وأما قولك ( أنك لاحظت أنَّ مرضى الذهان يخلطون في كل شئ باستثناء الأغاني فإنها تظل في ذاكرتهم ويرددونها على الرغم من إصابتهم بالذهان) فأقول واعجبي منك المفترض أن ذلك يُبكيك ولا يُفرحك لأن مرضى الذهان شبه مجانين إن لم يكونوا مجانين وهو مرفوع عنهم القلم في مثل هذه الحال شرعاً ولا يعاقبون على ما يصدر منهم ولكن سيعاقب من علَّمهم تلك الأغاني في صحوهم لأنهم تربوا على أيديكم وأغانيكم وكلٌ يهرف بما يعرف ، ولله الحمد رأينا أناساً مجانين بالكلية لمَّا تربوا في بيئة محافظة وصلاح وتلاوة قرآن كان هذيانهم بآيات القرآن ، بل سجلت أدنى نسب الإصابة بالأمراض النفسية في الشريحة الذين استقاموا على الدين سلوكاً ومنهجاً وهذه حقيقة لا يستطيع المستشفي المضيف لك أن ينكرها.
وأما قولك أنك ترى ( أنَّ الفنَّ ذات طبيعة وسطية ) فأقول هذا من تلبيس إبليس عليك فمتى كان الغناء وسطاً بل هو الانحراف في الفطرة لأن الله ما خلقك يا أبا نورة لتغني فتكون وسطاً حيث قال الله تعالى ﴿ وما خلقت الجنَّ والإنس إلا ليعبدون ﴾ الذاريات: ٥٦ لكن اجتالتك شياطين الإنس الذين علموك الغناء وسيبؤون بإثمك ، إلا إذا كنت ترى أن الغناء عبادة يُتقرب إلى الله بها وأعيذك من ذلك.
وأما المضحك المبكي فهو قولك ( أنك تقصد الفنَّ الهادف ) أي هدف أسمى رأيته في غنائك؟ وماذا جنيت لآخرتك منه ؟ وماذا نفعت أمتك به ؟ إن غناءك وأمثالك لا يتعدى العتاب واللوم والشجون ووصف القدود والخدود والشعور ، يهذي الشعراء بأحاسيس الحب والغرام والعشق والهيام وأنتم تُرقِّصون الأمة عليها.
أيها المطربون إن قضايا الأمة المصيرية تُقضى وأنتم بآهاتكم ترددون ، بل الأمة تُغزى وتُضرب مطاراتها وقواعدها العسكرية وزميلتكم في المهنة كوكب شرقكم تُغني الضباط الأشاوس في ليلة حمراء وحلت بالمسلمين هزيمةٌ ما أنستها السنون.
ألم يكفكم ما حلَّ بالأمة من فنكم اتقوا الله وتوبوا وارجعوا إلى الله وأنيبوا وإني أدعوكم _ بقلب أخٍ يريد لكم النجاة قبل حلول الأجل _ أن تقدموا إلى الله ولا تخافوا الضيعة فعلى الله رزقكم ﴿ وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كلٌ في كتابٍ مبينٍ ﴾ هود: ٦ .
ولا تخافوا ذنوبكم فالله قد وعدكم ﴿ قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إنَّ الله يغفر الذنوب جميعاً إنَّه هو الغفور الرحيم ﴾ الزمر: ٥٣
وتذكروا أن جماهيركم سراب عند المحنة أو الأجل يتخلون ولا ينزل قبوركم إلا أعمالكم فنوروا قبوركم بطاعة مولاكم فهو خيرٌ لكم ، قد بلغت جهدي ما استطعت وما حالي معكم إلا شبيه بحال نبي الله شعيبٌ ﴿ قال ياقوم أرءيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقاً حسناً وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إنْ أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب ﴾ هود: ٨٨
وصلى الله وسلم على رسول الله وآله وصحبه.
صيـد الفـوائد