم تحدثه عن
الدنيا، ومعظم التحذير من الدنيا الرسول صلى الله عليه وسلم يقسم فيه، لأنه يعرف أن الناس كلها تريد الدنيا، فيقسم لهم أن الدنيا لا تساوي شيئًا، يقول
لهم:فَوَاللَّهِ لَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا.ما أخاف منه عليكم الدنيا، لو ظللتم فقراء لن أخاف عليكم، لكن أخاف عليكم من الأموال، أخاف عليكم من الدنيا، فَوَاللَّهِ لَا الْفَقْرَ أَخْشَي عَلَيْكُمْ، وَلَكِنْ أَخْشَي عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، فَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ ... من هنا الدنيا كل يوم تمر به علينا تعلن زوالها لذى وجب على المؤمن ان يعلن أيضا تفاهتها وان يقبل على من هي خير وأبقى وهل خير وأبقى من الآخرة ؟؟؟؟؟؟
هذا والحمد لله واثني صلاتي على مولاي رسول الله ....
بقلم أبوصهيب
غفر الله له